Atwasat

هل العالم بصدد مولد طالبان جديدة؟

علي الدلالي الثلاثاء 17 أغسطس 2021, 11:37 صباحا
علي الدلالي

أعتقد أنه من الخطأ، سياسيا واستراتيجيا وعسكريا، قراءة ما يجري في أفغانستان وفق الأماني والأحلام. لقد جاءت أميركا وقوضت حكم طالبان ودفعتها إلى الفرار إلى الجبال وفي الشتات، واليوم أميركا نفسها ولا أحد غيرها، هي التي سمحت لطالبان بأن تعود إلى كابل وإلى الحكم.

إن عودة طالبان إلى كابل وسيطرتها على القصر الجمهوري بعد أن اكتسحت كبريات المدن الأفغانية على مرأى ومسمع من عيون أميركا في السماء وقواتها على الأرض، لم يأت نتيجة هزيمة عسكرية، ولم يأت نتيجة احتكاك واحد بين الجانبين، بل جاء نتيجة شهور طويلة من المفاوضات المعقدة في الدوحة وخارجها.

إن طالبان اليوم، في اعتقادي، ليست تلك التي فككتها أميركا قبل 20 عاما وأنفقت في سبيل ذلك عشرات مليارات الدولارات من الخزانة الأميركية، ومن العديد من "الخزنات الخليجية"، إنها طالبان أخرى جديدة جاءت بمفاوضات وشروط.

هل اليابان التي أحرقتها أميركا وقصفتها في نهاية الحرب العالمية الثانية بالقنابل الذرية، هي اليابان اليوم «المهزومة والخاضعة للشروط الأميركية»؟ هل ألمانيا النازية الهتلرية التي فككتها أميركا ودمرت عاصمتها وقسمتها، هي «ألمانيا اليوم المهزومة التي تدور في فلك الولايات المتحدة؟».

أميركا ليس لديها صديق، وهذه من ألف باء السياسية، بل لديها مصالح فقط. ومن هنا أعتقد أن الذين استحضروا أحلامهم وأمانيهم المدفونة على خلفية تخلي أميركا عن حكومة أشرف غني ما مكن طالبان من العودة إلى الحكم، قد تسرعوا قليلا.

لنعد إلى الوراء قليلا ونرى كيف تخلت أميركا عن أهم حليف لها في الشرق الأوسط والخليج، بعد إسرائيل، شاه إيران، بل ورفضت مجرد استقباله وعلاجه، ثم سمحت للخميني بالعودة إلى طهران. لو لم تكن المصالح الأميركية تستدعي ذلك لما غادر الخميني منفاه الباريسي على متن طائرة فرنسية خاصة إلى يوم يبعثون. ألم يخدم «نظام الملالي» المصالح الأميركية الاستراتيجية والجيوسياسية، أضعاف ما كان يقدمه نظام الشاه المريض؟

إن وجود «الخطر الإيراني» ركع جميع إمارات الخليج النفطية التي تحولت إلى قواعد أميركية شأنها شأن اليابان وألمانيا، وقاد فيما بعد إلى تهافت تلك الإمارات إلى الاعتراف بإسرائيل، القوة المهيمنة في الشرق الأوسط، وقد يكون الوقت حان اليوم لميلاد نظام جديد من رحم «الملالي» «يسبح بحمد البيت الأبيض».
في اعتقادي، إن أميركا التي مكنت طالبان «الجديدة» من العودة إلى كابل تزرع بذلك قنابل موقوتة وبراميل متفجرة في خاصرة إيران والباكستان والصين، وفي منطقة حساسة وقريبة من المصالح الجيوسياسية الحيوية لروسيا.

والسؤال المطروح اليوم، هو: هل تنوي طالبان «إعادة نظامها المتشدد، القامع لكافة الحريات»، والذي كان سائدا في تسعينيات القرن الماضي وتحالف مع «القاعدة»، واستهدف الولايات المتحدة في عقر دارها، وهل ستخاطر بتقويض الحريات التي نشأ في ظلها آلاف الشباب في السنوات العشرين الأخيرة، أم أنها ستلتزم بما جاء على لسان الناطق الرسمي باسمها، الذي أكد، حسب راديو بي بي سي، «نسعى لتشكيل حكومة يشارك فيها جميع الأفغان، وسنحترم حقوق المرأة، وسنسمح لها بالتعليم والعمل على أن ترتدي الحجاب؟».

إن من بين المؤشرات التي تم رصدها، والتي تصب في خانة فرضية «مولد طالبان الجديدة»، تأكيد العديد من المصادر الدبلوماسية على أنه من المرجح اختيار الأكاديمي المقيم في الولايات المتحدة، ووزير الداخلية السابق، علي أحمد جلالي، لرئاسة حكومة موقتة في كابل.
سنتابع ونرى.