Atwasat

كيف نسعى من أجل إعادة هيكلة وبناء وزارة الخارجية الليبية والسلك الدبلوماسي؟

فتحي عمر التربي الأربعاء 25 أغسطس 2021, 03:25 مساء
فتحي عمر التربي

عُلّقت آمال كبيرة على أن يكون المجلس الرئاسي بقيادة السيد محمد المنفي على قدر من المسؤولية فيما يتعلق بقرار تعيين عدد كبير من السفراء الذي صدر في الأيام القليلة الماضية. ولكن ومن دواعي الحزن والألم والأسف الشديد لم يساهم أبدًا، ناهيك على أنه لا يوجد نص في القانون الدبلوماسي الليبي يمنع التعيين السياسي للسفراء. ولا يوجد نص قانوني سارٍ يحدد من المختص بتعيين السفراء، المجلس الرئاسي أم رئيس الوزراء. حكومة الدبيبة حكومة موقتة ولا يحق لها تعيين السفراء أصلًا.

وفي هذا السياق، فقد كانت أسوأ سياسات حكومة الدبيبة، تكمن في الاختيار السيئ للعناصر التي يتم توليتها مناصب الدولة الدبلوماسية المهمة؛ حيث كان الاعتماد في ذلك ينصب على معايير المحسوبية والولاء، دون مراعاة للكفاءة والخبرة والإمكانيات الشخصية لمن يتم اختيارهم في هذا الخصوص.

ليس لديَّ ريب البتة، في إن إسناد مهمة ممثلي البعثات الليبية الدبلوماسية وخاصة في الدول المهمة يثقل كاهله بحمل مسؤولية جسيمة خاصة في هذه المرحلة العصيبة، التي تنتقل فيها بلادنا من عهدٍ اتسم بالمخاطر ـ نأمل من الله أن يكون ـ مشرقًا، تسوده العدالة والحرية والمساواة والاتصال البناء بالأسرة الدولية وعلى وجه التحديد الدول الغربية ذات الأهمية - ما هي الصفات التي يجب أن يتحلى بها السفير والممثل الدبلوماسي الليبي - يجدر الذكر عند اختيار ممثل للبعثة الليبية الدبلوماسية في الدول الغربية ذات الأهمية، تلك الصفات تنطبق على كل سفير مرشح أو سفيرة مرشحة للبعثة الليبية في جميع أنحاء العالم.

إن أهم العوامل التي يجب الحرص عليها، لإرْساءِ دعائم الوزارات السيادية مثل وزارة الخاجية هي التركيز على اختيار العناصر المناسبة لتولي مهام العمل الذي يحقق الغايات المنشودة. وأنا على يقين من أن ليبيا غنية بكثير من الرجال والنساء، الذين يتأهبون استعدادًا لتقديم كل ما تحتويه نفوسهم من قدرات وخبرات وكفاءات عالية لأجل خدمة الوطن في الداخل والخارج.

وفي هذا المضمار فقد كانت سياسات الحكومات السابقة تكمن في الاختيار السيئ للعناصر التي يتم توليتها مناصب الدولة المهمة حيث كان الاعتماد في ذلك ينصب على معايير المحسوبية والولاء، دون مراعاة للكفاءة والخبرة والإمكانيات الشخصية لمن يتم اختيارهم في هذا الخصوص وهنا ـ لمن ـ يقدم نفسة كمرشح لتولي مهام مسؤولية البعثة الدبلوماسية الليبية بواشنطن يجب أن يكون بدافع من رغبته الخالصة لخدمة مصالح بلادنا، بما يملكه من خبرة وعلاقات على أعلى مستويات الإدارة الأميركية، سواء على مستوى البيت الأبيض ومجلسي النواب والشيوخ أو بقية مؤسسات الدولة الأخرى الفاعلة التي تؤهله دون منازع لهذا العمل أتطلع بتوق إلى رؤية سفراء وسفارات ليبيا كنموذج مثالي يقتدى به؛ من خلال الاندماج مع نسيج المجتمعات المضيفة، عن طريق الإلمام باللغة المحلية، والثقافة السائدة، والتعليم، والتجارة والأعمال، والاقتصاد، والسياسة.

أولًا: علاوة على اهتمام السفير أو السفيرة المرتقب بالأمور الدبلوماسية، يجب أن يعمل ويثابر بجدية على تقوية التعاون بين المؤسسات التعليمية والمراكز الصناعية الليبية بالمؤسسات العلمية والصناعية في جميع أرجاء الولايات المتحدة الأميركية وتشجيع البحث العلمي والشراكة معها وخاصة المرموقة منها.

ثانيًا: العمل على جلب والحصول على التقنية والتدريب المهني من الولايات المتحدة لعدد كبير من الشباب الليبي من خلال البعثات والمهمات العلمية القصيرة المدى. ويمكن إنجاز ذلك خلال التواجد الشخصي والتواصل المستمر بين ومع الأوساط المهتمة بذلك في ليبيا مثل وزارة العمل والتدريب المهني والوزرات والمؤسسات المعنية.

ثالثًا: العمل والتشجيع على التوأمة بين بعض المدن الليبية والمدن الأميركية من حيث التبادل البناء في الأمور الإدارية والبلدية من خلال الزيارات الميدانية المتبادلة وكذلك الإنترنت. وكذلك جلب المؤسسات ذات القدرات والتجارب في بناء وزارات ومؤسسات الدولة الليبية المتهالكة.

ولعله، لا يغيب عن فطنة الكثير منكم بأن مثل هذا المنصب الحساس يتطلب من الذي يتولى مهامه العسيرة، أن يحوز على مؤهلات ومعرفة بالشؤون الدولية، وخبرة واسعة في مجالات رصد وتحليل الأوضاع بداخل الوطن، مع ربطها بما يجري بالعالم الخارجي؛ هذا بالإضافة إلى وجوب تمتعه بعلاقات جيدة بالأشخاص والهيئات والمؤسسات النافذة. وهذه الإمكانيات، بجميع حذافيرها، يجب أن يجمعها في نفسه بشكل منقطع النظير. وعلاوة على ذلك فإن المرشح لهذا المنصب المهم يجب أن يتمتع بعلاقات جيدة، ومعرفة وثيقة بأفراد الجالية الليبية والعربية بأميركا كافة، وقد قام في السابق، بتذليل الكثير من العقبات والمشكلات التي كانت تصادف بعضهم في مجريات الحياة، وكان يقدم العون لهم على مدى سنوات طويلة متتالية.
_____________________
* خبير العلاقات الدولية والشؤون السياسية الليبية.