أجرى رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، اليوم الأحد، جولة في أستراليا على حقول الكرمة المخصصة لإنتاج النبيذ الذي أزالت بكين عقوباتها التجارية على صادراته، وأعلن عن إعارة دبّي باندا عملاقين إضافيين، في تجسيد لإعادة الدفء إلى العلاقات بين البلدين.
وتناولت وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونغ ولي تشيانغ الغداء في مصنع نبيذ بأديلايد، يعود إلى القرن التاسع عشر، بحسب وكالة «فرانس برس».
ومن المقرر أن يجتمع «لي» لاحقاً مع مزارعي النبيذ في ولاية جنوب أستراليا، والذين طالتهم العقوبات الصينية المفروضة في 2021 قبل رفعها في 2022.
كما يتضمن برنامج زيارته التي بدأها السبت، منجماً لليثيوم بغرب أستراليا قبل أن يلتقي الاثنين نظيره الأسترالي أنتوني ألبانيزي، لبحث عدة مواضيع شائكة، كحقوق الإنسان ونفوذ الصين في المحيط الهادئ و«السلوك» الذي يوصف بأنه «خطير» للجيش الصيني في المنطقة.
وقال «لي»، في بيان لدى وصوله السبت «لقد أثبت التاريخ أن الاحترام المتبادل والسعي إلى إيجاد أرضية مشتركة مع وضع الخلافات جانبا والتعاون ذا الفائدة المتبادلة هي تجربة قيمة في تنمية العلاقات الصينية الأسترالية».
كما من المقرر أن يزور الاثنين البرلمان، حيث سيقام حفل استقبال كبير له.
وفي إطار «دبلوماسية الباندا» التي تنتهجها بكين، والتي ترسل بموجبها حيواناتها الأليفة عبر العالم لتحسين علاقاتها الدبلوماسية، استهل «لي» زيارته الرسمية لأستراليا الأحد بجولة في حديقة الحيوانات في أديلايد بجنوب البلاد.
- الصين وأستراليا تطويان صفحة التدابير التجارية الانتقامية
وتُشكّل «دبلوماسية الباندا» بالنسبة إلى الصين إحدى أدوات استراتيجية «القوة الناعمة»، الهادفة إلى تعزيز نفوذها وتأثيرها في العلاقات الدولية.
وتتجسد هذه الاستراتيجية في توقيع بكين مع حدائق حيوانات دول أخرى، اتفاقات تعيرها بموجبها حيوانات باندا، على أن تعيد إليها هذه الحدائق بعد بضع سنوات صغار الباندا التي قد تنجبها الحيوانات المعارة، بغية ضمّها إلى برنامج التربية في الصين.
إلا أن حيواني الباندا العملاقين الموجودين في حديقة أديلايد لم ينجبا بعد صغاراً، فيما ينتهي هذه السنة اتفاق إعارتهما لكانبيرا.
ولاحظ رئيس مجلس الدولة الصيني، لي تشيانغ في حديقة الحيوانات في أديلايد أن «وانغ وانغ وفو ني بعيدان منذ 15 عاما عن المكان الذي ينتميان إليه»، ورجّح أن يكونا «افتقداه كثيراً»، مشيراً إلى أنهما «سيعودان بالتالي إلى الصين قبل نهاية السنة».
بداية توتر العلاقات بين أستراليا والصين
وأضاف «لكن ما يمكنني قوله هو أننا سنوفر في أقرب وقت ممكن زوجاً جديداً من الباندا الجميلة والساحرة والرائعة»، موضحاً أن بكين ستقدم إلى كانبيرا قائمة بالحيوانات التي ترشحها للإعارة.
وبدأت العلاقة بين أستراليا والصين بالتدهور في 2018، عندما استبعدت كانبيرا مجموعة هواوي العملاقة من شبكة الجيل الخامس لخدمة الإنترنت فائقة السرعة لمبررات أمنية.
وبعد ذلك في 2020، دعت أستراليا إلى تحقيق دولي في منشأ كوفيد-19، في خطوة اعتبرتها الصين مدفوعة سياسيا.
وفرضت بكين ردّا على ذلك قيودا تجارية على مجموعة من الصادرات الأسترالية تشمل الشعير ولحم البقر والنبيذ، بينما أوقفت وارداتها من الفحم.
وتحسنت العلاقات الاقتصادية بين البلدين منذ تولت حكومة رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي السلطة في عام 2022، واعتمدت نهجا دبلوماسيا أكثر ليونة تجاه بكين.
وجرى تدريجا إلغاء هذه القيود مع إصلاح العلاقة، رغم أن القيود ما زالت قائمة على صادرات النبيذ الأسترالية، إلا أن الكركند لا يزال أحد المنتجات القليلة الخاضعة للعقوبات التجارية، ويأمل مربوه أن يعيد «لي» فتح السوق الصينية أمام صادراتهم.
وقالت العضو الفخري في المعهد الآسيوي التابع لجامعة ملبورن، ميليسا كونلي تيلر، للوكالة الفرنسية، إن أستراليا شهدت «فترة طويلة من الجمود، لم يكن من الممكن خلالها إجراء أي محادثات رسمية مع الصين».
أكبر شريك تجاري لأستراليا
وأضافت أنه من المنتظر أن تبعث زيارة «لي» برسالة جديدة، مفادها أن «أستراليا تُعتبر من جديد دولة صديقة وليست معادية وغير ودية كما كنا عليه خلال تلك السنوات التي شهدت أقصى قدر من التوتر».
واعتبرت وزيرة الخارجية أنه «أمر جيد للاقتصاد، وللوظائف في جنوب أستراليا، وللسياحة، وهو رمز لحسن النية».
وتعد الصين أكبر شريك تجاري لأستراليا، مع 30% من صادراتها.
وبلغ حجم التبادل التجاري 327 مليار دولار أسترالي (حوالى 202 مليار يورو) في عام 2023.
تعليقات