Atwasat

هيلاري كلينتون تروي كواليس إصدار قرار فرض حظر جوي على ليبيا

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 28 أكتوبر 2016, 01:47 مساء
WTV_Frequency

في كتابها «خيارات صعبة»، ركزت هيلاري كلينتون، المرشحة لرئاسة أميركا، على الوضع في ليبيا أثناء ثورة 17 فبراير 2011. وتنشر «الوسط» بعض التفاصيل الواردة في الكتاب، الذي صدر قبل عامين. وتسرد فيه كواليس السياسة الدولية في إدارة الأزمة.

للاطلاع على العدد (49) من «صحيفة الوسط» اضغط هنا (ملف بصيغة pdf)

في الفصل السادس عشر من الكتاب تتحدث وزيرة الخارجية الأميركية السابقة عن قرار فرض حظر جوي على ليبيا، ومسألة التدخل العسكري، وتكشف آراء قادة من مختلف دول العالم حول القرار.

خطاب القذافي على شاشات التلفزيون في 17 مارس سهل عملنا.. وكنت آنذاك في تونس

وتتطرق كلينتون في كتابها إلى لقائها رئيس الحكومة الليبية الأسبق، محمود جبريل، في 14 مارس 2011 في باريس، وتوضح كيف أسهم اللقاء في تشجيعها على تأييد قرار فرض الحظر الجوي، وترى أن الهدف منه كان حماية أهالي بنغازي من قسوة القذافي الذي كان يستعد لاجتياح المدينة، بعد أن أصبحت مقراً للمعارضين له والمحتجين على حكمه.وتنوه المرشحة لانتخابات الرئاسة الأميركية إلى لقاءاتها المكثفة مع دبلوماسيين عرب وأجانب قبل إقرار مجلس الأمن فرض حظر جوي على ليبيا، مشيرة إلى اجتماعها في القاهرة بأمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى، الذي أخبرها بأن قطر والإمارات مستعدتان للمشاركة بطائرات وطيران في التصدي للقذافي.

وتقول كلينتون إن المسؤولين في البيت الأبيض لم يبدوا رغبة كبيرة في تدخل أميركي مباشر في ليبيا، «فقد كانوا يرون أن الولايات المتحدة ليست لها مصالح قومية أساسية هناك»، بينما كان موقف البنتاغون أن فرض حظر جوي لا يكفي لترجيح كفة الميزان في اتجاه الثوار ضد قوات القذافي، كما تتحدث عن موقف روسيا من القرار.

لم أقتنع بفكرة التدخل
كنا في 14 آذار/ مارس 2011، وقد انقضى أكثر من شهر على سقوط حسني مبارك في مصر، وتحول الاهتمام إلى الأزمة التالية في المنطقة، إلى ليبيا هذه المرة، البلد الذي ضم نحو ستة ملايين نسمة، ويقع بين مصر وتونس على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط، شمال أفريقيا، تحولت الاحتجاجات على نظام الديكتاتور الاستبدادي العقيد معمر القذافي، والقائم منذ زمن طويل، تمرداً شاملاً بعدما استخدم القوة المفرطة ضد المتظاهرين، وكنت أنتظر جبريل، العالم السياسي الليبي الحائز شهادة دكتوراه من جامعة بيتسبرغ، ليوافيني إلى اجتماع، نيابة عن المتمردين الذين يقاتلون قوات القذافي.

لقد سافرت ليلاً ووصلت باكراً إلى باريس للقاء وزراء خارجية مجموعة البلدان الثمانية الصناعية الكبرى، (فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، المملكة المتحدة، كندا، روسيا، الولايات المتحدة)؛ لمناقشة سبل منع القذافي من ارتكاب مجزرة في حق شعبه. (طردت روسيا من المجموعة العام 2014، بعد غزو شبه جزيرة القرم، وعادت مجموعة الدول السبع، على ما كانت عليه قبل العام 1998)، وسينضم إلينا وزراء من دول عربية، دُعوا إلى تحرك دولي واسع من أجل حماية المدنيين الليبيين، خصوصاً من غارات قوات القذافي الجوية.حين وصلت، أمضيت معظم النهار في مناقشات مكثفة مع القادة الأوروبيين والعرب الذين ساورهم القلق لأن قوات القذافي المتفوقة استعدت لسحق المتمردين، عندما اجتمعت مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، حث الولايات المتحدة على دعم التدخل العسكري الدولي لوقف زحف القذافي نحو معقل المتمردين في بنغازي، شرق ليبيا، تعاطفت مع الثوار، لكنني لم أقتنع بفكرة التدخل. أمضت الولايات المتحدة العقد السابق تتخبط في وحول حربي العراق وأفغانستان، وقبل أن ننخرط في صراع آخر، أردت التأكد من أننا درسنا كل عواقبه المحتملة، بما يشمل جيران ليبيا، ومَـن هم هؤلاء المتمردون الذين سنساعدهم، وهل هم مؤهلون كفاية لقيادة ليبيا إذا سقط القذافي؟ وكيف ستنتهي اللعبة هنا؟ أردت أن ألتقى محمود جبريل وجهاً لوجه لمناقشة هذه الأسئلة.

الجامعة العربية نادٍ للمستبدين وبارونات النفط لكن موافقتها على الحظر جوي في ليبيا ساهمت في تغيير الحسابات

لقاء في باريس
يطل الجناح الذي أقيم فيه فندق «ويستن ــ فاندوم» القديم في شارع دو ريفولي على حديقة التويلري، وأمكنني من النافذة رؤية برج إيفل يضيء سماء باريس، فجمال باريس وألوانها بعيد كل البعد عن الرعب الذي ينتاب ليبيا.

بدأ الصراع بطريقة باتت مألوفة راهناً. أثار القبض على ناشط بارز في مجالات حقوق الإنسان في بنغازي منتصف شباط/ فبراير 2011 موجة احتجاجات، سرعان ما عمت كل أنحاء البلاد، وبدأ الليبيون، بوحي مما شاهدوه في تونس ومصر، يسائلون حكومتهم.

وخلافاً لما حدث في مصر، حيث رفض الجيش إطلاق النار على المدنيين، شنت قوات الأمن الليبية حملة بالأسلحة الثقيلة على الحشود، واستعان القذافي بأعداد من المرتزقة الأجانب والمجرمين العنيفين لمجابهة المتظاهرين. وتحدثت التقارير عن عمليات قتل عشوائية، واعتقالات تعسفية، وتعذيب وأُعدم الجنود الذين رفضوا إطلاق النار على مواطنيهم، ورداً على هذه الحملة العنيفة، تحولت الاحتجاجات تمرداً مسلحاً، خصوصاً في أجزاء البلاد التي غضبت طويلاً من حكم القذافي المتهور.ودعا مجلس الأمن الذي صدمه رد القذافي الوحشي، آخر شباط/ فبراير، إلى وضع حد فوري للعنف، ووافق بالإجماع على قرار لفرض حظر على الأسلحة إلى ليبيا، وتجميد أصول المخالفين الأساسيين لحقوق الإنسان وأفراد من عائلته، وإحالة القضية الليبية إلى المحكمة الجنائية الدولية. واتهمت المحكمة، في الختام، القذافي وابنه سيف الإسلام القذافي، ورئيس الاستخبارات العسكرية عبدالله السنوسي، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وفرضت الولايات المتحدة عقوبات، من جانبها، وتحركت لتوفير المساعدات اللازمة لليبيين المحتاجين، وقد سافرت نهاية شباط/ فبراير إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، لأذكِّـر المجتمع الدولي بأنه يتحمل مسؤولية حماية الحقوق العالمية وإخضاع مخالفيها للمساءلة.

قلت إن القذافي «فقد شرعيته في الحكم، والشعب الليبي عبر عن نفسه في وضوح: آن الأوان للقذافي أن يرحل الآن، من دون تأخير أو مزيد من العنف». قبل أيام، وفي القاعة نفسها في قصر الأمم، تخلى الوفد الليبي عن ولائه للقذافي وأعلن دعمه المتمردين الليبيين، وقال أحد الدبلوماسيين: «يخط شباب بلادي بدمه اليوم فصلاً جديداً في تاريخ النضال والمقاومة».

القذافي وعداوة أميركية
وشكل المتمردون في بنغازي بعد أسبوع مجلساً انتقالياً للحكم، وحققت الميليشيات المسلحة في مختلف أنحاء البلاد انتصارات ضد النظام، بما في ذلك الجبال الغربية، لكن القذافي أطلق عند ذاك، هجوماً تخطى ما يدركه العقل، سحقت دباباته البلدات، واحدة تلو أخرى، وبدأت المقاومة تنهار، فيما تعهد القذافي بملاحقة جميع الذين عارضوه وإبادتهم، أصبح الوضع ميوؤساً منه، لذا أتى جبريل ليعرض قضيته.

وفيما انتظرتُ وصوله، رحتُ أفكر في معمر القذافي، أحد أكثر الحكام المستبدين في العالم غرابة أطوار، وقسوة، وتبدلاً في الآراء، ظهر على الساحة العالمية بشخصية شاذة عن الجميع، ومخيفة أحياناً، مع ملابسه الملونة، وحراسه الأمازونيين، والأهم قمة بلاغته وفصاحته.قال يوماً: «أولئك الذين لا يحبونني، لا يستحقون العيش!»، استولى القذافي على السلطة بانقلاب قاده العام 1969 وحكم ليبيا، المستعمرة الإيطالية السابقة بمزيج من الاشتراكية الحديثة، والفاشية، وعبادة الشخصية، وعلى الرغم من أن ثروة البلاد النفطية أبقت النظام واقفاً على قدميه، فقد أضعف حكمه المتقلب الاقتصاد والمؤسسات في ليبيا.

البيت الأبيض لم يبد رغبة كبيرة في تدخل أميركي مباشر فيما رأى «البنتاغون» أن فرض حظر جوي لا يكفي

وقد أصبح القذافي من أكبر أعداء الولايات المتحدة في ثمانينات القرن العشرين، بصفة كون دولته راعية للإرهاب، وعملية الاتحاد السوفياتي، وناشرة لأسلحة الدمار الشامل. والعام 1981 تصدرت صورة القذافي غلاف مجلة «نيوزويك» تحت عنوان: «الرجل الأخطر في العالم؟»، وسماه الرئيس ريغان «الكلب المسعور في منطقة الشرق الأوسط»، وقد قصف ليبيا العام 1986 رداً على هجوم إرهابي في برلين قتل مواطنين أميركيين، وخطط له القذافي، وادعى الأخير أن إحدى بناته قُـتلت في الغارات الجوية، مما زاد من توتر العلاقات.

وعمد عملاء ليبيون إلى تفخيخ طائرة بان آم ـ الرحلة 103، التي انفجرت فوق لوكيربي في اسكتلندا، مما أسفر عن مقتل 270 شخصاً. كان خمسة وثلاثون من الركاب الذين قُـتلوا في تلك الرحلة طلاباً من جامعة سيراكيوز، شمال ولاية نيويورك، وتعرفت إلى عائلاتهم حين مثلتهم في مجلس الشيوخ الأميركي.

عودة القاتل القديم
في نظري، كان القذافي مجرماً وإرهابياً لا يمكن إيلاؤه ثقة أبداً، ووافقني في ذلك جيرانه العرب، ومعظمهم على عداء معه، وقد تآمر يوماً، لاغتيال ملك المملكة العربية السعودية.وحين التقت كوندوليزا رايس القذافي في طرابلس العام 2008، وجدته «غير مستقر، ويميل إليها» قليلاً، وآثار ضجة في نيويورك العام 2009 عندما تحدث في الجمعية العمومية للأمم المتحدة للمرة الأولى منذ حكمه ليبيا قبل أربعين عاماً، أحضر معه خيمة بدوية كبيرة، لكنه أبلغ أنه لا يمكنه نصبها في حديقة سنترال بارك. سُـمح له بأن يتكلم في الأمم المتحدة خمس عشرة دقيقة فقط، لكنه أرغي وأزبد طوال ساعة ونصف الساعة. تضمنت خطبته الغريبة واللاذعة نظريات مدوية عن اغتيال كنيدي، واحتمال أن تكون إنفلونزا الخنازير في الحقيقة سلاحاً بيولوجياً صُمم في المختبر، واقترح أن يعيش الإسرائيليون والفلسطينيون في دولة واحدة تسمى «إسراطين»، وأن تنقل الأمم المتحدة مقرها إلى ليبيا للحد من تأخر مواعيد الطائرات وتجنب خطر الهجمات الإرهابية، باختصار، كان أداءً غريباً، وإنما نموذجي نسبة إلى القذافي.

وحاول القذافي مع ذلك في الأعوام الأخيرة أن يظهر للعالم وجهاً جديداً، فتخلى عن برنامجه النووي، وأصلح ذات البين مع المجتمع الدولي، وأسهم في القتال حتى ضد تنظيم «القاعدة»، لكن أي أمل في أن يلين ليصبح ما يشبه رجل دولة في شيخوخته تبخر بمجرد البدء بالاحتجاجات، ويا للأسف، فعاد القذافي القاتل القديم.

لقد جعلتني كل هذه الأمور، (الديكتاتور العصي، الهجمات على المدنيين، وضع المتمردين المحفوف بالمخاطر)، أُعيد النظر في ما يناقشه نظرائي الأجانب: هل حان الوقت ليتخطى المجتمع الدولي المساعدات الإنسانية وفرض العقوبات ويتخذ إجراء حاسماً من أجل وقف العنف في ليبيا؟ وإذا كان الجواب إيجابياً، فما الدور الذي يجب أن تؤديه الولايات المتحدة لتعزيز مصالحنا وحمايتها؟

التقيت محمود جبريل وبدا أقرب إلى تكنوقراطي منه إلى زعيم تمرد وكان أفضل مَـن يمكن أن نقابله

كنت انضممت قبل أيام فقط، في ٩ أذار/ مارس، إلى بقية أعضاء فريق الأمن القومي التابع لإدارة أوباما في غرفة عمليات البيت الأبيض لمناقشة الأزمة الليبية، لم يبد المشاركون رغبة كبيرة في تدخل أميركي مباشر.

اعتقد وزير الدفاع، روبرت غيتس، أن ليس للولايات المتحدة مصالح قومية أساسية على المحك في ليبيا، وقال لنا البنتاغون: «إن الخيار العسكري الأكثر احتمالاً، فرض منطقة حظر جوي على غرار ما حدث في العراق في تسعينات القرن العشرين، ولكن يحتمل ألا يكفي لترجيح كفة الميزان في اتجاه المتمردين، لأن قوات القذافي البرية قوية جداً».

ذكرى صدام حاضرة
وشهدت في اليوم التالي أمام الكونغرس وحاججت أن الوقت غير مناسب كي تتسرع أميركا وتتدخل من جانب واحد في الوضع المتفجر: «أنا من أولئك الذين يعتقدون بأن غياب تفويض دولي، وانخراط الولايات المتحدة وحدها سيكون تدخلاً في وضع لا يمكن التنبؤ بعواقبه، وأعرف أن هذا ما تشعر به قياداتنا العسكرية».

في أحيان كثيرة، طالبت دول أخرى بالتدخل سريعاً، ليبدو لاحظاً أن أميركا تتحمل كل الأعباء وتتخذ كل المخاطر، وذكرت الكونغرس: «كانت لدينا منطقة حظر جوي فوق العراق، وهي لم تمنع صدام من ذبح الناس على الأرض، ولم تخرجه كذلك من السلطة».

ولخص الحجة ضد التدخل، الجنرال المتقاعد ويسلي كلارك، وهو صديق قديم قاد حرب «ناتو» الجوية في كوسوفو في تسعينات القرن العشرين، في مقالة افتتاحية في صحيفة «واشنطن بوست» في ١١ آذار/ مارس: «مهما بلغ حجم الجهود والموارد التي سنكرسها لفرض منطقة حظر جوي، ستكون قليلة ومتأخرة جداً، سنلزم جيشنا مرة أخرى بفرض تغيير النظام في أرض مسلمة، على الرغم من أننا نتحاشى قول ذلك صراحة، لذلك، دعونا نعترف بأن المتطلبات الأساسية لتدخل ناجح غير متوافرة في بساطة، أقله حتى الآن. ليس لدينا هدف واضح، أو سلطة قانونية، أو دعم دولي ملتزم، أو قدرات عسكرية مناسبة لما يحدث ميدانياً، إضافة إلى أن الوضع السياسي في ليبيا لا ينذر بنتائج جلية».
للاطلاع على العدد (49) من «صحيفة الوسط» اضغط هنا (ملف بصيغة pdf)

هيلاري كلينتون تروي كواليس إصدار قرار فرض حظر جوي على ليبيا
هيلاري كلينتون تروي كواليس إصدار قرار فرض حظر جوي على ليبيا
هيلاري كلينتون تروي كواليس إصدار قرار فرض حظر جوي على ليبيا
هيلاري كلينتون تروي كواليس إصدار قرار فرض حظر جوي على ليبيا
هيلاري كلينتون تروي كواليس إصدار قرار فرض حظر جوي على ليبيا
هيلاري كلينتون تروي كواليس إصدار قرار فرض حظر جوي على ليبيا

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
انتشال 7 صواريخ من مخلفات حرب على طريق غريان وجادو
انتشال 7 صواريخ من مخلفات حرب على طريق غريان وجادو
تعاون «ليبي - أميركي» لتطوير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات
تعاون «ليبي - أميركي» لتطوير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات
حفتر يبحث مع حماد المستجدات السياسية على الساحة المحلية
حفتر يبحث مع حماد المستجدات السياسية على الساحة المحلية
وزارة التعليم تنشر استبيانًا بشأن جدول امتحانات «الثانوية»
وزارة التعليم تنشر استبيانًا بشأن جدول امتحانات «الثانوية»
«الخطوط الأفريقية» الناقل الحصري لحجاج ليبيا إلى الأراضي المقدسة
«الخطوط الأفريقية» الناقل الحصري لحجاج ليبيا إلى الأراضي المقدسة
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم