Atwasat

ارتفاع تكاليف العودة المدرسية يزيد إثقال كاهل التونسيين

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 17 سبتمبر 2023, 02:06 مساء
WTV_Frequency

يتردد في إحدى مكتبات العاصمة التونسية السؤال «هل يوجد كرّاس مدعم؟»، لأكثر من مرة من قبل الأهالي الذين يبحثون عن هذا الصنف، ليخففوا من عبء مصاريف اقتناء اللوازم المدرسية في بلد يواجه أزمة اقتصادية غير مسبوقة.

وتتزامن العودة المدرسية هذا العام مع ارتفاع في أسعار المواد الاستهلاكية لم تشهده البلاد سلفا، بحسب وكالة «فرانس برس».

وتقلّب جميلة ساسي (40 عاما) وهي أم لطفلين في المستوى الابتدائي وتعمل موظفة في شركة خاصة، بين المحفظات المعروضة في المكتبة بحثا عن واحدة يكون ثمنها مناسبا لميزانيتها، لكن دون جدوى.

وتقول ساسي، لوكالة «فرانس برس» وملامح الحيرة بادية على وجهها «كان القرار مع زوجي أن نلغي مصاريف العطلة الصيفية والاصطياف ونخصصها لشراء مستلزمات العودة المدرسية...وكما تشاهدون الأسعار نار».

وبينما تنتظر دورها للوقوف في صف طويل لاقتناء كراس مدعم، تقول «الظاهر انه يجب التوجه إلى السوق الموازية لأجد الأسعار التي أبحث عنها».

وتطرح السلطات التونسية نوعية من الكراريس يطلق عليها اسم «الصنف المدعم» وتباع بأقل من دينارين (حوالي 0,6 يورو)، مقارنة بثمن الكراريس الرفيعة النوعية التي يناهز سعرها ثلاث مرات المدعمة وغالبا ما تشتريها العائلات ذات الدخل الضعيف.

إلى ذلك، لم يعد الأولياء قادرين على سداد كلفة دراسة ابنائهم في المدارس الخاصة لارتفاع أسعارها.

وذلك على غرار إسماعيل بن إدريس (41 عاما) وهو مهندس حاسوب، قرّر نقل ابنه من مدرسة خاصة إلى مدرسة حكومية لأنه «لم يعد قادرا على دفع 4 الاف دينار (حوالي 1200 يورو) مصاريف طوال العام».

«الكرّاس.. الزيت والسميد»
وتمثل العودة المدرسية لعديد العائلات «كابوسا»، بعد تواصل «المواسم الاستهلاكية» من مناسبات الأعياد والعطلة الصيفية، وصولا إلى العودة المدرسية ويضطر العديد من الأولياء إلى الاستدانة لمواجهة ارتفاع الأسعار.

ويقول رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي، «سجلنا ارتفاعا ما بين 15 و18% في تكلفة مستلزمات العودة المدرسية مقارنة بالسنة الماضية».

وفي ركن آخر من المكتبة يقف بلقاسم الطرابلسي مع زوجته بين رفوف الكتب والأقلام، علّه يجد بدوره أسعارا لا تثقل كاهل جيبه.

ويقول بلقاسم الطرابلسي (50 عاما) وهو أب لأربعة أطفال «بالنسبة لي ارتفعت الأسعار بين 20 و30% مقارنة بالسنة الفائتة والكراس المدعم مفقود لا يوجد.. العودة المدرسية تتطلب جيوبا مليئة بالنقود»، مضيفا «نبحث عن كل المواد المدعمة، الكرّاس والسميد والزيت، وكل ما هو مدعوم من الدولة مفقود».

وادخر بلقاسم مالا خلال فصل الصيف ويعوّل على المساعدة المالية التي تقدمها له شركة النقل الحكومية حيث يعمل ليستطيع تلبية حاجيات أطفاله، لأنه هو مصدر الدخل الوحيد في العائلة.

بدورها تؤكد المشرفة على المكتبة فاتن المناعي أن العملاء أصبحوا يطلبون «أكثر فأكثر تقسيط الدفع لان الراتب لم يعد يكفيهم».

«أصحاب الدخل المتوسط يطلبون الكراس المدعم»
وعلى سبيل المثال وكمؤشر على تراجع القدرة الشرائية تبين أن «الكراس المدعم كان مخصصا فقط لمن دخلهم ضعيف لكن اليوم حتى من أصحاب الدخل المتوسط، يطلبون الكراس المدعم».

ويبلغ معدل الرواتب وفقا لتقديرات منظمات غير حكومية في تونس نحو 300 دولار في بلد تجاوز عدد الأشخاص تحت خط الفقر فيه الأربعة ملايين. (من أصل نحو 12 ملايين نسمة).

والتعليم الحكومي في تونس مجاني لكل الفئات وأقرّت الحكومة للموسم الدراسي الحالي أمام تضخم التكاليف، رفع المساعدة المالية التي تشمل حوالي 500 ألف تلميذ من أبناء العائلات المعوزة ومحدودة الدخل، من 50 إلى 100 دينار (30 يورو).

أزمة اقتصادية غير مسبوقة
وأظهرت بيانات تقرير نشره «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية»، بعنوان «إنفاق المجتمع على التعليم: بين الوهم المجانية وإرهاق الإنفاق العائلي»، أن اسعار المواد المدرسية شهدت ارتفاعا بـ48% من العام 2021 وصولا إلى 2023.

وأكدت المنظمة في تقريرها أن «إنفاق المجتمع والعائلة أساسا على التعليم والذي ما انفك يتطور من سنة إلى أخرى، ما جعله يرهق ماديا العائلات التونسية خاصة المتوسطة والمحدودة الدخل والتي تعاني في الأصل من ارتفاع التضخم».

مفاوضات متعثرة مع صندوق النقد
وتواجه تونس أزمة اقتصادية غير مسبوقة فقد بلغت نسبة التضخم 9,3% ونسبة نمو اقتصادي ضعيفة لا تتجاوز 0,6% وفقا لآخر الإحصاءات الرسمية، فضلا أن العديد من المواد الاستهلاكية الأساسية أصبحت مفقودة من السوق على غرار السميد والطحين والزيت وغيرها، لذلك يخوض هذا البلد مفاوضات متعثرة مع صندوق النقد الدولي، لنيل قرض جديد بقيمة ملياري دولار لسد عجز موازناته المالية.

ويقدر خبراء اقتصاد أن البلاد لم تعد تتمكن من تأمين العملة الصعبة الكافية لتوريد السلع لأسواقها الداخلية وينتج عن ذلك نقص أمام تزايد الطلب.

- حكومة الدبيبة تمد تونس بـ170 شاحنة مواد غذائية

يعتبر الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان أن العودة المدرسية خلال سبتمبر «صعبة» على التونسيين، مشيرا إلى «اللوازم المدرسية التي تنفجر أسعارها، فضلا عن المدارس الخاصة التي ارتفعت أسعارها»، مع نهاية عطلة فصل الصيف التي غالبا ما تتزامن مع وصول فواتير استهلاك الطاقة.

ويرى الخبير أن ذلك سيعزز «الاستياء» لدى التونسيين بسبب تكرر نقص المواد.

ةيخلص بلقاسم بينما يقلب فاتورة مقتنياته الطويلة «ماذا بقي للمواطن من خيار؟ إنه يختنق».

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
رغم الانتشار المحدود.. بذور ضد الجفاف تزرع الأمل في المغرب
رغم الانتشار المحدود.. بذور ضد الجفاف تزرع الأمل في المغرب
ماذا يعني تثبيت أسعار الفائدة في أميركا؟
ماذا يعني تثبيت أسعار الفائدة في أميركا؟
منظمة التعاون والتنمية ترفع توقعاتها للنمو العالمي
منظمة التعاون والتنمية ترفع توقعاتها للنمو العالمي
المفوضية الأوروبية تعلن دعما ماليا للبنان بقيمة مليار يورو
المفوضية الأوروبية تعلن دعما ماليا للبنان بقيمة مليار يورو
أسعار النفط ترتفع مع احتمال استمرار «أوبك بلس» في خفض الإنتاج
أسعار النفط ترتفع مع احتمال استمرار «أوبك بلس» في خفض الإنتاج
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم