في مثل هذا اليوم منذ 11 سنة رحل عنا الشيخ محمود دهيميش الواعظً والخطيبً، الذي ولد في بنغازي سنة 1911، التي ابتلت خلالها بلادنا بالغزو الإيطالي؛ حينها كان التعليم يكاد ينحصر فيما تقدمة كتاتيب مساجد البلاد من ثقافة دينية، ولغة عربية. الحقه والده بكتّاب جامع الوحيشي، فحفظ القرآن سنة 1921 على يدى الفقيه عبدالنبي الترهوني واستفاد من امكانيات الشيخ أحمد مرسي البرغثي الذي برع في تدريس اللغة العربية وآدابها.
ابتدأ الشيخ مشواره " مجوّداً ومرتـّلاً؛ فهو صاحب صوت رخيم جميل، ويتأثر ويحاكي الشيخ المصري الفذ محمد رفعت، ثم يشجعه الأمير إدريس (قبيل الاستقلال) فيبعثه ليواصل دراسة التجويد بالأزهر فيتحصل على إجازته العام 1952" .
محطات هامتان وقف عندهما الشيخ دهيميش خلال مسيرة حياته، الأولى: امتهانه حرفة "الطلاء" اليدوي لينفق منها على اسرته، أما الثانية، فهي التعليم إذ التحق بالتدريس معلما لمادة التربية الدينية في مدرسة الأمير الأبتدائية، ثم مفتّشاً للتغذية المدرسية في بنغازي فمديراً لها حتى عام 1970، فيما ظل مقرئًا بالديوان الملكي الليبي، الذي كلفه بتأسيس مدرسة قرانية بمدينة طبرق.
كان التعليم لشيخنا مهنة مقدّسة وواجباً وطنياً، وقد عرفته أجيال مدرسة الأمير معلّماً فاضلاً، وعرفته الأسر الليبية التي نزحت من بنغازي أثناء الحرب إلى سواني عصمان، متطوعا لتعليم أطفالهم. ثم انضم إلى مؤسسي الإذاعة المحلية منذ انطلاقها من معسكر الريمي عام 1950مقرئا ومكتشفا لعدد من المذيعين.
ولم تتوقف فتاويه ولا مواعظه، ومازالت بنغازي تتذكر توقف حركة المرور، في شارع جمال عبد الناصر، أثناء مواعظ صلاة ظهر ايام الجمع . سيظل شيخنا هذا في ذاكرة الوطن الذي رحل عنه يوم 27/3/ 2009
تعليقات