Atwasat

العملية السياسية في ليبيا رهينة الخطف والانتهاك والإفلات.. و«الجهة المجهولة»

القاهرة - بوابة الوسط الأربعاء 14 فبراير 2024, 10:24 مساء
WTV_Frequency

يرى مراقبون وحقوقيون أن عمليات الخطف والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري للشخصيات العامة والمواطنين، واقتيادهم نحو «وجهات مجهولة»، تضع عصا في عجلة مشروع المصالحة الوطنية، وفرصة إجراء الانتخابات، مع تكرار الحوادث التي تبث «مناخا من الرعب» يفاقمه «الإفلات من العقاب».

ويؤكد الخبراء أن انتشار السلاح والتشكيلات العسكرية الخارجة عن القانون رفع مستوى ظاهرة الاختطاف التي تتكرر منذ 13 سنة كأسلوب من أساليب «تصفية الحسابات» و«الابتزاز»، معتبرين ذلك يُبعد الرغبة في إجراء مصالحات اجتماعية، بينما يعد وقوع حالات اعتقال دون أوامر إحضار من النائب العام أحد انتهاك الصلاحيات المسكوت عنه.

من جهته، تحدث رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، أحمد حمزة، عن خطورة الإخفاء القسري في ليبيا، وسط رفض كشف مكان وجودهم.

وقال حمزة، في تصريح إلى «بوابة الوسط»، إن حالات الإخفاء القسري تقف وراءها أحيانا عناصر مسلحة خارجة عن القانون وغير تابعين للدولة، و«في غالبية الحالات جهات أمنية وعسكرية تحظى بشرعية الدولة».

وأضاف أن الإخفاء القسري من الجرائم التي قد ترقى إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي الإنساني، بالإضافة إلى القانون الليبي الذي جرم هذه الأعمال والممارسات من خلال القانون رقم 10 لسنة 2013 بشأن تجريم التعذيب والإخفاء القسري والتمييز.

بعثة الأمم المتحدة وثقت اعتقالات واحتجازا غير قانوني واختفاء قسريا
وقالت بعثة الأمم المتحدة، في آخر تقرير لها حول وضع حقوق الإنسان في ليبيا، إنها «وثقت عددا من حالات الاعتقال والاحتجاز غير القانونيين والاختفاء القسري لمن ينظر إليهم على أنهم معارضون سياسيون، بالإضافة إلى نشطاء سياسيين، من النساء والرجال، ومدافعين عن حقوق الإنسان، وأعضاء في البرلمان ومحامين وقضاة، فضلا عن مهاجرين وطالبي لجوء».

ودعت السلطات المعنية إلى معالجة هذه الظاهرة بالتحقيق في جميع حالات الإخفاء القسري، وتقديم الجناة إلى العدالة.

ومن أشهر عمليات خطف المسؤولين الليبيين عقب ثورة 17 فبراير عام 2011 عملية خطف رئيس الوزراء الأسبق علي زيدان العام 2013. كما تعرض وزير المالية في حكومة الوفاق الوطني السابقة، فرج بومطاري، للاحتجاز قبل إطلاقه عقب ضغوط قبلية على السلطات في طرابلس، وصلت إلى إغلاق حقلي الشرارة والفيل النفطيين.

وأعرب حقوقيون عن قلقهم إزاء استمرار حالة الإخفاء القسري للناشط الشبابي سند مرزوق الفاخري، رئيس اللجنة الوطنية التحضيرية لمشاركة الوفد الليبي في مهرجان الشباب العالمي 2024، والمُكلف من وزير الشباب بحكومة «الوحدة الوطنية الموقتة»، الذي جرى اختطافه بمدينة طرابلس منذ نهاية ديسمبر 2023 من قِبل إحدى الجهات الأمنية، وما زال مصيره مجهولاً.

- خطف التواتي يدخل أسبوعه الثاني.. و«الوطنية للنقل البحري» تجدد التلويح بـ«اعتصام مفتوح»
- البعثة الأممية تدعو إلى معالجة حالات الاختفاء القسري ضمن مصالحة وطنية
- تقرير للخارجية الأميركية: نحو 20 ألف مفقود في ليبيا.. قتل خارج القضاء والانقسامات تعيق التحقيقات

خطف خالد التواتي
وأكثر القضايا المثيرة للتساؤلات منذ أسابيع تنديد الشركة الوطنية العامة للنقل البحري بخطف مديرها التنفيذي خالد التواتي «دون سند قانوني وراء هذا العمل»، الذي وصفته بـ«العمل الإجرامي»، بعدما جرى اختطافه من أمام منزله يوم 31 يناير عقب حضوره اجتماع مجلس الإدارة الأول للعام 2024.

وقالت الشركة، في بيان الأسبوع الماضي نشرته عبر صفحتها على «فيسبوك»، إن مصير التواتي لا يزال «مجهولا حتى هذه اللحظة على الرغم من المراسلات العديدة والمتكررة لمكتب النائب العام، وكذلك رئاسة الحكومة من خلال القنوات الرسمية، وكل الجهات ذات العلاقة والاختصاص».

واعتبرت أن الحادث «يضع الحكومة وكل المؤسسات الأمنية التابعة لها موضع المتفرج دون أن يكون لها أي دور يذكر في حماية أمن المؤسسات والمواطنين على حد سواء». ونوهت بأن العاملين في الشركة «لا يزالون لا يستطيعون ممارسة أعمالهم بالشركة بسبب ما حدث، وما تأكد عنه من سوء الأوضاع الأمنية بصفة عامة، واستهداف واضح لعرقلة مسيرة عمل المؤسسات الوطنية مثل الشركة الوطنية العامة للنقل البحري». علما بأن الحادث هو الثاني من نوعه الذي يتعرض له التواتي خلال خمسة أشهر.

خطف شيخ عموم الطريقة القادرية في بنغازي
وغير بعيد أعلن المجلس الأعلى للتصوف الإسلامي السني في ليبيا، الجمعة الماضي، اختطاف شيخ عموم الطريقة القادرية في ليبيا، الأمين البيجو، من زاويته في منطقة بوعطني بمدينة بنغازي على يد مجموعة عسكرية. واستنكر المجلس، في بيان له، بأشد العبارات حادثة الاختطاف، وطالب بالإفراج الفوري عنه، محملا السلطات في بنغازي مسؤولية سلامته.

وناشد المجلس البعثة الأممية التدخل السريع، لإنقاذ البيجو، مؤكدا أنهم «يعانون منذ أكثر من عشر سنوات ممارسات إرهابية، تعرضوا خلالها لعمليات خطف واغتيال ونبش قبور واعتداء على زواياهم».

مصير فتحي البعجة لا يزال مجهولاً
وفي المدينة نفسها، يتواصل احتجاز الناشط والسفير الليبي السابق لدى كندا، فتحي البعجة، الذي لا يزال مسجونا في بنغازي، بينما ناشدت السلطات في أوتاوا لم شمله مع زوجته وأطفاله المقيمين في أونتاريو.

وقالت جريدة كندية قبل أيام إن البعجة كان مبعوث ليبيا في أوتاوا من العام 2013 إلى العام 2017، وحاول الهجرة إلى كندا عندما اعتقله جهاز الأمن الداخلي في بنغازي في أكتوبر. وتابعت الجريدة أنه بعد مرور أكثر من أربعة أشهر لا يزال البعجة غير متهم بأي جريمة، وهو في حالة صحية متدهورة، وفقا لأقاربه في كندا، الذين يقولون إنه لا يزال مسجونا لأسباب سياسية، لأنه انتقد الحكومة في بنغازي.

وقبل أشهر من اعتقاله، كشف البعجة لجريدة «ذا جلوبال آند ميل» أنه كان يقوم بحماية الوثائق المتعلقة بمليارات الدولارات التي خبأها معمر القذافي في حسابات مصرفية كندية، وبنتهاوس في تورنتو يملكها ابنه الساعدي القذافي. وقال البعجة إنه احتفظ بمخبأ الوثائق بعد مغادرة أوتاوا، لأنه كان قلقا من احتمال وقوع الأموال والممتلكات الفاخرة في أيدي المسؤولين الفاسدين.

وأكدت الجريدة الكندية أن سجن البعجة تجرى مراقبته من قِبل الأمم المتحدة والشؤون العالمية الكندية، ويعتبر مثالًا بارزًا على تفشي الانتهاكات المدنية وانتهاكات حقوق الإنسان التي تهدد خطط إجراء انتخابات طال انتظارها في ليبيا.

وخلال مقابلته مع «ذا جلوبال آند ميل» العام الماضي، أعرب البعجة عن رغبته في أن تكون لليبيا حكومة منتخبة ديمقراطيا في النهاية. وقال إن الكثير من أعضاء البرلمان الليبي، بما في ذلك قادتهم، «لصوص»، وفقا قوله.

مطالبات حقوقية بتحقيقات شفافة ومحايدة
في السياق نفسه، تطالب منظمة «رصد الجرائم في ليبيا» السلطات بإجراء تحقيق فوري وشفاف ومُحايد في جميع الانتهاكات التي جرى رصدها، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والقتل خارج القانون، وتقديم الجناة إلى العدالة أمام قضاء مستقل ونزيه، وذلك ضمانا للحق في الحياة، والحق في سلامة الجسد والروح، اللذين يحميهما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

كما تطالب «رصد» السلطات في ليبيا بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين التعسفيين دون قيد أو شرط، داعية السلطات في ليبيا إلى اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمهاجرين، وغيرهم من الفئات الضعيفة، من الانتهاكات، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والاحتجاز التعسفي والتعذيب، وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وذلك ضمانا للحق في حرية التعبير والرأي، الوارد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والحق في السلامة الجسدية والنفسية، الوارد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

ووثقت المنظمة، في تقريرها الخاص بنوفمبر الماضي، عديد حالات اختطاف واعتقالات عشوائية طالت عشرات الأفراد في مدن مختلفة من البلاد.

ورصدت أيضا اعتقالا جماعيا لأكثر من 200 طالب لجوء في 6 نوفمبر الماضي على أيدى الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية الموقتة»، مشيرة إلى أن «غالبيتهم من الجنسية السودانية، بينهم نساء و30 طفلا، كانوا يخيمون أمام مقر مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في منطقة السراج بطرابلس»، قبل أن يجرى نقلهم إلى مركز احتجاز في العاصمة طرابلس.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
المقريف: باقات «اتصالات وإنترنت» مجانية ومدعومة لقطاع التعليم
المقريف: باقات «اتصالات وإنترنت» مجانية ومدعومة لقطاع التعليم
المصرف المركزي يطبع «أوراق بنكنوت» بخمسة مليارات دينار
المصرف المركزي يطبع «أوراق بنكنوت» بخمسة مليارات دينار
حكومة حماد تتمسك بتفعيل الاتحاد المغاربي بدُوله الخمس دون إقصاء
حكومة حماد تتمسك بتفعيل الاتحاد المغاربي بدُوله الخمس دون إقصاء
النائب العام يبحث تطورات تحقيق «الجنائية الدولية» في «انتهاكات ترهونة»
النائب العام يبحث تطورات تحقيق «الجنائية الدولية» في «انتهاكات ...
إحباط تهريب أكثر من 40 ألف لتر وقود كانت متجهة إلى الحدود الجنوبية
إحباط تهريب أكثر من 40 ألف لتر وقود كانت متجهة إلى الحدود ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم