تزايدت الدعوات في تونس، اليوم الخميس، من أجل وضع استراتيجية فعلية وشاملة لمكافحة الإرهاب إثر مقتل عناصر من الأمن الرئاسي في هجوم تبناه تنظيم «داعش»، في حين وصف البعض إجراءات أمنية أعلنتها السلطات بأنها «سطحية».

وقُتل الثلاثاء 12 عنصرًا من الأمن الرئاسي عندما هاجم انتحاري يحمل حزامًا ناسفًا حافلتهم قرب من شارع محمد الخامس الرئيسي وسط العاصمة. وأعلن «داعش» مسؤوليته عن الهجوم. وسبق أن تبنى هجومين سابقين في تونس العام الجاري، أسفرا عن مقتل شرطي تونسي و59 سائحًا أجنبيًّا.

وفرضت السلطات، إثر هجوم الثلاثاء، حالة الطوارئ في البلاد وحظر تجول ليلي في «تونس الكبرى» (شمال شرق)، كما قررت إغلاق الحدود اعتبارًا من الأربعاء ولمدة 15 يومًا مع جارتها ليبيا الغارقة في الفوضى.
في هذه الأثناء، دعت أحزاب سياسية ومنظمات غير حكومية إلى «الوحدة الوطنية» والاصطفاف وراء قوات الأمن والجيش في «حربها ضد الإرهاب».

الوحدة الوطنية
وانتقد سياسيون، اليوم الخميس، الإجراءات التي أقرَّتها السلطات إثر الهجوم الدموي الأخير، مطالبين بوضع استراتيجية شاملة وفعلية لمكافحة الإرهاب. وقال النائب في البرلمان التونسي، أحمد الصديق، خلال جلسة عامة لمناقشة موازنة الدولة لسنة 2016 حضرها رئيس الحكومة الحبيب الصيد: «نحن مع الوحدة الوطنية، وراء الحكومة في هذه اللحظات الصعبة، لكن نعتقد أن شعبنا كان ينتظر إجراءات أكثر».

وأشار إلى وجود قرارات استراتيجية لم تُـتَّخذ بعد في إعادة هيكلة المنظومة الأمنية وإعادة خطة إعادة الانتشار العسكري. ودعا النائب عن حركة النهضة الإسلامية، عبد اللطيف المكي، القوة الثانية في البرلمان (69 مقعدًا)، إلى عقد مؤتمر وطني لمكافحة الإرهاب.

وقرر المجلس الأعلى للأمن القومي الذي يضم كبار القادة العسكريين والأمنيين، الأربعاء، إغلاق الحدود البرية مع ليبيا لمدة 15 يومًا وتشديد المراقبة على الحدود البحرية والمطارات. وترتبط تونس وليبيا بحدود برية مشتركة تمتد على نحو 500 كلم وينتشر على طولها تهريب الأسلحة والبضائع، بينما تسود فوضى أمنية في ليبيا التي توجد فيها بؤر عديدة لمجموعات جهادية.

وقرَّر المجلس توظيف ستة آلاف عنصر جديد بوزارتي الداخلية والدفاع في 2016، كما قرر «تكثيف عمليات حجب مواقع الإنترنت التي لها صلة بالإرهاب» و«تفعيل قانون مكافحة الإرهاب في أسرع وقت ممكن».

نقص في الرؤية
ووصف المحلل سليم الخراط الإجراءات التي أعلنتها السلطات إثر هجوم الثلاثاء بأنها «قرارات سطحية اُتخذت لطمأنة رأي عام خائف وتشير إلى نقص في الرؤية». وتساءل الخراط: «ما الاستراتيجية الأساسية؟ ماذا عن إصلاح أجهزة الأمن؟ ماذا أعددتم لإصلاح التعليم والحد من البطالة؟.. لا إجابة».

فيما أشار الباحث غير المقيم في مركز «كارنيغي للشرق الأوسط» حمزة المؤدب، إلى أنه لا وجود في تونس لاستراتيجية وطنية تشاركية فعلية لمكافحة الإرهاب تحشد الدولة والمجتمع المدني والأحزاب، على الرغم من مقتل عشرات من عناصر الأمن والجيش، بالإضافة إلى مدنيين وسياح منذ الإطاحة مطلع 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

وردًّا على الانتقادات، قال رئيس الحكومة الحبيب الصيد، الخميس، أمام البرلمان: «تحدثنا عن تكثيف حجب مواقع الإنترنت التي لها صلة بالإرهاب، وطبعًا قمنا في السابق بحجب مثل هذه المواقع». وأشار الصيد إلى أن الحكومة ستشرع بداية من الأسبوع المقبل في تنفيذ خطة لتوظيف الشباب في مناطق فقيرة متاخمة لجبال يتحصن فيها جهاديون.

وبعد إطاحة نظام بن علي، تصاعد في تونس عنف جماعات جهادية مسلحة خططت وفق السلطات لإقامة أول إمارة إسلامية في شمال أفريقيا بتونس.

ومنذ نهاية 2012، قُتل عشرات من عناصر الأمن والجيش في هجمات وكمائن تبنت غالبيتها كتيبة «عقبة بن نافع»، الجماعة الجهادية الرئيسية في تونس، المرتبطة بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي.

وفي 26 يونيو 2015، قَتل شاب تونسي مسلح برشاش كلاشينكوف 38 سائحًا أجنبيًّا في فندق بولاية سوسة قبل أن تقتله الشرطة خارج محيط الفندق، وفي 18 مارس 2015، قَتل شابان تونسيان مسلحان برشاش كلاشينكوف شرطيًّا تونسيًّا و21 سائحًا أجنبيًّا في هجوم على متحف «باردو» وسط العاصمة قبل أن تقتلهما الشرطة.