Atwasat

«أكشاك العلاج» بديلة للأدوية المكلفة في أفريقيا الوسطى

القاهرة - بوابة الوسط الإثنين 17 أبريل 2023, 12:02 صباحا
WTV_Frequency

تنتشر في شوارع عاصمة أفريقيا الوسطى أكشاك بدائية وعشوائية تبيع الأدوية، ويقصدها المواطنون الذين يجدون صعوبة في ارتياد المستشفيات والصيدليات المكلفة، في خطوة تبدو محفوفة بالمخاطر الصحيّة، لكنها تبقى الخير الوحيد أمام العائلات الفقيرة.

تقرير لوكالة «فرانس برس» سلط الضوء على تلك الظاهرة، التي تُعتبر غير قانونية لكنها مهمة لأفقر سكان هذا البلد الواقع في وسط أفريقيا، وهو ثاني أقل الدول نموًا في العالم، بحسب الأمم المتحدة، فيما يواجه حربًا أهلية منذ عشر سنوات. إلا أن انتشار هذه الصيدليات يتسبب بنتائج سلبية، أبرزها بيع الأدوية ذات النوعية الرديئة أو تلك المغشوشة، وزيادة مقاومة المضادات الحيوية، بالإضافة إلى ممارسة الطب بصورة غير قانونية.

واحد من المشاهد المكررة يوميا تنتظر «ياغينا نيسلي» دورها لتشتري أدويتها من كشك معدني مطلي بالأبيض والأخضر، هو من بين صيدليات مماثلة كثيرة في عاصمة جمهورية إفريقيا الوسطى، تتيح لها السلطات العمل راهنًا مع أنها غير قانونية.

- أفريقيا الوسطى.. أزمة غذائية كبرى في ظل انعدام الأمن

المحظوظون وحدهم قادرون على استشارة طبيب
تقول الشابة البالغة 23 سنة «أشتري أدويتي من هنا؛ لأنّ المحظوظين وحدهم قادرون على استشارة طبيب في المستشفى.. أفضل اللجوء إلى (أطباء) الحي»، في إشارة إلى أصحاب هذه الصيدليات.

وتشير في حديثها لوكالة «فرانس برس»، إلى أن اللجوء إلى هذه الأماكن يمثل «خطوة أسرع وأقل تكلفة» من ارتياد الصيدليات الشرعية أو المستشفيات.

بدوره، يبيع ستيفن ليوسو بيفارا بيمبه (33 عامًا) للشابة أقراصًا تخفف من آلام المعدة. ويشير وهو يضع سماعة طبية حول عنقه ويرتدي رداء أبيض، إلى أنه عجز عن إكمال تخصصه في الطب لنقص المال، وبات يعمل طيلة أيام الأسبوع في هذه الصيدلية المزينة برسومات تظهر كبسولات صفراء. ويذكر شعار كُتب بأحرف بيضاء أنّ «الصحة فوق كل اعتبار».

وفي ظل عدم وجود إحصاء رسمي لعدد الصيدليات، أحصت وكالة «فرانس برس» عشرات منها في شارع دو فرانس الذي يشكل أحد الطرق الرئيسة في حي فقير. ويومياً، تتشكل أمام هذه الصيدليات الصغيرة طوابير طويلة خصوصاً في آخر النهار.

نصف سكان أفريقيا الوسطى يحتاجون لمساعدات طبيعة
والرعاية الصحية مُتاحة لعدد محدود من سكان أفريقيا الوسطى التي تواجه نقصًا مزمنًا في عدد العاملين الصحيين المؤهلين والمعدات والأدوية. ويتلقى النظام الصحي في هذا البلد مساعدات دولية، فيما تتولى منظمات إنسانية توفير نحو 70% من الخدمات الطبية، في وقت يحتاج فيه 2.7 مليون شخص، أي نصف السكان، إلى مساعدة على المستوى الصحي، على ما تظهر أرقام تقديرية صدرت عام 2022 عن الأمم المتحدة.

في حي آخر، يتنقل أنطوان بيسا (39 عامًا)، وهو طالب يتخصص في التمريض، بين أرفف متجره «بيبي فارما» التي تعج بالأدوية. ويشير بيسا إلى أنه يستقبل يوميًا نحو 100 مريض يحتاجون إلى حقن أو أدوية، وهو يوفر خدماته حتى الساعة الحادية عشرة مساءً. ويمثل هذا النشاط مصدر الدخل الوحيد له، كي يعيل عائلته المؤلفة من أربعة أبناء.

ومعظم من يرتاد صيدليته يكونون بحاجة لأدوية مضادة للملاريا أو الحمى أو الطفيليات أو لإسعافات أولية، على حد قوله.

استشارات مجانية وأدوية بأسعار أرخص من السوق
كذلك، يوفر استشارات مجانية وأدوية بأسعار أرخص من السوق. ويقول «لكن في حال كان وضع المريض خطرًا فننصحه بالتوجه إلى المستشفى لتلقي علاج أنسب».

أما جيل دوي، فيرتاد المكان لشراء أدوية من شأنها تخفيف آلام في العضلات. ويقول الموظف البالغ 35 عامًا وهو ينتظر دوره «لي ثلاثة أبناء ولا يتيح لي راتبي دفع ثمن الأدوية الموجودة في الصيدليات»، مشيرًا إلى أنه يفضل شراء عدد محدد من الأقراص بدلاً من علبة دواء كاملة.

ويقول ستيفن ليوسو بيفارا بيمبه «نبيع الأدوية بالكميات التي تناسب إمكانيات الناس». وعلى سبيل المثال، يبيع علبة من «فوجالين» لقاء 500 فرنك أفريقي (8,33 دولارات)، بينما يبلغ سعرها في الصيدليات الشرعية 7000 فرنك (11,66 دولاراً). ويشير إلى أنه يتلقى الأدوية من الكاميرون والكونغو وفرنسا، من دون أن يكون مسجلاً لدى السلطات أو حيازة تصريح يخوّله ممارسة هذا النشاط.

ويقول مدير قسم الصيدلة والطب في وزارة الصحة روموالد أويفيو «لا نتعامل مع الصيدليات الصغيرة"، معتبرا أنها تمثل «قطاعًا غير قانوني وتشجع على انتشار الأدوية ذات النوعية الرديئة أو المغشوشة». ويشير إلى أن بيع هذه الصيدليات الأدوية بصورة عشوائية من شأنه أن يزيد من «مقاومة السكان للمضادات الحيوية».

ويتابع حديثه لوكالة «فرانس برس»: «نعتزم التشاور مع مالكي هذه الصيدليات في غضون بضعة أشهر، لحضّهم على التحول نحو أنشطة أخرى»، في خطوة أولى قبل منعهم عن العمل بصورة تامة.

ويؤكد جول داويلي العامل في أحد مختبرات بانغي، تسجيل حالات مقاومة للمضادات الحيوية وتحديداً للأموكسيسيلين المعالج للبكتيريا، والدوكسيسيكلين للوقاية من الملاريا. ولكنه لا يؤيد ضبط عمل الصيدليات بصورة تامة من السلطات.

أكثر من 20 صيدلية صغيرة في الحي الواحد
ويضيف إنّ بعض أصحاب هذه الصيدليات أكفاء، مشيرًا إلى أن السلطات يمكنها تحديدهم وإخضاعهم لاختبارات وتدريبات من أجل مساعدة العاملين الصحيين. ويعتبر ستيفن ليوسو بيفارا بيمبه أن على الحكومة التفكير جيدا في النظام الذي ترغب في تطبيقه، ويضيف متسائلاً «قد يضم حي واحد أكثر من عشرين صيدلية صغيرة، فكم صيدلية قانونية على السلطات أن تفتح؟ وما هو عدد الأدوية اللازم لسد احتياجات السكان؟ وكم موظفاً ينبغي اختياره لتوفير خدمات للسكان؟».

وتقول ياغينا نيسلي وهي تحمل ابنها البالغ 9 أشهر، بقلق «في حال أغلقت الحكومة الصيدليات الصغيرة، تكون قد أظهرت عدم مبالاة بالعاجزين عن دفع مبالغ كبيرة للحصول على الأدوية والعلاجات، وعندها سيموت كثيرون».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
مزارعو القطن في جنوب تشاد بين سندان المناخ ومطرقة السياسة
مزارعو القطن في جنوب تشاد بين سندان المناخ ومطرقة السياسة
متطوعون ينقذون حيوانات قرب بركان إندونيسي رغم حالة التأهب القصوى
متطوعون ينقذون حيوانات قرب بركان إندونيسي رغم حالة التأهب القصوى
إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين
إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات ...
الاتحاد الأوروبي يقر أول قانون لمكافحة العنف ضد النساء
الاتحاد الأوروبي يقر أول قانون لمكافحة العنف ضد النساء
القضاء يرد دعوى رفعها أطفال ضد الحكومة الأميركية بسبب فشلها في مكافحة التلوث
القضاء يرد دعوى رفعها أطفال ضد الحكومة الأميركية بسبب فشلها في ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم