سيرة المؤرخ التركي - الليبي أورخان في محاضرة بدار الثقافة

سيرة المؤرخ التركي - الليبي أورخان في محاضرة بدار الثقافة

المحاضر الدكتور عبدالكريم أبو شويرب (بوابة الوسط)

ألقى الدكتور عبدالكريم أبوشويرب، السبت، محاضرة، بدار الثقافة والفنون والتراث بميزران، تناول خلالها سيرة المؤرخ التركي - الليبي، أورخان سعد الله بن سعود، وأثره البحثي ومؤلفاته حول أصول العلاقات الليبية - التركية.

واستهل المحاضر حديثه بالتوقف عند مراحل التكوين العلمي لأورخان الذي وُلد قرب مدينة قونيا 1929، ووالده سعد الله يعتبر اسمه من الألفاظ الشائعة في مدينة بنغازي ومعظم مدن الشرق، وينتمي إلى أسرة بن سعود المعروفة في درنة، وكان الأب أحد الطلبة المئتين الذين جمعهم الضابط التركي «أنور بك» من كل نواحي وقرى الجبل الأخضر وأرسلهم في باخرة خاصة إلى إسطنبول للدراسة بأعمار تتراوح من 10 إلى 15 سنة.

مصير مجهول
أكد استنادًا لما أوردته مذكرات أنوربك ابتهاج أسر الأطفال بالإيفاد، بسبب الخوف عليهم من تداعيات غزو إيطاليا الذي تصلهم أخباره من واقع التحشيد والدعاية للأخيرة، ومع حدوثه في أكتوبر سنة 1911 بين أبوشويرب أن عددًا من الوثائق سلطت الضوء على مصير بعض هؤلاء الأطفال، وتوضح أن أنوربك ومحمود شوكت وزير الحربية آنذاك، قاما بإرسال مجموعات منهم على مراحل، تتراوح أعدادهم من 7 إلى 8 محملين بالأسلحة بغية إيصالها للسيد أحمد الشريف عبر جزيرة كريت وصولًا للجبل الأخضر، وحدث وقوع إحدى المجموعات في قبضة بارجة فرنسية وبقوا أسرى لسنوات.

ونبه المحاضر إلى أن مصائر معظمهم لازالت في كنف المجهول، وبذا يتوجب الاستقصاء عن أوضاعهم وأماكن تواجدهم، وهي مادة بحثية بكر ينبغي الاتجاه إليها من قبل الطلاب والمختصين.

ويذكر أن الملك إدريس السنوسي قام بعد الاستقلال بتعيين علي أحمد الجربي، وهو أحد الطلبة كأول سفير ليبي لدى أنقرة وكلفه الاتصال بمَن يراه من الخبرات الليبية المقيمة هناك، عسكرية أو مدنية، لتولي مناصب في الدولة الفتية، منهم عمران الجاضرة أول قائد للجيش الليبي، وعبدالسلام البوصيري الذي شغل منصب وزير الخارجية سنة 1954.

الطفولة والشباب
وبالرجوع إلى رحلة والده سعدالله بن سعود، أوضح أبوشويرب تكليفه في أول تشكيل وزاري من قبل الملك إدريس السنوسي، ويتحدث أورخان عن فترة بقائه مع والده لمدة ثلاث سنوات ببنغازي بالقول: «تعرفت إلى أعمامي وأخذت منهم تفاصيل عن أيام الجهاد، وتمنيت أني دونت هذه المذكرات، وكذا علمت من كبار السن رجال ونساء عن اسباب سقوط الدولة العثمانية لم أكن لأجدها في الكتب».

وأضاف أن أورخان درس في «غلاطة سرايا» وهي أقدم وأشهر مؤسسة تعليمية خاصة تخرج فيها الكثير من الضباط وأسماء معروفة في عالم التجارة والاقتصاد، وشخصيات عرفت بميولها اليسارية، وبحكم تأثره بهذه الأجواء اتجهت ميوله للصحافة والكتابة.

رحلة الكتابة
وأشار إلى أن أول أثر لأورخان يختص بليبيا كتابه «مذكرات الضباط الأتراك في معركة ليبيا» سنة 1978، وردود الأفعال التي نتجت عن ترجمته للعربية باعتباره يتناول مراحل الجهاد المشترك بين الضباط الأتراك والشعب الليبي، مما فتح الباب أمام المؤرخين الليبيين في هذا المسار، وأدى إلى ترجمة كتب ومطبوعات عثمانية بالخصوص.

وأضاف بالقول إن ذلك أفسح المجال لزيارات البحاث من المؤسسات العلمية والجامعات لدور الأرشيف التركي، وتصوير المئات منها وترجمتها، ما شكل إفادة مهمة لطلبة الدراسات العليا.

وأردف موضحًا فيما يتعلق بنتاجه التأليفي حول ليبيا أن سنوات الثمانينات كانت الأغزر لأورخان منها «زعيمان ليبيان مع مصطفى كمال» سنة 1981 والمقصود هما المجاهدان أحمد الشريف وسليمان الباروني، وكتاب «ليبيا في المجالس العثمانية 1983-1986»، «الرأي العام الإسلامي خلال الحرب الليبية» 1988، «حرب الرسوم الساخرة»1989، «استعمال الطائرة في الحرب» 1988، «مصطفى كمال في طرابلس وبنغازي» 1990، «أسطورة أنور باشا» 1990، وقدم في 2007 عملًا موسوعيًّا بعنوان «خمسمائة سنة من التواصل الليبي التركي».

وألمح إلى أن مؤلفاته لم تقتصر على الجانب الليبي فقط، بل تعدته إلى موضوعات أخرى تتحدث عن السلطان عبدالحميد، تاريخ الانقلاب التركي، الماسونية، إضافة قضايا الساعة بالساحة التركية عن السياسة والاقتصاد وما يختص بالجانب الاجتماعي أيضًا.

توفي أورخان سنة 2017، وتولى صديقه الكاتب أكمل الدين إحسان مدير مركز الدراسات الإسلامية للتاريخ والثقافة إعداد كتاب خاص عنه في 200 صفحة، ضم ببلوغرافيا شاملة لكامل نتاجه من كتب وأبحاث.