Atwasat

قصص منتصف الموسم

سالم الكبتي الأربعاء 23 يونيو 2021, 02:53 صباحا
سالم الكبتي

(1)
السودانيون ظرفاء للغاية.

كنت فى الخرطوم ذات مرة.. في السوق القديم المحاذي لجامع فاروق، سمعت هذه الطرفة.. جاء أحد المواطنين إلى محل لبيع الأحذية يبحث عن حذاء لولده الذي سيلتحق بالمدرسة.. ظل يفتش ويبحث في أكوام الأحذية المختلفة. ألوان وأشكال ومقاسات.
سأله البائع.. كم مقاس حذاء الولد؟

أجابه.. أنه يحفظ من القرأن الكريم إلى غاية (لم يكن).. ويقصد سورة البينة..
رد البائع من فوره: يازول هذه الأحذية من (تبارك.. وفوق)..

(2)
الحاج عبدالله باله رحمه الله من أعلام التعليم والرياضة المعروفين في بنغازي. كان حكما دوليا في كرة القدم.. واهتم كثيرا بنشاط الكرة الطائرة.. والنشاط المدرسي.. وعمل بإخلاص في تطوير الاتحادات الرياضية وبرامجها والنهوض بها وتشجيع المواهب.

في إحدى المباريات القديمة التي كان يتولى تحكيمها في بنغازي.. لفت نظره سلوك أحد اللاعبين ونبهه بهدوء.. أجاب اللاعب قائلا.. (طرى فشى).. هنا أخرج الحاج عبد الله البطاقتين الصفراء والحمراء. بادره على الفور.. الصفراء هذى طرى.. والحمراء فشى.. وأخرجه من الملعب..

(3)
كنت واقفا صيف 1972 أمام المقهى الرياضي في ميدان الشجرة مع بعض الأصدقاء. قهوة وحكايات. وفجاة قدم الحاج معابيص. رجل تعرفه المدينة. كان غاضبا من مضايقة البعض له... ومطاردته بالكلمات الجارحة أحيانا. لم يصبر. حطم المدخل الزجاجي بعصاه حيث نقف. شعر سى محمود الشامخ نادل المقهى بالحرج. كانت الصيحات تتوالى (معابيص... معابيص)... وما إلى ذلك. هنا صاح الحاج معابيص بقوة قائلا: المهم أنني لست (فاسدا)... ولست في الاتحاد الاشتراكي!.

(4)
السيد عمر الدرفيلي رحمه الله كان من الشخصيات الظريفة التى خبرت الناس جيدا في المدن والدواخل وامتاز على الدوام في جيله بسرعة البديهة والذكاء. كان في فترة من حياته مديرا لإحدى المناطق خارج بنغازي. حضر إليه في مكتبه ذات صباح أحدهم لمراجعة حاجة له.

قال: البارحة حلمت لك ياسي عمر (حلامة طيبة). رأيت بان رجلا صالحا يرتدي ملابس بيضاء ويمتطي حصانا أحمر وذيله أخضر... و... لم يدعه السيد عمر يكمل روايته وقاطعه قائلا... عدي ملح... هذا راس فجل.

(5)
كان (الجدي) مسؤولا عن العدل في نظام يمقت العدل. أحد المواطنين تابع قضية له وصدر الحكم لصالحه. حدثت مماطلة في تنفيذه. راجع بشأنه كل المختصين دون جدوى. ذهب إلى المسؤول الكبير وكان لديه إحاطة مسبقة وتعطيل تنفيذ الحكم وبما جرى ولم يحرك ساكنا.

دخل عليه فى مكتبه وتحدث معه دون فائدة. وكرر ما قاله في كل الدوائر مثبتا ذلك بالوثائق والأوراق. لم يعره اهتماما. لم يعده بشئ لاستيفاء حقه. فاض صبره. قال له: قيسك كابر. وخرج .

(6)
الجنرال غراسياني زار معتقل المقرون. جمع المعتقلين هناك. كانوا جميعا في حالة بائسة. شارفوا على الموت. سألهم: ماذا ينقصكم؟
أجابه الشيخ علي بورجعه: الأكفان فقط!

(7)
في بداية الستينيات الماضية على الطريق الساحلي الرابط بين بنغازي وطرابلس كان ثمة كشك خشبي صغير بعد العقيلة أعد ليكون نقطة لبوليس المرور. تراقب حركة السير وتفصل في الحوادث ومشكلاتها، وعموما فإن حركة النقل على الطريق كانت بسيطة وسهلة لقلة المركبات والمرور لم يكن بتلك الكثافة.

كان الظلام يعم المنطقة. وقع حادث جسيم في تلك الليلة. كان الشاويش المكلف بالنقطة نائما داخل الكشك. الوقت ليل والحادث تم بعد منتصفه كثيرا. بعد وقوع الحادث والأضرار والارتباك الذي نشأ عنه. بعض الناجين طرقوا على الكشك وينهض الشاويش من نومه بعد عمل النهار والمساء ويتابع الموضوع بكل تفاصيله ويلم بأطرافه.

لم تكن ثمة إنارة بالكشك أو على امتداد الطريق. بقايا الأضواء الواهنة للحادث. لبس الشاويش ملابسه على عجل بناء على ماحدث وسماعه لصوت احتكاك الفرامل والارتطام العنيف. أشعل مصباح الكيروسين وعندما خرج ليباشر عمله والتحقيق..

صاح في الموجودين: نا بيدي كني مبترم. لقد تفاجأ في زحمة انشغاله بالموضوع الذي حدث أنه ارتدى بنطلونه العسكري بالمقلوب. الأمام في الخلف والخلف في الأمام. عكس ماهو مألوف، فاعتقد أو ناله فزع مما حدث وظن أنه أصيب بطريقة أو بأخرى من الحادث.

نا بيدي كني مبترم. منذ زمن. لكنها ظلت قائمة. الوطن مبترم للأسف!!

(8)
رجل وصل المدينة لتقديم واجب العزاء في شخص يعرفه. ضاعت منه معالم المكان. ظل يسأل دون جدوى عدة مرات. مر بمجموعة من الصغار وسألهم عن مكان المأتم.

أحدهم عرفه تماما. أشار ووصف بيده.. يا حاج تمشي طول. الشارع لولي على يمينك أسلح. أمشي والشارع لاخر أسلح. تمشي شويه بعدين تلقى وسعايه فيها خيمة العزاء. (أسلح هنا من المصطلحات المعاصرة لدى الجيل الجديد بمعنى اترك).

أجابه مباشرة: على قيس وصفك هذا يا وليدي.. نخش العزاء عريان!!