Atwasat

فول أخضر

صالح الحاراتي الخميس 14 أبريل 2022, 11:58 صباحا
صالح الحاراتي

كل فصل من فصول السنة يتميز بأكلات معينة سواء كانت وجبات أو خضروات أو فواكه.. فهناك وقت معين يظهر فيه الفول الأخضر، وآخر يظهر فيه نبات "العسلوز" الذي يستخدم فى وجبة "الكسكسي"
وهناك "اللوز الأخضر"، وهناك وقت "الترفاس" وهكذا.. إلخ.

الحديث هذه المرة يتعلق بالفول الأخضرالذى يعتبر من الخضروات التي تنتشر في موسمي الشتاء والربيع، ويقبل على شرائه الكثيرون، لما يتمتع به من قيمة غذائية عالية، وفوائد متعددة.. فمن المعلوم أن للفول الأخضر فوائد عديدة منها أنه بروتين نباتي، أي يحتوي على الأحماض الأمينية الأساسية الضرورية لبناء الجسم، كما يمد الجسم بنصف الكمية اللازمة من الحديد يومياً ويساعد على التخلص من السموم المتراكمة في الجسم، ويعد من أفضل العناصر المدرة للبول، ويحسن من صحة الكليتين ويخلصهما من الترسبات.. يحتوي على كمية كبيرة من الألياف التي تساعد على امتصاص وهضم السكر ، وهو من أكثر المصادر الغنية بالفيتامينات، والأملاح المعدنية، مثل الحديد والفسفور والبوتاسيوم، ولذلك يقلل الشعور بالتّوتر والتعب والإجهاد الذي يصيب الجسم جراء القيام بالنشاطات الحياتية اليومية، وهو من أكثر الخضراوات التى تحتوي على نسبةٍ عاليةٍ من حمض الفوليك، لذلك يقلل من الإصابة بفقر الدم، كما يكافح مشاكل عسر الهضم والإمساك.

ولكن الحديث هنا يتعلق بذكريات خاصة، ومواقف كثيرة مررت بها، لها علاقة مع الفول الأخضر.

من تلك الذكريات عندما كنت طالبا فى كلية الطب بالقاهرة، وكنا حينها نشتاق لعاداتنا في الطعام، وخاصة عادات تتزامن مع أوقات ومواسم معينة كما أسلفت.

كنت ولا زلت من محبي الفول الأخضر وأكله كما هو دون طبخ.. وتلك عادة أمارسها منذ طفولتي وذلك عندما كنت أخرج رفقة أخي لشراء الخضار يوم الجمعة.. وكان صديقي الراحل د. طاهر شركز يشاركني حب الفول الأخضر، وكنا نفتقده فى محلات الخضار في ذلك الزمن، حتى عرفنا معلومة مفادها أنه معروف باسم "الفول الحيراتي" وهو قريب من اللقب الذي باسمى.. وعلمنا أنه بإمكاننا الحصول عليه من المزارع في أطراف القاهرة وتحديدا في الطريق المؤدي لهرم سقارة.. وكنا سعداء أنا ودكتور طاهر رحمه الله عندما ذهبنا هناك ووجدنا ضالتنا، وطلبنا كميات كبيرة جعلت الفلاح مستغربا وسعيدا أيضا، وصارت عادة نقوم بها سنوات عديدة.

وأتذكر أيضا ذكرى أخرى مع الفول الأخضر، عندما كنت في لقاء آخر مع كوكبة من الأصدقاء أطباء وشعراء وكتابا زارونى فى وقت متأخر فى المزرعة فقلت لهم أمامكم الاختيار بين "المبكبكة" أو الفول الأخضر فكان اختيارهم للثانى وقمنا بطبخ كمية كبيرة مع قليل من الملح والكمون، وتمت الوليمة وكانت جلسة رائعة، جادت فيها قريحة الشعراء بالكثير وكان الأنس والمرح عنوانا لذلك اللقاء.

ولى ايضا ذكرى أخرى مع رجل عجوز في مصر كان يمر تحت البلكونة وينادي…. فوووووول… وعندما خرجت ملبيا نداءه صارت عادة وكان ينتظرني كلما مر، فهو يعلم يقينا بأننى قادم إليه.. بعد سنوات على تلك العادة، وفي أحد المواسم حدث غياب ذلك النداء، وبعد موسمين أو أكثر سمعت نفس النداء فوجدت صبيا عرفت لاحقا أنه ابن ذلك الراجل العجوز كان يصحبه وهو طفل صغير، تذكرني وقال لي أن والده توفاه الله. حزنت لذلك. فقد كان رجلا طيبا ودودا، وهو جزء من الذكريات البريئة.

وأخيرا أتذكر هذه الأبيات الحكيمة من موروثنا الشعبى التى تقول حكمةبالغة:

مهبول من يزرع الفول

فى فم باب المدينه..

ومهبول من ياخذ القول
على صاحبه نور عينه.