Atwasat

استنزاف ينابيع المياه يهدد واحة «نفطة» التونسية بالجفاف

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 20 مارس 2022, 04:58 مساء
WTV_Frequency

يقول المزارع محمد إن «كل شيء ينبت» في واحة نفطة في الجنوب التونسي، وهو يرغب كما كُثر من عشاق المكان في إحياء هذه الواحة بتقاليد مطبخها ومشاريع مبتكرة تعيد إليها إشعاعها. 

استنزاف ينابيع الماء بواحة نفطة 
ويقول أحمد بقعة البالغ 63 عامًا لوكالة «فرانس برس»، والذي أمضى 40 منهًا في نفطة إن «الواحة كانت تضم 152 منبعًا للماء توفر 700 لتر في الثانية»، لكنّ إفراطًا حصل في استخدام المياه بهدف إنشاء واحات أخرى ولري أشجار النخيل التي تنتج تمورًا من صنف «دقلة النور»، مما أدى، بحسب أحمد، إلى «استنزاف ينابيع الماء قبل 20 عامًا في نفطة» التي تبعد 500 كيلومتر من العاصمة تونس.

 ويتابع: «يمكن أن نعيش مما تنتجه الواحة، ففيها كل الحاجيات، من خضار وعلال ورمان ومشمش فضلا عن الطماطم والجزر»، ويلاحظ أن «كل شيء ينبت هنا بفضل الشمس والماء».

فثمار شجرة النخيل التي تطلق عليها تسمية «الملكة» كفيلة توفير السعرات الغذائية الأساسية، ويشير أحمد إلى أن «العمال هنا يتناولون في منتصف النهار بعضا من التمور والحليب وهذا مغذٍ».

لكن محصول هذا العام لم يكن جيّدًا بسبب قلّة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة خلال شهر أغسطس الفائت؛ إذ ناهزت 55 درجة بفعل التغير المناخي وبالتالي ظهرت على حبات التمر ندوب «جفاف»، وفق أحمد.

ويعتبر (التونسي - الفرنسي) باتريك علي الورغي الذي أنشأ العام 2011 دار ضيافة ذات مواصفات مراعية للبيئة في نفطة سمّاها «دار الهي أن الواحة تمثل نظام زراعة مستدامة سابقة لعصرها وهي زراعة تعتمد على ثلاثة مستويات، فالنخلة تقي أشجار الغلال التي تحمي بدورها الخضر (من فلفل وطماطم وغيرها) وهذا طبيعي في الواحة». 

و«دار الهي» ليس مشروع فندق فقط؛ بل مختبر أفكار «بالم لاب» يُدعى إليه فنانون ومهندسون معماريون يأتون لمنافشة كيفية المحافظة على هذا «العالم الجميل»، ويشدد باتريك على ضرورة «جذب المستثمرين والمزارعين لإعادة الاستثمار في الواحة لأن وضعها في تدهور».
 
مواجهة نقص الموارد المائية
ولمواجهة نقص الموارد المائية، يحاول باتريك المولع بالابتكار وشركاؤه «إدخال تقنيات جديدة مثل الري قطرة قطرة والطاقة الشمسية»، على ما يشرح. وينتقد سوء التصرف في كميات المياه بسبب نظام الري بالغمر لأجزاء من المزروعات المعتمد حاليًا داخل الواحة، ويتم ضخها من عمق 100 متر.

كما سعى باتريك وأصدقاؤه إلى إحياء نفطة وجلب الانتباه نحوها من خلال إصدار كتاب «مطبخ الواحة إذ لا يوجد شيء في الواحة ولكن لا ينقصنا شيء»، ويكشف باتريك أن هذا «المطبخ التقليدي» يعتبر «بسيطًا جدًا ويعود لحلول أول الرُحل» عندما كانت نفطة «منطقة عبور للقوافل» التي كانت تأتي «من أفريقيا وتجلب معها توابل غير معروفة، فظلت هنا تقليدًا».

وتوضح رئيسة المطبخ في «دار الهي» نجاح عامر أن «ما يميّز نفطة أن إعداد التوابل يجري في المنزل. وهي تختلف جدًا عن تلك التي يتم شراؤها من السوق، من حيث  تنظيف الأوراق والروائح والنكهات. تدرك جيّدًا كيف جرى إعدادها».

وتعد نجاح (40 عامًا) أصنافًا من الأكل ورثتها عن أمّها وأخرى من ابتكارات الفرنسي المشهور في عالم الطبخ «فاغ» (فريديريك غراسير إيرميه) و«العديد من المكوّنات والتوابل تأتي من الواحة مثل الفول الأخضر والفاصوليات والسلق».

غير بعيد عن «دار الهي»، يبحث مغرمون آخرون بالواحة عن سبل لتطوير وتثمين منتجات هذا المكان، ويقول الأميركي الذي يقطن محافظة سوسة شرق البلاد والمغرم بالجنوب التونسي وبالتمور كيفين كلاي «لاحظنا أن ما بين 20 و30% من كميات التمور تُلقى او تقدم للإبل كأعلاف فقط لأن شكلها غير جميل».

وبادر كيفين إلى شراء كميات من هذه التمور ونزع النواة وجففها وطحنها واستخرج منها «سكر ذا سعرات حرارية أقل بخمس مرات من السكر الأبيض، وهو صحي يحتوي على بوتاسيوم أكثر من الذي نجده في الموز».

وأنشأ كيفين (35 عامًا) من خلال هذه الفكرة مصنعًا صغيرًا في العام 2018 بمساعدة مستثمرين ويشغل العشرات غالبيتهم من النساء وأصبح يستقبل «طلبًا كبيرًا من الولايات المتحدة».

وجرى إدماج زراعات جديدة في الواحة على غرار نبتة المورينغا أو «الشجرة العجيبة» التي تستعمل لغايات غذائية وطبية، وهي  تمكنت من التأقلم مع مناخ الدول الأفريقية، فضلا عن ذلك ظهرت أفكار ومشاريع عدة أساسها التمور، من ذلك قهوة من نواة التمر والدبس.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
شهيدان وجريحان في اشتباكات للمقاومة مع الاحتلال غرب جنين
شهيدان وجريحان في اشتباكات للمقاومة مع الاحتلال غرب جنين
السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث «عدوان الإمارات»
السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث «عدوان الإمارات»
بلينكن يتوجه إلى السعودية للمشاركة في اجتماع اقتصادي عالمي ومباحثات حول غزة
بلينكن يتوجه إلى السعودية للمشاركة في اجتماع اقتصادي عالمي ...
حماس «تدرس» رد الاحتلال على مقترح بشأن الهدنة في غزة
حماس «تدرس» رد الاحتلال على مقترح بشأن الهدنة في غزة
37 مليون طن أنقاض في قطاع غزة يستغرق إزالتها 14 عامًا
37 مليون طن أنقاض في قطاع غزة يستغرق إزالتها 14 عامًا
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم