رمضان البكشيشي من مواليد مدينة بنغازي سنة 1938، تزامن وعيه وحبه للرسم، وقت انفتاح شباب ومستنيري بنغازي على المجلات المصرية، التي كان يستقبلها المربي الفاضل عبدالهادي إستيته في طبرق، ويرسلها إلى مكتبة عوض زاقوب، ثم انتظم توزيعها تماما عبر مكتبته بوقعيقيص.
حب الفنان رمضان البقشيشي للرسم تطور من تأثير رسوم الفنان حسين بيكار في مجلة «آخر ساعة» والفنان جمال كمال في مجلة «روز اليوسف». اهتمامه بالرسم، جعل مُدرس المادة «الأستاذ يحيى بوحمدة »، يهتم به ويرعاه، حتى بعد اجتياز المرحلة الثانوية في بنغازي سنة 1957، فلقد كان الأستاذ بوحمدة قد أسس جمعية رعت المناشط التشكيلية والثقافية. كان الفنان رمضان البكشيشي أحد أعضائها، رفقة نخبة شكلت المشهد الثقافي الليبي، واستمر تأثيرها حتى بداية هذا القرن، تذكر المصادر منهم: الفنان محمد استيته، والأديب الصادق النيهوم والدكتورين منصور الكيخيا وصادق مخلوف، الذين قدموا العديد من الأنشطة الثقافية. ولما التحق الفنان رمضان البكشيشي بمعهد المعلمين، الذي كان حينها منارة، أسهمت كثيرا في إثراء التعليم في ليبيا، وبسبب نشاطهم الفني المتميز انتقت منهم اليونيسكو كلا من: رمضان البكشيشي، محمد استيته، وحسن بن دردف، ومحمود السعيطي، وسليمان باله وتلقوا دورات تعليمية فنية بمصر، وما إن عادوا حتى شاركوا في غالبية المعارض المقامة في المناسبات العامة.
سنة 1970 تحصَّل البكشيشي على دبلوم معهد المعلمين شعبة التربية الفنية، ثم عُـيِّن مشرفًا للتربية الفنية بعد ذلك، ثم رئيس مكتب النشاط الفني العام 1975، وبعد ذلك موجها تربويا في التعليم 1980 لحين تقاعده العام 1986 متفرغًا للرسم.
كتبت بوابتنا هذه عنه، يوم الإثنين 9 مارس 2015 مبرزين أن مسيرة البكشيشي، وبحسب ما قدَّمه من أعمال فنية مختلفة يتضح أن موهبته سارت به في اتجاهين مختلفين: الأول يتمثل في المواضيع التاريخية عن كفاح الشعب الليبي، ومواضيع اجتماعية تمثِّل الحياة اليومية للمجتمع غير متقيِّد بالقواعد الأكاديمية، مستخدمًا لغة تشكيلية تعتمد على عفوية اللمسة وقوة التعبير، مبتعدًا عن النقل الحرفي والمحاكاة الدقيقة للواقع. وفي هذا يقول الفنان: «لا يهمني نقل الواقع نقلاً حرفيًّا يقيِّد من حرية تدفق انفعالاتي بشكل عفوي وتلقائي»، فأنجز لوحاته بنوع من الخصوصية متأثرًا بتعبيرية جويا من خلال لوحاته المتمثلة ببشاعة القتل وفضائح الحروب، فنجده في هذا الأسلوب يتَّجه نحو التعبيرية التشخيصية التي تنحى نحو الذاتية كمبدأ لبناء العمل الفني. والاتجاه الآخر في تناوله« للبورتريه »أكثر قربًا والتزامًا بالواقع مع ميل نحو البساطة والتلقائية والزهد في الألوان، التي غالبًا ما كانت ألوان «أكريلك » مضحِّيا بالتفاصيل والنقل الحرفي من خلال تحريفه المقصود للخطوط وملامح الوجه.
ونجد أن أسلوب الفنان في رسم الصورة الشخصية بصفة عامة يميل نحو البساطة والتلقائية، كما أنه اعتمد على الزهد في الألوان، والتي في الأغلب كانت ألوانا مائية «الأكريلك» ، معتمداً على الخط في تحديد الشكل ونجده نوعاً ما مضحياً بالتفاصيل، والنقل الحرفي من خلال تحريفه المقصود للخطوط وتحويره لملامح الوجه التي يكاد يقترب في بعض منها إلى فن الكاريكاتير.
كتب الراحل حمد المسماري، عن إحدى لوحاته قائلا: «... وكم كان جميلاً أن يجسد رسم هذه الحكاية البنغازية -يقصد سيدة الأفراح خديجة المطربة الوردة الليبية- بل الليبية الجميلة الفنان التشكيلي رمضان البكشيشي، في لوحة رائعة تنبض بمعان شتى، قد لا تموت في قلب ما يرسم حين تكون هذه المعاني صادقة، وعميقة الغور».
وكتبت عنه جريدة القدس العربي يوم 19/3/2014، في معرض حديثها عن التشكيليين الليبيين، قائلة: «رمضان البكشيشي فنان قدير يسجل مواضيعه من الذاكرة الشعبية وما يلتقطه من مفردات من حياة الناس بكل أفراحها وأحزانها في جو مأخوذ بحنين الماضي الجميل...».
تعليقات