Atwasat

«تباعد جيوسياسي» يجهض محاولات لجنة «5+5»

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني الجمعة 05 يناير 2024, 12:50 مساء
WTV_Frequency

لم تنجح اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» في إنجاز أي نقاط محورية في أجندتها منذ تاريخ وقف إطلاق النار، ومنها أخطر الملفات الأمنية على صعيد إنشاء نواة عسكرية مشتركة، لحراسة الحدود أولا، قبل توحيد الجيش ورحيل القوات الأجنبية والمرتزقة والمسلحين الأجانب من ليبيا، ونزع سلاح المجموعات المسلحة التي لا تزال عصية على إنهاء وجودها، وتثير القلاقل، خصوصا في المنطقة الغربية.

ومنذ أكتوبر 2020، نجحت اللجنة في فتح الطريق الساحلي الذي تغلقه المجموعات المسلحة من حين لآخر، وإطلاق عدد من الأسرى والسجناء، والحفاظ على تماسك اتفاق وقف إطلاق النار. وغير ذلك، توزعت لقاءات اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، العام المنقضي، واجتماعات مجموعة العمل الأمنية المنبثقة عن لجنة المتابعة الدولية لعملية برلين بين عدة مدن ليبية في طرابلس وبنغازي، واحتضنتها عواصم أجنبية، سواء في باريس أو تونس، ومع ذلك لم تخرج من دائرة البيانات الفضفاضة.

وتتشكل اللجنة من خمسة أعضاء من المؤسسة العسكرية في غرب ليبيا، ومثلهم من طرف قوات الجيش الوطني في بنغازي، بينما تضم مجموعة العمل الأمنية كلا من فرنسا وبريطانيا وتركيا وإيطاليا والاتحاد الأفريقي تحت رعاية الأمم المتحدة.

ويعود آخر لقاء بين أعضاء اللجنة إلى 7 نوفمبر 2023 في تونس بحضور مجموعة العمل الأمنية المنبثقة عن مسار برلين، وتحت رعاية الممثل الخاص للأمين العام رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عبدالله باتيلي.

وقبلها تركزت نقاشات القيادات العسكرية الليبية على تكوين وحدات مشتركة، لتحقيق ثلاثة أهداف أمنية، منها إرساء الأمن على الحدود الليبية، والتصدي للإرهاب والتدخلات الأجنبية المزعزعة للاستقرار.

جهات داخلية لا تريد اجتماع لجنة  «5+5»
ويعتقد متابعون أن هناك جهات داخلية في ليبيا لا تريد للجنة «5+5» العسكرية المشتركة الاجتماع، لأنها مستفيدة من الوضع القائم، لذلك لا تريد إجراء انتخابات أو تحقيق الاستقرار.

وما يعكس الخلافات اجتماع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، بصفته القائد الأعلى للجيش، قبل أيام مع أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) عن المنطقة الغربية، لبحث آخر الخطوات المنجزة في ملف توحيد المؤسسة العسكرية، وذلك من دون مشاركة الجانب الآخر من المنطقة الشرقية. وحسب المجلس الرئاسي، «تناول الاجتماع الأوضاع العسكرية في المنطقة الغربية بصفة عامة».

- للاطلاع على العدد 424 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

وبينما كان يجرى الاجتماع كان اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش الوطني، يتحدث عن «اتخاذ كل التدابير، لمنع أي دخول للإرهابيين والجماعات المسلحة إلى ليبيا، ومنع تدفق السلاح، ومنع أي خطر يهدد الدولة، بما في ذلك التصدي لتحركات الجماعات التشادية في الجنوب الليبي». وأعلن المسماري «تشكيل وحدات عامة لمكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى تشكيل رئاسة أركان للوحدات الأمنية، تشمل وحدات أمنية مستقلة».

المسماري اعتبر، في تصريحات تلفزيونية، أن «الجيش نجح، على الرغم من شحّ الموارد المالية وتجاهل الحكومات، في أن يكون هو الدولة والحكومة، والحامي الحقيقي لمعظم أراضي الدولة الليبية».

الانتخابات وتوحيد قيادة المؤسسة العسكرية شرط لإخراج المرتزقة
بدوره، قال رئيس اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) عن المنطقة الغربية، أحمد أبو شحمة، في تصريحات صحفية إنه لا بد من «إجراء الانتخابات مع وجود قائد أعلى ورئيس أركان موحد، للمساعدة في إخراج المرتزقة».

وشدد أبو شحمة على أن «كل طرف متمسك بمرتزقته، والسياسيون هم من يؤخرون خروجهم»، مشيرا إلى أنه «لا بد من إجراء الانتخابات، ووجود رئيس موحد لليبيا، وقائد أعلى ورئيس أركان موحد، للمساعدة في إخراج المرتزق».

أبو شحمة تساءل: «كيف يجرى توحيد المؤسسة العسكرية وتأمين الحدود في ظل عدم وجود وزير دفاع موحد، ورئيس أركان لكل الجيش الليبي».

وأوضح: «جرى الاتفاق خلال اجتماعات لجنة 5+5 على تشكيل قوة موحدة، لتأمين الجنوب الليبي، ولكن حتى الآن لم يجر اتخاذ خطوة إيجابية بالخصوص». وكشف أن «اللجنة والأمم المتحدة لديهما الخطة منذ عامين لخروج المرتزقة، ولكن التعثر السياسي وعدم الاتفاق بين الأطراف السياسية سببا تأخير هذا الملف، بينما لا تزال هناك اختراقات على الحدود، ولم يجر تأمينها بشكل كامل حتى الآن».

وفي اعتقاد أستاذ الجيوبولتيك بالجامعة التونسية نزار مقني أن الانقسام الليبي «سيتواصل، لأنه لا يوجد اتفاق بين الطرفين، فليس لدى أي منهما الثقة في الطرف اﻵخر».

وحسب مقني، في تصريح إلى «الوسط»، فإن «السبب اﻷساسي هو التدخل الخارجي، فلكلا الطرفين جهات دولية تدعمهما، وهو موال لها، وكلا الأجندتين متنافرتان في اﻷهداف، وكذلك في الخلفيات الأيديولوجية، وكذا في المصالح».

وبالنسبة لجانب الشرق بصفة عامة، فإنه يريد ضمانات سياسية بمشاركته في إدارة أي مرحلة انتقالية، وهو أمر مرفوض بالنسبة للغرب الليبي، حيث يطالب المشير حفتر بأن يكون هو أو من ينوبه قائد أركان المرحلة المقبلة لأي مؤسسات موحدة، وهو ما سيمنحه القوة، وقد يذهب بعدها نحو قلب المعادلة السياسية وفق الباحث السياسي التونسي.

ويسعى الغرب بدوره لأن تكون له عيونه في هذه المؤسسات، وأن يكون مؤثرا، وهو ما يرفضه الشرق باعتباره من يمسكون بالسلطة في طرابلس ساندوا الإرهاب في مرحلة سابقة، ولا يمتلكون الشرعية مع سقوط اتفاق جنيف بسبب عدم إجراء انتخابات واستكمال المسار السياسي.
كما يوضح المحلل السياسي أنه حتى ولو وجد اتفاق باقتسام القرار ضمن هيئة أركان مشتركة، فإن الانقسام سيتواصل، وسيكون محصوله مثل ما حصل في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، فالنظام العسكري الصارم يأبى أن يكون القرار منقسما بين قوتين هجينتين غير متناسقتين، ولهما الموازين نفسها تقريبا في قوة النيران، وهو ما يحتم الاصطدام مجددا.

- للاطلاع على العدد 424 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

ويؤكد مقني أن الحل في ليبيا يجب أن يكون نابعا مجتمعيا، وانطلاقا من القبائل كمكون أساسي للمجتمع الليبي، للقضاء على التباعد الجيوسياسي المفروض على ليبيا بين الشرق والغرب، وتقريب العقليات.

كما يرى بارقة أمل من حيث المسار الاقتصادي الذي يمكن أن يكون البناء من خلاله، ومن ثم الانطلاق نحو بناء مسارات أخرى، معتبرا أن «الاندماج الاقتصادي بين الشرق والغرب يمكنه أن يتغلب على هذا التباعد الجيوسياسي».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
نورلاند يبحث مع سفير قطر دعم العملية الانتخابية في ليبيا
نورلاند يبحث مع سفير قطر دعم العملية الانتخابية في ليبيا
مطالبات برفع تعليق عمليات إزالة الألغام في ليبيا
مطالبات برفع تعليق عمليات إزالة الألغام في ليبيا
توصية بإعداد مخطط للإمداد المائي في زليتن
توصية بإعداد مخطط للإمداد المائي في زليتن
«الرئاسي» يتلقى إخطارا من محكمة شمال طرابلس بعدم شرعية تولي قادربوه رئاسة «الرقابة الإدارية»
«الرئاسي» يتلقى إخطارا من محكمة شمال طرابلس بعدم شرعية تولي ...
«الرقابة الإدارية» توقف مدير الليبية - المغربية القابضة
«الرقابة الإدارية» توقف مدير الليبية - المغربية القابضة
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم