Atwasat

خارطة طريق

صالح الحاراتي الخميس 17 مارس 2022, 01:13 مساء
صالح الحاراتي

اود بداية ان ألفت الانتباه إلى أن المقصد من الحديث عن "خارطة طريق" لا يعنى الحديث عن الـ road map الخاصة بمحرك البحث جوجل، التي تمكننا من التنقُّل بشكل أسرع وأسهل باستخدام “خرائط Google“ التي تحدّد موقع ما يزيد عن 220 بلدًا ومنطقة وتُظهِر مئات الملايين من الأنشطة التجارية والأماكن. ولكن المقصد من العنوان هو "خارطة الطريق" للمسار السياسي فى بلادنا.

ما إن انتهينا من مرحلة ترديد مفردة "المماحكات" حتى دخلنا عتبة "الحلحلة".. وهانحن الآن نلج مسار "الخارطة"، إذ نشهد اليوم انتشار الحديث عما يسمونه بـ "خارطة الطريق" للتعبير عن الخطوات التى يجب الالتزام بتنفيذها وتحقيقها على أرض الواقع لأجل الوصول إلى الاستقرار والخروج من المأزق السياسي والمراحل الانتقالية.

ولكن ومع مرور الأيام تبين أن أهل سلطة الأمر الواقع القائمة فى شرق البلاد وغربها لا تريد التنازل عن مصالحها الشخصية ويسعون للحفاظ على مواقعهم لأطول مدى ممكن، وذلك بالتحايل والتهرب من تنفيذ أي خارطة طريق، تحت مبررات كثيرة، بل صار اللفظ ملهاة، فبعد كل فترة زمنية تمرعلينا بالفشل، يخرج علينا من ينادي بخارطة طريق جديدة.. وهكذا دواليك، حتى أصبحت عبارة خارطة الطريق لدى عامة الناس مدعاة للسخرية.

فقلت لنبحث عن معنى خارطة لغويا لعلنا نجد فعلا أن معنى لفظ "خارطة" يحتمل الكثير من المعانى الساخرة التى تعطى معاني سلبية تتخفى تحتها حقيقة ورغبات ساسة الأمر الواقع..

خَرَطَ: (فعل)
خرَطَ يَخرُط ويَخرِط ، خَرْطًا ، فهو خارِط وهي خَرُوطٌ والجمع: خُرْطٌ .
خَرَطَ فِي حَدِيثِهِ: كَذَبَ
خَرَطَ فِي الْعَدْوِ: أسْرَعَ
خَرَطَ الْعُودَ: قَشَّرَهُ، سَوَّاهُ
خَرَطَ الشَّجَرَةَ: اِنْتَزَعَ وَرَقَهَا اجْتِذَاباً
خَرَطَ فِي الأمْرِ: تَهَوَّرَ فِيه
خَرَطَ أشْيَاءهُ: وَضَعَهَا فِي الْخَرِيطَةِ، أيْ فِي كِيسٍ
خَرَطَتِ المَرْأةُ: جَمَحَت وفَجَرتْ
خَرَطَتِ العُنْقُودَ: انَتَزَعَ حَبّه بجميع أَصابِعه
خَرَطَ تابِعَهُ على الناس: أُذِنَ له في أذَاهُمْ

* كما يوجد فى اللهجة المحلية توصيف لمن يهذى ويقول كلاما غير مترابط وغير منطقى فنقول..
فلان "يُخرط"!.

نلاحظ أن معظم المعانى دلالاتها سلبية وأظن أنها تنطبق على فهم الكثير ممن يطلقون لفظ خارطة بين الحين والآخر، فلا ثقة لدي فى حسن نواياهم وما أرادوا إلا إضافة المزيد من الوقت لوجودهم في السلطة، والواقع يؤكد ذلك الاستنتاج.

لذلك ولكي تذهب بنا أي "خارطة طريق" إلى الطريق الصحيح لحل مشاكلنا وبعيدا عن المعانى السلبية التى وردت اعلاه، وجب تحديد الأولويات والأهداف القابلة للتحقق؛ كما يجب أيضا أن نعرف مكونات الخارطة بوضوح حتى لا نضيع في التفاصيل ونفقد الصورة الكبيرة والهدف الأساس المرجو منها.. ولكن كيف يمكننا رؤية المشهد بالكامل للتأكد من أننا نسير في الاتجاه الصحيح؟ وكيف يمكننا أن نشرح لأصحاب المصلحة "الناس" الهدف النهائي بسهولة ووضوح.. وكيف سيتطور تنفيذ الخارطة دون الحاجة إلى الخوض فى متاهة التفاصيل؟

فخارطة الطريق هي أفضل طريقة لتلخيص (ماذا ولماذا وكيف ومتى) في مستند سهل الفهم يمكن مشاركته
مع الناس.. وخارطة الطريق هي نظرة فاحصة تحدد معالم وأهداف المشروع المراد تنفيذه والغرض الرئيسي منه مع التأكيد على الجدول الزمني للتنفيذ وشرح مراحله، فهي بمثابة الدليل وأداة اتصال رائعة يمكن استخدامها لإبقاء أصحاب المصلحة على اطلاع في أي مرحلة من دورة حياة العملية السياسية..

إنها الوثيقة الشاملة التي تتحدث عن الإستراتيجية العامة بشكل واضح ومبسط ويمكن تتبع محطات تنفيذها بسهولة.. من خلال تبويب الأولويات التى يجب ان تنال الاهتمام اولا ثم تنساب بعد ذلك المقاصد تباعا،

كما يبدو لى ان هناك ضرورة لطرف دولي يتابع التنفيذ ويكون مرجعية لتفسير بعض الاختلافات التى تحدث نظرا لاختلاف فهوم الأطراف المتصارعة لنصوص خارطة الطريق.
للأسف حتى الآن لم تنجح أي خارطة طريق تم إنجازها ولم نخرج من مأزقنا السياسي بعد، ومع كل إخفاق نذهب إلى اجتراح خارطة طريق جديدة بنفس معطيات ونواقص وعيوب سابقتها..
وفى كل مرة تفسد القوى القابضة على السلطة أي خارطة طريق ونعود في كل مرة لنقطة الصفر، ولا زلنا فى الدائرة المغلقة.