Atwasat

على هامش الزيارة للجزائر

رافد علي الخميس 21 أبريل 2022, 01:46 مساء
رافد علي

نزل رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة الاثنين الماضي ضيفاً على دولة الجزائر التي تولي اهتماماً متزايداً في الآونة الأخيرة بالأزمة الليبية، ضمن انهماك أجهزتها الأمنية والدبلوماسية في خلق تنسيق أمني مكثف مع حكومة النيجر، المرشحة لأن تلعب دوراً بارزاً في تحديد ملامح النقلة النوعية لقوات البرخان الفرنسية إليها وفق تصريحات تيري بودكهارد، رئيس الأركان الفرنسي لوكالة فرانس بريس مطلع الأسبوع الجاري على هامش زيارته للغابون. إذ صرح تيرى قائلاً:

“هم (النيجر) سيقررون حول المسألة إما أن يطلبوا منا أن نظل منخرطين على المستوى ذاته، أو يريدون زيادته، او الاستمرار بوسائل مختلفة..." منوهاً لزيادة الانتشار الجوي للمقاتلات البرخان فى تشاد بقصد التصدي للإرهاب.

الدبيبة حمل في زيارته للجزائر، حسب المراقبين، ملفين أساسين هما الطاقة وخطة عمل إجراء الانتخابات بليبيا "في أقرب وقت ممكن". وقد أجرى الرجلان اجتماعاً مغلقاً قبل أن يلتحق بهما وفداهما المكونان من وزراء دولة وضباط جيش ورجال استخبارات. فملف الطاقة من التفاصيل التي تولي اوربا اهتماماً بها بسبب الحرب في أوكرانيا، فمساعي الاتحاد الأوربي لتأمين كميات الطاقة المتفق عليها مع سونتراك الجزائرية ومع المؤسسة الوطنية الليبية للنفط قد تعزز من موقف الجزائر دولياً حول قضية البوليساريو، وتمكن الدبيبة، في الوقت ذاته، من حصد أكبر دعم دولي أمام غريمه باشاغا وحليفه حفتر. فحالة "القوة القاهرة" التي أعلنتها المؤسسة الوطنية للنفط بسبب إغلاق حقل الفيل وميناء الزويتينة الاثنين الماضي، تشكل إحدي تداعيات الصراع على السلطة بالبلاد ويشير لدور المتورطين في الأزمة الليبية.

الملف الثاني للدبيبة بالجزائر هو قضية الانتخابات، التي تعد من الركائز التي تطالب بها الحكومة الجزائرية، وتبدي دبلوماسيتها مؤخراً حماسة شديدة لها، لدرجة إعلان الرئيس تبون عن استعداد بلاده لتنظيمها، لأن "الانتخابات هي الشرط الأساس للقضاء علي الفوضى ولإعادة بناء ليبيا مجدداً بدل ممارسة التدخل فى الشأن الليبي لترسيخ الحرب بالنيابة" حسب ما تحرص الدبلوماسية الجزائرية على ذكره فى بياناتها المتعلقة بالشأن الليبي. وقد صرح الدبيبة في مؤتمره الصحفي بعد اجتماعه مع تبون قائلاً:

“لقد قدمنا تصور الحكومة لإنهاء المراحل الانتقالية، والانتقال بليبيا إلى مرحلة الاستقرار وتحقيق رغبة الليبيين... وتطرقت أيضاً للدور الجزائري المهم في دعم الانتخابات، وبحث زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين في مجالات النفط والغاز."

فالجزائر التي أوضحت في بيانها الحكومي للزيارة عن "دعمها اللامشروط لحكومة الوحدة الوطنية لأجل إقامة الانتخابات بليبيا" تشدد على أن "الانتخابات هي الحل الأمثل لليبيا، ولاستعادتها للعب دورها الإقليمي المسؤول بمنطقة الساحل والصحراء"، فالجزائر تدرك مدى حالة الفراغ الأمني على طول خط الحدود مع ليبيا، وأن خلق مسارات انتقالية متوازية من شأنه إطالة أمد الحرب والفوضى بليبيا مما يزيد من إثقال كاهل العمل اللوجيستي والأمني للجزائر بمنطقة الصحراء، فتوابع الفوضى في ليبيا تشكل زعزعة لاستقرار الجزائر التي لا تمارس بليبيا أسلوب الحرب بالنيابة* أو تتبع نهج دبلوماسية المقايضة**.

تأتي زيارة الدبيبة للجزائر لأجل كسب دعم أكبر له في مواجهة عقيلة صالح وحفتر، وفي وقت تسعى فيه فرنسا لاستكمال سحب قوات برخان من مالي، وإعادة انتشارها بشكل تدريجي بالنيجر" وفق انسحاب حذر، وبتفاهمات عسكرية مع القوات المالية، وبتنسيق أمني رفيع المستوى مع الجزائر"، رغم اختلاف وجهات نظر الأخيرتين حول الازمة الليبية، فقد حاول الدبيبة، العام الماضي، التقرب من باريس بإغراء توتال الفرنسية بمشروع للطاقة آثار العديد من الجدل داخلياً إذ اعتبر "تفريطاً في حصة شركة الواحة" الليبية.

موسكو؛ الداعم لحفتر الحليف لباشاغا ضد الدبيبة، لم تغب عن الجزائر يوم زيارة الدبيبة لها، فقد أجرى بوتن اتصالاً هاتفياً مع الرئيس تبون "للتشاور والتنسيق حول شئون الطاقة..."، بحسب البيانات الرسمية المتداولة الاثنين الماضي، إلا أن أغلب الظن أن مكالمة بوتن لتبون كانت بمثابة مهاتفة استطلاع لأحوال القصر الرئاسي الجزائري على هامش زيارة الدبيبة، فلا شك في أن روسيا تلعب، حتي الآن، دوراً بالكواليس لعرقلة قطاع النفط الليبي بما يزيد من تعقيد الحال للاتحاد الأوربي ويمنح موسكو وقتاً أطول للضغط على الغرب في حربه على أوكرانيا. ستبقى ليبيا فى هكذا أحوال رهينة لأيامها السود ولمغامرات أبنائها.

هامش.
*الموقف الجزائري من الأزمة الليبية بين التغير والاستمرارية. وحدة الدراسات السياسية. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. يوليو 2020
**جاف بورتر. "غزو أوكرانيا يعطي بوادر بعودة الجزائر" دراسة تحليلة. إصدار المعهد الأمريكي للشرق الأدنى. ابريل الجاري.