Atwasat

مأساة «العرقوب».. الفقر يسبح في أنهار نفط

السدرة - بوابة الوسط: أسامة الجارد السبت 05 ديسمبر 2015, 12:59 مساء
WTV_Frequency

أن يغرق الإنسان في الفقر والعوز وسط غابات من الثراء المادي الفاحش، فلا بأس أن يترقب المجتمع انفجارًا اجتماعيًا عاجلاً أم آجلًا.. ذلك هو ميراث التاريخ في حكايات الغضب الاجتماعي المحتقن، وهو نفسه الدرس المنتظر في حكاية قرية العرقوب، والتي تطفو فوق بحيرات النفط الليبي وليس لها منها سوى استنشاق الدخان وسموم غازاته.تبعد تلك القرية المنسية عن مدينة البريقة بنحو 8 كلم جنوبًا، وتعرف لدى سكانها البالغ عددهم نحو 7 آلاف نسمة بـ«نجع عيت مباركة»، وقد زارتها «الوسط» عبر الطريق الوحيد الواصل إليها عبر قرية مرادة، وفي رحلة استكشاف المجهول خلا الطريق من لافتة ترحيبية واحدة تبشر بالوصول إلى «العرقوب»، كما في أغلب مدن البلاد.

الخدمات الأساسية بـ«تحمير العين».. وأصوات الانفجارات طقس يومي

ويلخص تحقيق نشرته جريدة «الوسط» الليبية في عددها الأسبوعي الثاني، حال سكان قرية «العرقوب» التي تجاهلتها الحكومات المتعاقبة لعشرات الأعوام، ولا يحمل واقعها أي إشارات على وقوعها في منطقة غنية بالنفط، فهي قرية صغيرة ورعويّة، تعاني قيودًا صعبة حولتها إلى قرية مهملة ومكتظة، يعيش نحو نصف سكانها على شفا خط الفقر أو تحته، رغم أنها محاطة بالحقول النفطية.الفقر ينحت معالمه على منازل القرية التي تنتشر بعشوائية، وتخلو من الأسوار وتغطيها أسقف بالزنك، وأمام أحدها جلست امرأة عجوز بجوارها طفلة، وقد ارتسمت على ملامحهما هموم عقود طوال من المعاناة، لم لا يصاحب الحزن والأسى رحلة حياتها؟ فأمام أي مرض سيصيب جسدها العليل، لن تجد وحدة صحية متطورة تسكن أوجاعها.

لم يكن غياب الخدمات الصحية هو الاستثناء، فالقرية تفتقر إلى كافة الخدمات الأساسية، رغم أن أنابيب النهر الصناعي تمر عبرها، إلا أن مياه الشرب وصلت لأهلها العام الماضي فقط، بعد أن كانت تنقلها الشاحنات من مدينة إجدابيا بـ100 دينار، ويقول أحد سكان القرية: «وصلتنا مياه الشرب من أنابيب النهر بعد تحمير العينين»، على حد تعبيره.

الحكومات السابقة لم تبنِ مسكنًا واحدًا للأهالي منذ الاستقلال

ويمتلئ هواء القرية بانبعاثات الأدخنة المتصاعدة من مصانع البتروكيماويات «الأمونيا» و«الميثانول» و«اليوريا» التي تصل من مدينة البريقة وقتما تكون الرياح شمالية، ويقول سكان القرية إنهم تقدموا بكثيرٍ من الشكاوى، من الكارثة البيئية التي تلحق بهم، وفقًا لجريدة «الوسط».عند السؤال عن منزل الشيخ موسى قنفود، أحد أعيان القرية، قال رجل بدت ملامحه جامدة: «إن قنفود يقطن في العرقوب الشرقي (الميجنه)»، دلالة على اختلافه عن العرقوب الغربي والمسمى «نجع عيت مباركة»، والذي لا يفصل بينهما إلّا الطريق، وبعدها طلب أن تتبعه «الوسط» بالسيارة لبضعة كيلومترات على طريق غير معبد إلى منزل قنفود بسيارات دفع رباعي.

وفي منزل الشيخ موسى بالعرقوب الشرقي (الميجنه)، كانت ذاكرة التاريخ تسير على الأرض، فالرجل يتمتع بذاكرة فولاذية، تسعفه بكثير من الأحداث التاريخية والمواقف التي شاهدها وعاصرها.

وتحدث عن تضحيات أبناء العرقوب من الشهداء والجرحى على مر التاريخ، مذكرًا بأن النجع تحت التهديد المستمر منذ معركة الصفافي «عليم زغبة» في العام 1887، وحتى إجلاء كتائب القذافي للسكان وتدمير بعض منازلهم بما فيها ثلاثة منازل للشيخ قنفود.

هواء معبأ بـ«الأمونيا» و«الميثانول».. ولا وحدة صحية متطورة

تحتفظ ذاكرة الشيخ موسى قنفود بكثير من القصص والحكايات والأشعار والأهازيج الشعبية، وحكي عن المحاولات المتكررة للأنظمة المتعاقبة لتهجير أهالي العرقوب من القرية، وبعثوا لهم برسائل صوتية بعد ذلك ليخرجوا ولكنهم رفضوا.وذكر أن الحكومات السابقة لم تبنِ مسكنًا واحدًا لسكان العرقوب منذ الاستقلال حتى اللحظة، وعندما أصدر الملك إدريس السنوسي أوامره ببناء 25 منزلاً العام 1966، في إطار مشروع إدريس الإسكاني، تلاعبت بعض الأيادي بالمشروع ونقلت المباني إلى مكان آخر.

وعن الأوضاع الأمنية في موانئ السدرة، قال إن «سكان النجع اعتادوا على الحروب والدمار والخراب، ومن ثم أصبحوا مشغولين بالبحث عن الرزق، دون اكتراث لما يجري»، مضيفًا أن «أبناء النجع القادرين على حمل السلاح في جبهة السدرة لمناصرة حرس المنشآت النفطية».

حمل العدد الثاني من جريدة الوسط (ملف بصيغة PDF) من الرابط التالي:
https://drive.google.com/file/d/0BzgTie6BEzLhdmhCQWxWaUdpUjQ/view

مأساة «العرقوب».. الفقر يسبح في أنهار نفط
مأساة «العرقوب».. الفقر يسبح في أنهار نفط
مأساة «العرقوب».. الفقر يسبح في أنهار نفط
مأساة «العرقوب».. الفقر يسبح في أنهار نفط

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
الخارجية الروسية: «ازدواجية السلطة» تؤخر فتح قنصلية عامة في بنغازي
الخارجية الروسية: «ازدواجية السلطة» تؤخر فتح قنصلية عامة في ...
العمل: منظمة الهجرة تنفذ برامج تدريب للموظفين في 5 مراكز ليبية خلال مايو
العمل: منظمة الهجرة تنفذ برامج تدريب للموظفين في 5 مراكز ليبية ...
الشهوبي يعلن عودة رحلات الخطوط الأردنية والقطرية إلى ليبيا الشهر الجاري
الشهوبي يعلن عودة رحلات الخطوط الأردنية والقطرية إلى ليبيا الشهر ...
إقفال باب المرافعة وتأجيل النطق بالحكم ضد 16 مسؤولا في قضية فيضان درنة إلى 28 يوليو
إقفال باب المرافعة وتأجيل النطق بالحكم ضد 16 مسؤولا في قضية فيضان...
مفوضية الانتخابات تنظم مؤتمرًا لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية
مفوضية الانتخابات تنظم مؤتمرًا لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم