دخلت العاصمة الألمانية (برلين) على خط الأزمة الليبية، بدعوة أطراف الحوار الليبي لحضور اجتماع الأربعاء المقبل، في وقت ترحِّب أميركا باستئناف جلسات الحوار في الصخيرات بالمغرب، غدًا الإثنين، وسط تحذيرات أطلقها وزير الخارجية محمد الدايري في اجتماع «دول الجوار» في العاصمة التشادية (إنجامينا) من «عرقنة» ليبيا، إذا لم يتم «ضبط الحدود» والتصدي لتنظيم «داعش» الذي «يتوسَّع في التهام» الأراضي الليبية.

اجتماع برلين

وفيما تأمل بعض القوى السياسية في الداخل أن يكون اجتماع برلين، هو طوق النجاة، وفرصة لإزالة «حوائط الخلاف بين الفرقاء»، بشَّر عضو فريق المستقلين في حوار الجزائر الدكتور عاطف الحاسية بأنَّ الاتفاق السياسي لحل الأزمة الليبية أصبح وشيكًا، وأنَّه يتوقع أن يتم الاتفاق في برلين بألمانيا الأربعاء المقبل، معتبرًا أنَّ الحوار وَصَلَ إلى مرحلة التوافق على غالبية بنوده وأنَّ جلسة الثامن من يونيو المقرَّرة بالصخيرات في المغرب سوف تشهد تقدُّمًا كبيرًا.

وحول جلسات الحوار في الجزائر قال الحاسية لـ«بوابة الوسط» أمس السبت: «لم تُطرَح أية أسماء لحكومة الوفاق الوطني وهناك إصرارٌ من مجموعة المستقلين بأن تكون حكومة الوفاق الوطني حكومة تكنوقراط ولا تمثل فيها الأحزاب السياسية ولا يكون من بين وزرائها أي من الأعضاء المستقلين الذين شاركوا في جلسات الحوار، وقد قوبل هذا الاقتراح برفض ممثلي الأحزاب».

وأضاف: «طرحنا أن يكون دور المجلس الأعلى للدولة استشاريًّا فقط، ووافق الجميع باستثناء حزبي الوطن والجبهة الوطنية، كما أكدنا مواجهة الإرهاب والحرب عليه وحصر السلاح في مؤسسات الدولة».

جلسات الجزائر

وبالنسبة للعلاقة بين المستقلين في جلسات الحوار بالجزائر والمغرب واختتام جلسات الحوار قال: «لا يوجد تنسيقٌ كمجموعة بين المستقلين في جلسات الحوار بالجزائر والصخيرات بالمغرب، ولكن هناك تواصل على المستوى الشخصي ولم يوضح لنا أحدٌ أنَّ هذه هي الجولة الأخيرة لجلسات الحوار بالجزائر، ولكن غالبية الأعضاء المستقلين طلبوا من المبعوث الأممي برناردينو ليون أن تكون هذه الجلسة هي الأخيرة».

جدول أعمال

في السياق ذاته، أعلنت أطرافٌ ليبية في الحوار الوطني تلقيها دعوة لحضور «اجتماع برلين» الذي سيحضره وزراء خارجية الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن، بالإضافة إلى عدد من دول الاتحاد الأوروبي برعاية أممية.

وقال عضو وفد الحوار عن المستقلين في المغرب، الشريف الوافي لقناة ليبيا: «إنَّه وزملاءه تسلموا دعوة لحضور اجتماع في برلين، وإنَّهم لم يتسلموا حتى الآن جدول عمل اجتماع برلين، ولم تبلغهم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أي شيء عن هذا الاجتماع».

وكان محمد إمعزب عضو المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته قال لـ «وكالة أنباء الشرق الأوسط» إن فريق الحوار المكلف من المؤتمر تلقى دعوة من وزير الخارجية الألماني لحضور اجتماع وزراء خارجية الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن.

وأوضح إمعزب أن وزراء خارجية الدول الكبرى سيجتمعون بكل الأطراف الليبية المشاركة في الحوار الليبي الذي ترعاه البعثة الأممية، وقال إمعزب: «نتمنى ألا يكون اجتماع برلين مخصَّصًا لممارسة ضغوط دولية على الأطراف الليبية».

مشاركة مساهل

إلى ذلك، أكد وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية بالخارجية الجزائرية، عبد القادر مساهل، أنَّ بلاده ستشارك في اجتماع برلين.

وقال الوزير الجزائري وفقًا لوكالة «الأنباء الجزائرية»، على هامش أعمال الاجتماع السادس لدول جوار ليبيا المنعقد في العاصمة التشادية، إنَّ هذا الاجتماع يندرج في إطار جهود المجتمع الدولي، الرامية إلى حمل الأطراف الليبية على التوُّصل إلى اتفاق بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية.

حل غير عسكري

في مقابل ذلك، رحَّبت الولايات المتحدة الأميركية بإعلان استئناف الحوار الوطني في الصخيرات، الذي ترعاه وتقوده الأمم المتحدة، وفقًا لوكالة الأنباء الليبية من البيضاء.

وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماري هارف، في مؤتمر صحفي، الجمعة إنَّ جولة جديدة من الحوار الليبي ستُعقد الاثنين في المغرب، مؤكدةً أنَّه «لا يمكن حلَّ الأزمة في ليبيا إلا من خلال حلٍّ سياسي غير عسكري».

وذكرت هارف أنَّ مساعد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أجرى اتصالاً بكل من رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح قويدر، ورئيس المؤتمر الوطني المنتهية ولايته نوري بوسهمين، في إطار دعم الولايات المتحدة الحوار الليبي.

وقالت الناطقة إنَّ مساعد وزير الخارجية الأميركي ثمَّن قرار موافقة الأطراف الليبية المشاركة في الجولة المقبلة، لمواصلة جولة هذا الحوار بالمغرب.

وحثَّت بقوة الأطراف الليبية للعمل على وضع اللمسات الأخيرة على مشروع اتفاق سياسي، يفضي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية بأسرع وقت ممكن.

وأضافت هارف أنَّ الأطراف الليبية صاحبة المصلحة التي تشارك في الحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة تعمل للحفاظ على سيادة ليبيا وسلامة أراضيها، من خلال حكومة وحدة وطنية لمواجهة التهديدات الإرهابية، وفق تعبيرها.

ضبط الحدود

على جانب آخر، طالب وزير الخارجية محمد الدايري دول الجوار بتوحيد الجهود لضبط الحدود ومواجهات التنظيمات الإرهابية وعصابات التهريب.

ودعا في كلمته أمام اجتماع إنجامينا بالعاصمة التشادية إلى مساعدة دول الجوار للحكومة الموقتة في القضاء على تنظيم «داعش» والمجموعات الإرهابية المتطرِّفة والعصابات المسلحة.

مشهد العراق

وعبّر الدايري عن خشيته من تكرار ما يشهده العراق في ليبيا إذا لم يتخذ المجتمع الدولي قرارًا سريعًا يقضي بتسليح الجيش الليبي الذي ما زال يواجه تلك الجماعات المتطرِّفة بإمكانيات محدودة، وعلق الآمال على نجاح الحوار الوطني «كخيار استراتيجي يحفظ وحدة ليبيا ويساهم في إنهاء أزمتها».

وقال الدايري في كلمته يوم الأربعاء الماضي أمام اجتماع دول الجوار بالعاصمة التشادية إنجامينا: «اسمحوا لي أن أتطرق للتطورات المتلاحقة التي تشهدها بلادي، خاصة في ما يتعلق بتمدد تنظيم (داعش) الإرهابي وسيطرته للأسف الشديد على مناطق في ليبيا، وهو ينتهج أساليب إجرامية وإرهابية، ندرك جميعنا أنَّها تشكِّل خطرًا على الإنسانية، وتتعارض مع القيم الأخلاقية والقوانين والأعراف الدولية، وقد أصبح هذا التنظيم على مسافة قريبة من بعض الحقول والموانئ النفطية».

تحرك التحالف

ودعا وزير الدفاع الإسباني، بيدرو مورينيس، التحالف الدولي إلى التحرك لمواجهة تنظيم «داعش» في ليبيا.

وقال مورينيس في حوار مع جريدة «إل باييس» الإسبانية منشور اليوم السبت: «ثمة تحالف ليس مكلفًا فقط التصدي لـ(داعش) في العراق وسورية، ثمة تحالف للتصدي لـ(داعش) في كل مكان، إذا تمدَّد (داعش) إلى ليبيا، فعلى التحالف أن يتحرَّك» وفق وكالة الأنباء الفرنسية.