يرى الكاتب المصري شوقي جلال أن الاهتمام بالترجمة يعني الارتباط برؤية خاصة للمستقبل من خلال الانفتاح على العالم، منتقدًا قلة إنتاج العرب من الكتابات المترجمة، ويقول إنه يمكن للإبداع الأدبي أن ينتعش في ظل الاستبداد.
ورجح جلال أن يكون حجم ما يترجمه العالم العربي حاليًا أقل مما كان يترجم في التسعينات بعد «خروج مراكز مهمة للترجمة» في العراق وسورية، بحسب ما قاله لـ «رويترز».
ويؤكد أن ما يترجم من كتب يسد بعض الفراغ، ولكنه غير كافٍ نظرًا لأن الترجمة لا تنشط إلا في مجتمع حر منتج للفكر.
شوقي جلال من مواليد أكتوبر 1931، وله مؤلفات منها: «نهاية الماركسية» و«العقل الأميركي يفكر»، ومن ترجماته «بنية الثورات العلمية» و«الثورة الخفية في العالم الثالث» و«الإسلام والغرب».
وكانت الطبعة الأولى لترجمة رواية «المسيح يصلب من جديد» صدرت في القاهرة العام 1970، ولم يترجمها جلال عن اللغة اليونانية التي كتبت بها وهو ما يثير قضية ترجمة الإبداع الأدبي عن لغة وسيطة.
الضرورات تبيح المحظورات
ويقول جلال إنه في مجال الترجمة يمكن اللجوء إلى مقولة «الضرورات تبيح المحظورات» إذا استعصت ترجمة نص إبداعي مهم وجدير بالترجمة عن لغته الأصلية. ويضيف: «كنت أقرأ المشهد وتدمع عيناي فأترجمه ثم أعيد الصياغة أكثر من مرة لتصل إلى روح النص الأصلي».
لكن طرح قضايا الترجمة يثير شجون جلال الذي يرثي لحال الجامعات العربية، قائلاً إن كثيرًا منها يعني بتخريج مدرسين للنقد لا نقاد للأدب، وإن أحوال كثير من الجامعات في العالم العربي تتسق مع «أحوال الاستبداد الذي يقتل الإبداع.. يمكن للإبداع الأدبي أن ينتعش في ظل الاستبداد، ولكن الإبداع الفكري والعلمي يحتاج إلى سياق من الحريات العامة».
جلال: كيف نكون مبدعين ونحن نعيش في عصر القبلية؟
ويرى أن للإبداع بمعناه الشامل مضمونًا حضاريًا: «فكيف نكون مبدعين ونحن نعيش في عصر القبلية.. نحن مجتمعات خارج دوائر الإبداع الإنساني ولا نجيد إلا إنتاج بعض احتياجاتنا المادية المباشرة بعيدًا عن الإبداع الذهني»، الذي يحتاج في رأيه إلى أجواء من الحرية تدفع المواطن إلى أن يتجاوز الواقع ويلتمس ما بعده من حدود يحلق فيها الخيال، مضيفًا: «في ظل الاستبداد العربي لا يوجد إبداع في مجال العلوم الطبيعية أو الإنسانية، كل شيء مستعار بما في ذلك نظريات النقد الأدبي».
وتصدر السبت طبعة جديدة من ترجمة رواية الكاتب اليوناني نيكوس كازانتزاكيس «المسيح يصلب من جديد» لجلال بالقاهرة.
وقال جلال إن ترجمته الرواية استغرقت عامين كاملين، وإنه ترجمها عن الإنجليزية والفرنسية، وإن من يعرفون اليونانية «قالوا إنها أكمل ترجمة عربية وأقربها لنص كازانتزاكيس الذي حدث بيني وبينه نوع من المشاركة الروحية والتماهي في أمرين: التصوف والتمرد، وهذا ما أعطاني فرصة التقمص الوجداني للنص».
تعليقات