Atwasat

غزو أوكرانيا يكشف «الشرخ» بين واشنطن وحليفين خليجيين

القاهرة - بوابة الوسط الخميس 10 مارس 2022, 03:07 مساء
WTV_Frequency

يكشف الغزو الروسي لأوكرانيا شرخًا في العلاقة كان مستبعدًا حتى الأمس القريب، بين الولايات المتحدة من جهة والسعودية والإمارات، حليفيها الرئيسيين في الشرق الأوسط وعملاقي النفط الساعين لإبراز استقلالية دبلوماسية على الساحة الدولية، من جهة أخرى.

ولم يصدر عن دول الخليج الثرية التي تستضيف قوات أميركية على أرضها وتقيم حلفًا ثابتًا مع الولايات منذ عقود، مواقف مؤيدة لإدارة الرئيس جو بايدن في محاولتها خنق موسكو، من الطاقة إلى الدبلوماسية.

ووفقًا لمحللين في تقرير لوكالة «فرانس برس»، فإن الموقف الجديد المنبثق من مجموعة من الخلافات بما في ذلك تلك المتعلقة بجريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي على أيدي سعوديين في تركيا، يكشف نقطة تحوّل في العلاقات الخليجية مع الولايات المتحدة.

وتقول الخبيرة في الشؤون الخليجية والباحثة في معهد مونتين الفرنسي آن غادال لوكالة «فرانس برس» «هذا أكثر من تحوّل فعلي، هذه اللحظة هي بالتأكيد محطة مهمة في العلاقات الخليجية الأميركية». وتضيف أن دول الخليج «تدرك أنها بحاجة للتحضير لشرق أوسط مختلف، وأن ميزان القوى يتغيّر بشكل عام».

وامتنعت الإمارات التي تتولى حاليًا رئاسة مجلس الأمن الدولي، الشهر الماضي عن التصويت على مشروع قرار أميركي ألباني يدين الغزو الروسي لأوكرانيا. وبينما تسبّبت الحرب على أوكرانيا في ارتفاع تكاليف الطاقة، قاومت دول الخليج حتى الآن الضغوط الغربية لزيادة إنتاج النفط بهدف كبح جماح الأسعار.

وأكدت السعودية التزامها بالحصص الإنتاجية ضمن تحالف «أوبك بلاس» النفطي بقيادة موسكو والرياض. وشدّد وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي الخميس على التزام بلاده بحصص إنتاج التحالف.

أميركا.. النفط مقابل الحماية
وأوردت جريدة «وول ستريت جورنال» أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رفضا طلبات من الولايات المتحدة للتحدث إلى بايدن في الأسابيع الأخيرة، وذلك نقلًا عن مسؤولين من الشرق الأوسط والولايات المتحدة. لكن المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض إميلي هورن قالت إن تقرير الجريدة غير صحيح.

وفي الواقع، لم يتحدث الرئيس الأميركي والأمير محمد منذ أن تولى بايدن منصبه وتعهّد بمعاملة السعودية كدولة «منبوذة»، على خلفية جريمة قتل خاشقجي في اسطنبول العام 2018 التي ألقت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية باللوم فيها على ولي العهد السعودي.

وردًا على سؤال في مقابلة مع جريدة «ذي أتلانتيك» نُشرت هذا الشهر عمّا إذا كان بايدن يسيء فهمه، قال بن سلمان «ببساطة، أنا لا أكترث»، مضيفًا «الأمر يعود له للتفكير في مصالح أميركا».

محلل: لا نتلقى أوامر
وُلد التحالف الأميركي - السعودي على متن سفينة أميركية في العام 1945، عندما أجرى الملك السعودي الراحل عبدالعزيز بن سعود والرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت محادثات، واتفقا على ما عرف لاحقًا بـ«النفط مقابل الحماية».

وفي العديد من مناطق العالم العربي، بات يُنظر الى دول الخليج التي تستضيف قوات وقواعد أميركية وأجنبية أخرى، على أنها مثابة «دمى» في أيدي الأميركيين.
لكن هذا الأمر بدأ بالتغيّر قبل نحو عقد عندما أدت انتفاضات الربيع العربي إلى تهميش القوى العربية التقليدية مثل مصر وسورية، ما سمح لدول الخليج المستقرة والمزدهرة بلعب دور أكبر. وأوضحت السعودية والإمارات، أكبر اقتصادين عربيين، أنهما تسعيان إلى سياسة خارجية مستقلة قائمة على المصالح الوطنية.

وقال أستاذ العلوم السياسية الإماراتي عبدالخالق عبدالله لشبكة «سي إن إن» هذا الشهر، «لا ينبغي اعتبار الإمارات دمية في يد الولايات المتحدة بعد الآن». وتابع «فقط لأننا نتمتع بعلاقات مهمة مع أميركا، لا يعني أننا نتلقى أوامر من واشنطن. علينا أن نقوم بأشياء تتفق مع استراتيجيتنا وأولويتنا».

العامل الأمني بين أميركا والخليجيين
وأدّت العديد من التوترات إلى تشنج في العلاقات، بما في ذلك سعي بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران بعد انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب منه، وتردّد الولايات المتحدة في تصنيف المتمردين الحوثيين في اليمن على أنهم جماعة إرهابية.

لكنّ مسألة «الحماية» بقيت في صلب التوترات، ومن أسبابها الرئيسية عدم وجود رد عسكري من الولايات المتحدة عندما تعرّضت منشآت أرامكو النفطية السعودية لهجوم في 2019، ورغبة واشنطن المعلنة في خفض تدخلّها العسكري في الشرق الأوسط.

وفي هذا السياق، كتب حسين إيبش من معهد دول الخليج العربية في واشنطن الأسبوع الماضي، «دول الخليج مثل السعودية والإمارات... لم تعد مستعدّة للاعتماد على الولايات المتحدة كضامن نهائي للأمن». وتابع «بينما تظل الولايات المتحدة شريكًا استراتيجيًا أساسيًا، فإن هذه الدول التي لديها الكثير لتخسره، لا تستطيع سوى تنويع خياراتها الدبلوماسية وأدواتها الاستراتيجية». وقال إن «ظهور عالم متعدد الأقطاب وخصوصا مع صعود روسيا والصين، أمر لا مفر منه».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
الاستئناف التونسي يقر الحكم بسجن راشد الغنوشي 3 سنوات
الاستئناف التونسي يقر الحكم بسجن راشد الغنوشي 3 سنوات
واشنطن تُجلي 17 طبيبًا أميركيًا من غزة
واشنطن تُجلي 17 طبيبًا أميركيًا من غزة
مستشار الأمن القومي الأميركي يزور السعودية والأراضي المحتلة
مستشار الأمن القومي الأميركي يزور السعودية والأراضي المحتلة
إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليمن
إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليمن
ارتفاع ضحايا العدوان الصهيوني على غزة إلى 35 ألفا و386 شهيدا
ارتفاع ضحايا العدوان الصهيوني على غزة إلى 35 ألفا و386 شهيدا
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم