Atwasat

صعوبات باكستان الاقتصادية تنعكس على قطاع النسيج

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 06 أغسطس 2023, 07:22 مساء
WTV_Frequency

يواجه قطاع النسيج في باكستان أزمة تدفعه للخلف لصالح منافسين آسيويين أكثر حيوية، وهو التعثر الناجم عن الصعوبات الاقتصادية الكلية التي يواجهها الاقتصاد الباكستاني خلال السنوات الأخيرة، مع تطورات سياسية تزيد الوضع غموضًا.

تقرير لوكالة «فرانس برس» سلط الضوء على هذا التعثر ضاربًا مثالًا بالمواطنة الباكستانية لبنى بابار، التي جرى الاستغناء عن خدماتها في أحد المصانع مطلع العام لتكون ضحية أخرى لأزمة قطاع النسيج.

تقول الباكستانية (43 عامًا) في لاهور: «عندما تخسر وظيفتك، تنتهي حياتك». وتابعت «عملنا في المصانع على مدى سنوات.. عندما يجري تسريحك، تكون النهاية».

قطاع النسيج يسهم في 60% من صادرات باكستان
يعاني قطاع التصنيع الباكستاني، على غرار الوضع في مختلف دول العالم، من تباطؤ الاستهلاك العالمي وارتفاع تكاليف الطاقة بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا.

لكن مع تدهور الوضع الاقتصادي والاضطرابات السياسية المستمرة منذ شهور، تفاقمت الصعوبات في قطاع النسيج الذي يسهم في 60% من صادرات باكستان.

- باكستان تكشف عن ميزانية بنحو 50 مليار دولار نصفها لخدمة الديون

وتحسن القطاع في المرحلة الأخيرة من أزمة كوفيد، عندما رُفعت القيود عنه في باكستان قبل بلدان منافسة مثل الهند وبنغلادش، كما أنه استفاد من مساعدات حكومية شملت أسعار طاقة مخفضة، لكن في 2022-2023، تراجعت صادرات الأنسجة بنسبة 15% إلى 16.5 مليار دولار.

وقال مدير «سارينا لصناعة الأنسجة» حميد زمان: «قبل عامين، كنا على مسار نمو مرتفع للغاية.. شعرنا بالثقة بأن صادراتنا هذا العام ستصل إلى 25 مليار دولار». وأفاد «فرانس برس»: «للأسف، عندما يكون هناك عدم استقرار سياسي وتكون الأمور غير واضحة، وتُقلب سياسات الحكومة، ينتهي الأمر بمأزق».

بدأت الاضطرابات السياسية في أبريل العام الماضي، عندما أقيل عمران خان من منصب رئيس الوزراء عبر تصويت لسحب الثقة. ولدى سعيه لتحويل الدعم الشعبي له إلى تحرك يهدف لإجبار الحكومة على تنظيم انتخابات مبكرة، أوقف في مايو لتندلع أعمال عنف لم تنته إلا بحملة أمنية واسعة النطاق استهدفت حزبه وأنصاره. وأدين بالفساد السبت وحُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات.

مصانع النسيج تغلق أبوابها
يوظف قطاع الأنسجة والملابس حوالي 40% من قوة العمل الصناعية في باكستان والتي تضم 20 مليون شخص. وتشمل أسواق التصدير الرئيسية الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وتركيا والإمارات العربية المتحدة إذ توفر باكستان أقمشة قطنية ومنسوجات وأغطية أسرّة ومناشف وملابس جاهزة لعلامات تجارية عالمية على غرار «زارا» و«إتش أند إم» و«أديداس» و«جون لويس» و«تارغت» و«مايسيز».

لكن العديد من المصانع أغلقت أبوابها، على الأقل موقتًا، خلال الأشهر الأخيرة أو لم تعد تعمل بإمكاناتها الكاملة. وأوضح حميد زمان: «أغلقت ما بين 25 و30% تقريبا من مصانع النسيج أبوابها. يقدّر بأنه جرى خسارة قرابة 700 ألف وظيفة في العام الماضي أو منذ عام ونصف العام».

اختبرت بابار ذلك بنفسها لدى محاولتها البحث عن عمل في مصانع أخرى، لتدرك بأنها تسرح الموظفين أيضًا. وأكدت «قالوا إنهم لم يعودوا يتلقون طلبات من الخارج».

بعد فيضانات صيف 2020 المدمرة، تراجع إنتاج القطن في باكستان إلى مستوى قياسي. ولم يكن بمقدور قطاع الأقمشة التعويض عبر الشراء من الخارج نظرا إلى تجميد الحكومة الواردات للمحافظة على احتياطاتها من العملات الأجنبية.

علقت بالتالي آلاف الحاويات المليئة بالمواد الخام والآليات الضرورية لصناعات البلاد لشهور في ميناء كراتشي (جنوب). كما شهدت شركات الأنسجة ارتفاعًا كبيرًا في كلفة رأس المال، مع تجاوز معدلات الفائدة نسبة 20% فيما سعى المصرف المركزي للحد من التضخم القياسي.

قروض ومساعدات خارجية لإنقاد اقتصاد باكستان
نجحت باكستان أخيرًا في تأمين احتياطاتها من العملات الأجنبية عندما أُقرّ في منتصف يوليو قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي ومساعدات إضافية من الصين والسعودية والإمارات.

لكن مدير «أقمشة غازي الدولية» كامران أرشاد رأى أن «ذلك ليس حلًا إذ أنه مجرد إغراق بالديون». وشدد على أن «الطريقة الوحيدة للمضي قدمًا هي عبر زيادة صادرات باكستان وخلق بيئة مشجعة على الاستثمار من شأنها تحفيز النشاط والإنتاج الصناعي».

وشملت شروط خطة الإنقاذ التي وضعها صندوق النقد إنهاء دعم الطاقة، ما أدى إلى ارتفاع كبير في تكاليف الكهرباء، وهو ما يؤثر على تنافسية شركات النسيج.

وأفاد أرشاد أن «التحدي الأكبر الذي نواجهه هو أن أسعار الطاقة أعلى بكثير من تلك في الهند وبنغلادش وسريلانكا وفيتنام والصين». وتابع «لا نطلب دعمًا. نطلب بشكل واقعي بأن تكون أسعار الطاقة الإقليمية تنافسية».

وفي ظل هذه التحديات، خسر مصنعو النسيج في البلاد زبائن على مستوى العالم. وأوضح الرئيس التنفيذي لـ«كوفينور ميلز» عامر فايز شيخ أن «حصة باكستان السوقية الإجمالية في قطاع النسيج والملابس كانت 2.25% قبل عامين. تراجعت اليوم إلى 1.7%».

يرى شيخ بارقة أمل إذا استقر الوضع السياسي بعد الانتخابات المقررة قبل نهاية العام. وقال بعد الانتخابات سيكون هناك المزيد من الوضوح السياسي وسيساعد ذلك في تحقيق مزيد من الاستقرار الاقتصادي، لكن بالنسبة لعمال عاديين مثل بابار، وهي أم لثلاثة أطفال، فالأمل ضئيل.

وقالت «الحياة تزداد صعوبة كل يوم.. نطهو مرة ونحرص على أن يكفينا الطعام ليومين. وإذا لم يكن لدينا طعام، نتدبر أمورنا من دون أن نشتكي».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«أرامكو» السعودية تدخل في شراكة عالمية مع «فيفا» لـ4 أعوام
«أرامكو» السعودية تدخل في شراكة عالمية مع «فيفا» لـ4 أعوام
أسعار النفط ترتفع مع مؤشرات بنمو الاقتصاد الأميركي
أسعار النفط ترتفع مع مؤشرات بنمو الاقتصاد الأميركي
السودان.. الموسم الزراعي مهدد وخطر المجاعة يخيم على الأجواء
السودان.. الموسم الزراعي مهدد وخطر المجاعة يخيم على الأجواء
ارتفاع التضخم في أميركا قبل أيام من اجتماع الاحتياطي الفدرالي
ارتفاع التضخم في أميركا قبل أيام من اجتماع الاحتياطي الفدرالي
بعد «تيك توك».. واشنطن تتجه لحظر منصات تجارية صينية
بعد «تيك توك».. واشنطن تتجه لحظر منصات تجارية صينية
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم