Atwasat

بين «خطة ماتي» ومرسوم يحد من إنقاذ أرواح اللاجئين.. انتقادات وجدل سياسي يسبق زيارة ميلوني إلى ليبيا

القاهرة - بوابة الوسط الثلاثاء 24 يناير 2023, 09:15 مساء
WTV_Frequency

بينما تستعد رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني لزيارة ليبيا قريبًا، بحثًا عن ضبط قوارب الهجرة القادمة من سواحلها، يتواصل القلق وسط هيئات الإغاثة من الشروع في العمل بمرسوم جديد سنّته الحكومة اليمينية المتطرفة في روما يفرض قواعد جديدة على السفن المكلفة بإنقاذ أرواح آلاف اللاجئين والذي أسماه بعض البرلمانيين بمرسوم «إغراق السفن».

وفي أولى رحلاتها المكوكية خارج البلاد منذ تنصيبها لإدارة الحكومة في إيطاليا، كثّفت ميلوني ووزيراها للخارجية والداخلية زياراتهم إلى بلدان تجمعها بروما مصالح كبرى سواء على صعيد ملفات الطاقة أو الهجرة والأمن. فمن تركيا إلى تونس ومصر والجزائر استطلعوا خلالها إمكانات منع قوارب المهاجرين من «دول العبور»، في انتظار برمجة ليبيا على جدول الأعمال، ستكون «مربط الفرس» بالنسبة لرئيسة الوزراء الإيطالية بعد تخليها عن خطة فرض «حصار بحري» على ليبيا كانت قد روجت لها خلال حملتها الانتخابية، لكن عوضتها بخطة أخرى بشأن الهجرة على جبهة جنوب البحر المتوسط ذات أبعاد شاملة تسمى «خطة ماتي» للحد من عمليات مغادرة المهاجرين. في إشارة إلى مؤسس مجموعة «إيني» للطاقة، إنريكو ماتي الذي كسر هيمنة شركات الطاقة الغربية السبع الكبرى على القطاع ووضع خططًا للتنمية.

خطة ماتي.. والهدف منع التوسع الروسي والصيني
فمن الجزائر خلال زيارة عمل لها يومي الأحد والإثنين وتصريحات مشتركة مع الرئيس عبدالمجيد تبون، أعلنت ميلوني زيارات ستقودها في وقت لاحق إلى دول الشمال الأفريقي في إطار خطة «خطة ماتي»، ومن ضمن أسباب تحركاتها «كبح جماح نفوذ روسيا والصين، الذي ازداد بشكل كبير مع وجود عناصر واضحة مزعزعة للاستقرار» هناك وفق تعبيرها.

وكشفت مصادر إيطالية من بينها موقع «ديكود 39» أن ميلوني تضع على أجندتها بحلول نهاية يناير الجاري رحلة إلى ليبيا، حيث تعد أحد ملفات الحكومة ذات الأولوية. وهي الزيارة التي تريد القيام بها قبل حلول يومي 9 و10 فبراير المقبل موعد انعقاد مجلس الاتحاد الأوروبي المخصص على وجه التحديد لمسألة الهجرة. وبينما اعتبرت «خطة ماتي» مثالًا للنهج التعاوني مع دول جنوب الصحراء الكبرى والمتوسط شددت ميلوني في تصريحات سابقة لها في الوقت نفسه على أن استقرار ليبيا «أمر عاجل».

وضمن هذا الإطار، استقبلت وزيرة الخارجية والتعاون الدولي في حكومة الوحدة الوطنية الموقتة نجلاء المنقوش، اليوم الثلاثاء، سفير إيطاليا لدى ليبيا جوزيبي بوتشينو غريمالدي. وحسب تغريدة للخارجية نشرتها على منصة «تويتر»، فإن اللقاء جرى خلاله «مناقشة الاستعدادات اللوجستية لزيارة وفد رفيع المستوى برئاسة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني إلى ليبيا».

- المنقوش تبحث مع السفير الإيطالي الاستعدادات لزيارة ميلوني
- «استقرار ليبيا» على جدول أعمال ميلوني في الجزائر.. اليوم
- رئيسة الوزراء الإيطالية تستعد لزيارة ليبيا والجزائر
- تاياني: نعمل من أجل استقرار ليبيا لضمان منع تدفق المهاجرين

وهيأ وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي أنطونيو تاياني الأرضية لزيارة ميلوني المرتقبة إلى ليبيا بإجراء سلسلة من الجولات التي قادته الأسبوع الماضي إلى تركيا وتونس ثم مصر لمعالجة قضية الهجرة غير الشرعية، ولتحقيق الاستقرار في ليبيا.

الاستعانة بالجزائر وتركيا ومصر للتأثير على ساسة وعسكر ليبيا
وخلال تواجده في مصر، عبّر تاياني عن الاقتناع بأن تحقيق الاستقرار في ليبيا يُعدّ أمرًا حاسمًا لإبطاء الهجرة غير النظامية ومواجهة التهديد الإرهابي الذي ينطلق من منطقة الساحل الأفريقي باتجاه حوض المتوسط. معلنًا في مقابلة مع جريدة «ميساجيرو» نشرت الثلاثاء، أن «دولًا مثل الجزائر وتركيا ومصر لها تأثير على بعض رجالات الحياة السياسية والعسكرية في ليبيا»، لذا قال «نحتاج إلى التحدث فيما بيننا، للحد من النزاعات وخلق أجندة إيجابية وتفضيل الانتخابات الرئاسية والسياسية التي تضفي شرعية على القادة السياسيين الجدد في ليبيا».

وتضع السلطات الإيطالية الحالية ذات الصبغة اليمينية الأكثر تشددًا في قضية الهجرة، السواحل الليبية كـ«نقطة سوداء» في الحد من الظاهرة، فوفق رئيس خطط وعمليات القيادة العامة لسلطات الموانئ الإيطالية، الأدميرال جوزيبي أوليشينو في جلسة استماع للجنة الشؤون الدستورية والنقل فإن أكثر المهاجرين الذين انطلقوا من دول المتوسط، أكثرهم من ليبيا التي سجلت نسبة زيادة بلغت الـ70% أي بواقع 53 ألف مهاجر خلال العام 2022 حيث شهدت إيطاليا على العموم وصول 105 آلاف مهاجر عن طريق البحر، وذلك بمعدل زيادة بلغ 56% عن العام 2021.

الداخلية الايطالية تحدد خطين للتدفقات من ليبيا
وقال أوليشينو إن سفن المنظمات غير الحكومية تنشط على خط «برقة – لامبيدوزا»، مؤكدًا أنها قد أنقذت أكثر من 11 ألف مهاجر كانوا قد انطلقوا من غرب ليبيا. كما لفت المسؤول ذاته إلى أن هناك خطين للتدفقات من ليبيا، هما منطقة طرابلس التي انطلق من سواحلها 33 ألفًا، ومنطقة برقة حوالي 20 ألًفا. في حين جرى تسجيل وفاة ما لا يقل عن 1373 حالة في وسط البحر الأبيض المتوسط في العام 2022.

وعلى غرار التعاون مع خفر السواحل الليبي عن طريق ضخ ملايين الدولارات ومنحها قوارب جديدة لصد عمليات الهجرة من مواقع العبور، تتهم روما سفن المنظمات غير الحكومية بالعمل بفعالية كخدمة مكوكية بين ليبيا وأوروبا، ووصل الأمر برئيسة الوزراء جورجيا ميلوني إلى وصف هذه السفن باسم «سفن القراصنة».

ومنذ مطلع يناير الجاري تخضع سفن الإغاثة غير الحكومية العاملة في مجال إنقاذ المهاجرين بوسط البحر إلى مدونة سلوك جديدة بعدما صادق مجلس الوزراء الإيطالي يوم 28 ديسمبر 2022 عليها. وتصل العقوبات الواردة بها إلى حد مصادرة السفن التي لا تلتزم بالقواعد الجديدة أثناء تنفيذ مهمات الإنقاذ في البحر. وبموجبها يتعين على المنظمات الإنسانية تنفيذ مهمة إنقاذ واحدة، وإبلاغ السلطات على الفور وطلب ميناء آمن والرسو فيه دون تأخير، بدلا من البقاء في البحر لمساعدة القوارب الأخرى المعرضة للخطر كما هو الحال حاليا، إذ غالبًا ما تنفذ الطواقم مهمات إنقاذ متتالية لقوارب عدة تحمل كل منها عشرات الأشخاص. ويواجه القبطان الرافض للإجراء غرامات مالية تصل إلى 50 ألف يورو، وفي حال تكرّر انتهاك القواعد يمكن للسلطات أن تصادر السفينة.

وتعارض المنظمات الإنسانية هذا الإجراء وتصفه بـ«السخيف» كون قوارب أخرى في الوقت نفسه تكون في خطر ويتعين الذهاب إليها لتنفيذ مهمة الإنقاذ. وأشار مسؤول بسفينة «جيو بارنتس» إلى أنه، في أغسطس 2022 نفذت فرق منظمة «أطباء بلا حدود» 7 عمليات إنقاذ في غضون أيام قليلة في مناطق البحث والإنقاذ الليبية والمالطية، متسائلًا «ماذا كان سيحدث لو اضطررنا للعودة إلى الميناء بعد إنقاذنا الأول؟ ببساطة كان الناس ليغرقوا» وفق قوله.

وفي السنوات الأخيرة كان الأشخاص الذين جرى إنقاذهم في البحر بواسطة قوارب المنظمات غير الحكومية يمثلون 15% من الوافدين إلى إيطاليا عن طريق البحر. وفي السياق عبرت منظمة «اس او اس ميديترينييه» في بيان لها عن قلقها من القانون الجديد، واصفة إياه بأنه «يضيف مجموعة من القواعد غير الضرورية والتمييزية في أنشطة البحث والإنقاذ في وسط البحر الأبيض المتوسط».

بدوره، أحدث تقرير لهيئة «هاتف الإنقاذ» كشف زيادة كبيرة في عمليات العبور وتنبيهات الاستغاثة في وسط البحر الأبيض المتوسط في العام 2022 على الرغم من الوفيات والقمع ضد المهاجرين ومنظمات البحث والإنقاذ. وقال إن الحكومة الإيطالية اليمينية المتطرفة تهدف إلى الاجتماع مع دول ثالثة، بما في ذلك ليبيا وتونس وتركيا، وجميعها لديها سجلات مشكوك فيها في مجال حقوق الإنسان وفق تعبير الهيئة.

مرسوم ضد سفن الإنقاذ في قلب النقاش السياسي
ويهاجم بدوره وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوسي المنظمات غير الحكومية التي دخلت قلب النقاش السياسي، بعد أن اتهم سفن البحث والإنقاذ بتشجيع العبور غير القانوني للبحر المتوسط، بواسطة قوارب تنقل المهاجرين.

وخلال فحص المدونة الجديدة من قبل مجلس النواب الإيطالية قبل تحولها إلى قانون في 2 فبراير 2022 ما يعني إمكانية مراجعته أو التخلي عنه، تبادلت مختلف التشكيلات السياسية الانتقادات وقال المشرع الذي صاغ المرسوم وهو عضو حزب «إخوة إيطاليا»، فابيو ريموندو الحزب الذي تنتمي إليه ميلوني، إنه «يجب على المنظمات غير الحكومية التوقف عن اتخاذ القرار بشكل مستقل تماما».

ليواجهه زعيم اليسار الإيطالي نيكولا فراتوياني بمعارضة هذه المزاعم قائلًا: في تغريدة عبر حسابه على «تويتر» إنها «تتعارض تمامًا مع جميع التحقيقات والدراسات التي أُجريت حتى الآن»، متهمًا الحكومة بـ«النفاق»، وجعل عمليات الإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط غير قابلة للتنفيذ، وطالب بوقف منع إبحار السفن، متابعًا «لا يأبهون بالموتى والذين تعرضوا للتعذيب في معسكرات الاعتقال الليبية التي يمولها الإيطاليون». أما نائب زعيم الحزب الديمقراطي والنائب البرلماني جوزيبي بروفينزانو، فقد أكد أن الآثار الوحيدة لمرسوم المنظمات غير الحكومية، الذي ينبغي تسميته باسمه الحقيقي وهو «مرسوم ضد عمليات الإنقاذ» أو «مرسوم إغراق السفن».

أما عضو البرلمان الأوروبي والإيطالي جوليانو بيسابيا، فقد علق على ما يسمى بـ«خطة ماتّي»، قائلًا في تصريحات له «لا أعتقد أنني أفهم الاستراتيجية الكاملة من جانب الحكومة الإيطالية، يبدو أننا ما زلنا في مرحلة الإعلانات والتمنيات، يجب أن ننتقل من الأقوال إلى الأفعال، لقد تأخرنا بالفعل بشكل كبير، لقد مرت أكثر من 10 سنوات على سقوط نظام القذافي». وأضاف جوليانو بيسابيا أن الاتحاد الأوروبي، طلب من السلطات الليبية مرارًا وتكرارًا وضع حد للاحتجاز التعسفي للمهاجرين وإدخال بدائل للاحتجاز على أساس حقوق الإنسان.

وعن تمويل خفر السواحل الليبي، الذي ينقل المهاجرين من البحر إلى مراكز الاحتجاز، لفت إلى التمويل أو الدعم اللوجستي، بما في ذلك النوع المثير للجدل لخفر السواحل الليبي، ومما ذكره لقاء السلطات الإيطالية مع عماد الطربلسي، المسؤول حسب تحقيقات مستقلة عن انتهاكات كما سبق وأن استقبلت السلطات في روما «البيدجا» أيضا في إشارة إلى الضابط في جهاز حرس السواحل الليبي عبدالرحمن ميلاد.

وأكد البرلماني الإيطالي أن أي مساعدة اقتصادية يجب أن تكون مشروطة باحترام حقوق الإنسان بعدما كانت البلاد وجهة للعديد من الباحثين عن العمل سابقًا، لافتًا إلى أن التقديرات تشير إلى أن إعادة إعمار ليبيا ستقلل من البطالة في الدول المجاورة بنسبة تصل إلى 10%.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
تكالة يبحث جهود قطر في التوفيق بين الأطراف السياسية الليبية
تكالة يبحث جهود قطر في التوفيق بين الأطراف السياسية الليبية
سفير إيطاليا يؤكد لحفتر قرب انطلاق الرحلات الجوية المباشرة بين بنغازي وروما
سفير إيطاليا يؤكد لحفتر قرب انطلاق الرحلات الجوية المباشرة بين ...
مبعوث المنفي يسلم رسالة للرئيس الموريتاني
مبعوث المنفي يسلم رسالة للرئيس الموريتاني
الحرس البلدي لقناة «الوسط»: لم نتسلم قائمة موحدة للأسعار
الحرس البلدي لقناة «الوسط»: لم نتسلم قائمة موحدة للأسعار
«اقتصاد بلس» يناقش: هل تحمل مشاورات «المركزي» مع صندوق النقد حلولا اقتصادية؟
«اقتصاد بلس» يناقش: هل تحمل مشاورات «المركزي» مع صندوق النقد ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم