Atwasat

من الدببة إلى المياه الجوفية.. «الملوّثات الأبدية» خطر بيئي جسيم

القاهرة - بوابة الوسط الخميس 04 أبريل 2024, 05:55 مساء
WTV_Frequency

باتت الفاعلات بالسطح الفلورية المعروفة بـ«الملوّثات الأبدية»، تشكّل خطراً بيئياً جسيماً، إذ يمتد تأثيرها الملوّث من المياه الجوفية إلى ثلوج القطب الجنوبي مروراً ببيض السلاحف، فيما يتنامى القلق بشأن سميتها المحتملة. 

تتزايد الدعاوى القضائية والضوابط التنظيمية التي تستهدف هذه المركّبات المعروفة بالـ«بولي فلورو ألكيل»، وقد أصبحت فرنسا أحدث دولة تفكر في فرض قيود جديدة صارمة على هذه المواد الكيميائية الطويلة الأمد، التي لم تكن موجودة قبل قرن،  وفقا لوكالة «فرانس برس».

ويُقدّم الخميس نائب فرنسي مشروع قانون لمعالجة ما يسميه «الطوارئ الصحية» التي يفرضها التعرض لهذه «الملوّثات الأبدية» في البيئة.

وتُستخدم هذه المواد على نطاق واسع في الحياة اليومية، وهي صلبة للغاية، وبطيئة جداً في التحلل، وقد رُصدت في المياه والهواء والأسماك والتربة في أقصى أقاصي الأرض.

وقال المتخصص في التلوث البيئي في معهد الأبحاث الفرنسي لعلوم المحيطات (IFREMER) يان أمينو «لم يفلت أي نظام بيئي» من هذه الملوّثات.

«كارثة» في أستراليا.. أرصدة ائتمان كربوني مشكوك في صحتها
زراعة الأشجار في الأماكن الخطأ قد تفاقم الاحترار المناخي
الطبيعة بيئة للتعلّم في بلجيكا بسبب المدارس الخارجية

وهو أمضى ست سنوات في فحص سمك التونة من المحيطين الهندي والهادئ، وكبد الدلافين من خليج بسكاي، وعينات من مزارع المحار الفرنسية.

وقال الباحث لوكالة فرانس برس «لا أعتقد أنني رأيت عينة واحدة خالية من الملوثات المشبعة بالفلور».

مشكلة خاصة بالمحيطات
وقد طُوّرت هذه الجزيئات - وأشهرها تلك التي أدت إلى ظهور مادة التفلون غير اللاصقة - بعد الحرب العالمية الثانية لمنح التغليف والدهانات والطلاءات مقاومة استثنائية للماء أو الحرارة.

وأوضح أمينو أن هذه النوعية بالذات تمثل مشكلة خاصة للمحيطات.

وقال «كونها مركّبات عنيدة- أي أنها لا تتحلل وقادرة على التحرك- ينتهي بها الأمر في البيئة البحرية، التي تكون دائما في نهاية المطاف وعاء للتلوث».

وقالت دراسة نشرتها في يناير الماضي الجمعية الكيميائية الأميركية، وهي منظمة علمية غير ربحية، إنه جرى اكتشاف ملوثات (PFAS) في المحيط المتجمد الشمالي على عمق 914 متراً.

وقد فحص معهد الأبحاث الفرنسي لعلوم المحيطات أخيراً النظام الغذائي لاثنين من الأسماك - قاروص البحر وسمك موسى - في مصب نهر السين في فرنسا واكتشف أن الفاعلات بالأسطح الفلورية (PFAS) منتشرة في جميع أنحاء السلسلة الغذائية.

وثبت وجود «الملوّثات الأبدية» على طول السلسلة، بدءاً من العوالق الحيوانية الصغيرة التي تأكلها المحار، والتي تستهلكها الأسماك الأصغر حجماً وفي النهاية الحيوانات المفترسة الأكبر حجماً.

وأثبتت دراسة أجريت العام 2022 في أستراليا انتقال مركّبات (PFAS) من إناث السلاحف إلى نسلها حتى قبل الولادة، بينما وجدت أبحاث أخرى آثاراً لهذه المواد الملوّثة في كبد الدب القطبي والطيور والفقمات وحيوانات أخرى.

وقد أظهرت مجموعة واسعة من الأبحاث العلمية مدى انتشار الفاعلات بالسطح الفلورية في الطبيعة، ولكن كان من الصعب تحديد الأضرار المحتملة على البشر والكوكب بشكل نهائي.

قبل أكثر من 20 عاماً، خلصت دراسة أجريت في الولايات المتحدة إلى أنه بمجرد دخول «الملوّثات الأبدية» إلى الجسم، قد تكون قادرة على الوصول إلى دماغ الفقاريات والتأثير على الجهاز العصبي.

 آثار صحية خطرة على البشر والحيوانات
وقد أظهرت الدراسات منذ ذلك الحين أن التعرض لبعض مركّبات (PFAS) (وعددها يفوق أربعة آلاف)، قد تكون له آثار صحية خطرة على البشر والحيوانات.

ويثير الموضوع قلقاً متزايداً، إذ طلب عالم البيئة الفرنسي النائب نيكولا تييري من المشرعين حظر الفاعلات بالسطح الفلورية اعتباراً من العام 2025 إذا كانت هناك بدائل لها.

ويدرس الاتحاد الأوروبي فرض حظر شامل على مستوى أوروبا على هذه المركّبات اعتباراً من العام 2026، بينما ستحظر نيوزيلندا استخدامها في مستحضرات التجميل بحلول العام 2027.

ومطلع الشهر الجاري، وافقت محكمة أميركية على تسوية قضائية قبلت فيها شركة «ثري ام» (3M) بدفع مليارات الدولارات بسبب استخدامها «الملوثات الأبدية» في إمدادات المياه العامة.

وفي فبراير، أشارت هيئات ناظمة أميركية إلى إن المواد التي تحتوي على مركّبات الـ(PFAS) لن تُستخدم في تعبئة الفشار المخصص لأفران الميكروويف أو الأطعمة الدهنية الأخرى.

وقال أمينو إن تحديد الأضرار المحتملة طويلة المدى للتعرض لهذه «الملوّثات الأبدية» أمر صعب عند النظر في مثل هذا الخليط من المواد الكيميائية، والتي ترتبط في كثير من الأحيان بأسرار صناعية.

وأشار إلى أن ما يعرفه العلماء «ليس سوى قمة جبل الجليد».

وأوضح الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي بيار لابادي أن فحص المجموعة الكاملة للمواد الكيميائية أمر بالغ الأهمية لفهم تأثيرها على الطبيعة بشكل أفضل.

وقال «لا يتعرض الكائن البري أبداً لمادة واحدة من الفاعلات بالسطح الفلورية، بل لخلطة» من هذه المركّبات.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
الأمم المتحدة: ظهور مجموعة جديدة من المخدرات الصناعية أقوى من الفنتانيل «الفتاك»
الأمم المتحدة: ظهور مجموعة جديدة من المخدرات الصناعية أقوى من ...
وفاة أربعة أشخاص خلال تسلق جبل فوجي الياباني قبل أيام من إطلاق الموسم
وفاة أربعة أشخاص خلال تسلق جبل فوجي الياباني قبل أيام من إطلاق ...
ذوبان الجليد يكشف عن جثث مئات لقوا مصيرهم أثناء تسلق جبل إيفرست
ذوبان الجليد يكشف عن جثث مئات لقوا مصيرهم أثناء تسلق جبل إيفرست
القبض على شخص للعبث بـتمثال «ناقة» في السعودية
القبض على شخص للعبث بـتمثال «ناقة» في السعودية
القط لاري يستعد للتعايش مع رئيس وزراء بريطاني جديد
القط لاري يستعد للتعايش مع رئيس وزراء بريطاني جديد
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم