Atwasat

وقفة على أطلال «جرمة» المالطية!

محمد طاهر الإثنين 05 أبريل 2021, 11:26 صباحا
محمد طاهر

للوقوف على الأطلال مكانة خاصة في وجداننا، ولها معان عميقة احتفت بها الثقافة العربية وأبرزتها في نظم خالد، لكننا سنقف في هذه المناسبة أمام أطلال لا تبعث إلا على الأسى، وأمامها تنقطع الأحاسيس على السطح ولا تجد مدىً أبعد.

الأطلال التي أقصدها، هي ما تبقى من فندق "جرما بالاس" في منطقة "مارساسكالا" بجنوب شرق مالطا، بنته ليبيا في العهد السابق وافتتح في عام 1982.

كان ذلك أثناء رئاسة الاشتراكي، دوم منتوف، الحكومة المالطية ما بعد الاستقلال بين عامي 1971 – 1984.

هذا السياسي قام في عام 1974 بقطع جميع الروابط المؤسساتية مع بريطانيا، وأعلن في مارس 1979 انسحاب القوات البريطانية من الجزيرة، الأمر الذي يفسر العلاقات الوثيقة في تلك الحقبة بين طرابلس وفاليتا.

في تلك الفترة الذهبية للعلاقات الرسمية الليبية المالطية، كافأت طرابلس فاليتا على "سياساتها" باستثمارات كبيرة كان من بينها قصر جرمة، الذي أصبح الآن يوصف بأنه "أشهر مكان مهجور في الجزيرة" وبأنه "آثار قبيحة لفندق عملاق سابق تشوه المناظر الطبيعية".

قصة "قصر جرمة" تعود إلى عام 1976، حين اشترى صندوق الاستثمار الليبي قطعة أرض في "مارساسكالا"، وشيد عليها فندقا يضم 345 غرفة، وأصبح الأكبر في جنوب مالطا، بل وأسهم في تحول المنطقة من " قرية صيد إلى وجهة سياحية".

ازدهر الفندق الضخم لربع قرن، ثم بدأ يفقد بريقه لأسباب عديدة فاقمها عدم وجود شاطئ رملي، ما تسبب في ابتعاد السياح عنه وفراغ مسابحه من الرواد، إلى أن جاء عام 2007 بالضربة القاصمة حيث أغلق الفندق، وبعد عام بيع لمستثمرين محليين مقابل 19 مليون يورو، وقيل إنهم كانوا يخططون لتطويره وبناء شقق سكنية ومرفأ لليخوت، وجعل المنطقة "دبي" بنسخة مالطية.

"دبي" المالطية حلم لم يتحقق على أنقاض "جرمة الليبية"، فقد هجره أصحابه الجددـ، وسُرقت محتوياته القيمة، وسرعان ما تهالك البناء الضخم وانهار قسم من جدرانه وغطت الكتابات والرسوم ما تبقى منها سليما.

اللافت أن وسائل إعلام مالطية قالت في وصف حاله إن أنقاض "جرمة" أصبحت ملجأ للطبقات الدنيا في الهرم الاجتماعي، تلك الفئة التي وصفت بأنها اختلطت بلاجئين أفارقة غير شرعيين نقلهم تجار البشر إلى الجزيرة من ليبيا!

محاولة جديدة جرت في السنوات الأخيرة لإحياء "جرمة" المالطية، إلا أن أنقاض الفندق لا تزال على حالها، شاهدة على "صرح" تحول إلى أطلال غابت عنها طويلا أصوات الصحون ودبيب الخدم وضحكات المصطافين وأحاديثهم، وأطبق عليها الصمت.