Atwasat

خطاب مفتوح إلى حكومة الوحدة الوطنية

زاهي بشير المغيربي الجمعة 02 أبريل 2021, 10:23 مساء
زاهي بشير المغيربي

استحقاقات المرحلة الانتقالية وأولوياتها
• ليس بخافٍ على أحد أن المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية هي مؤسسات مرحلة انتقالية موقتة، ويجب أن تلتزم سياساتها بأحكام المرحلة وأولوياتها، وأن تركز على إنجاز الاستحقاقات التي حددها التفويض الذي منحه لها ملتقى الحوار السياسي الليبي وصولا إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية يوم 24 ديسمبر 2021، وتتلخص هذه الاستحقاقات والأولويات في التالي:
 وضع السياسات واتخاذ القرارات التي تؤمِّن إجراء الانتخابات في موعدها المحدد.
 وضع أسس المصالحة الوطنية الشاملة، وتحديد إجراءات تحقيقها، وتنفيذ ما يمكن تنفيذه من هذه الإجراءات.
 توكيد سيادة الدولة والعمل على خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من أنحاء البلاد كافة.
 توحيد مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية والعسكرية والأمنية ومعالجة مشكلة التشكيلات المسلحة غير الرسمية.
 اتخاذ ما يلزم من قرارات لتطبيق اللامركزية وتعزيز قدرات وحدات الحكم دون-الوطني، وتأمين الإمكانات اللازمة لها.
 وضع سياسات فعالة لمواجهة جائحة «كورونا»، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المواطنين والمقيمين من تداعياتها.
 وضع الحلول الناجعة لأزمة انقطاع التيار الكهربائي.
 تحريك عجلة الاقتصاد الوطني، وتوحيد السياسات الاقتصادية (التجارية والمالية والنقدية)، وحل مشاكل السيولة وسعر الصرف وفتح المقاصة بين جميع المصارف شرقا وجنوبا وغربا، ووضع السياسات اللازمة لضبط ارتفاع الأسعار وللحد من تنامي السوق الموازية.
• إن إنجاز المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية هذه الأولويات يعني نجاحهما بامتياز في تحقيق استحقاقات هذه المرحلة، وفي تمهيد الطريق أمام تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والمجتمعي.

• يلزم هنا التنبيه إلى أنه ليس من استحقاقات هذه المرحلة وأولوياتها وضع سياسات خلافية تفرض التزامات على المؤسسات المنتخبة القادمة، دون أن يكون لها علاقة مباشرة باستحقاقات المرحلة الانتقالية. ومن أمثلة ذلك:

 إن اتخاذ قرار بتشكيل لجنة لدراسة إلغاء دعم أسعار المحروقات واعتماد الدعم النقدي يمس واحدة من أهم السياسات الاقتصادية التي ميزت الاقتصاد الليبي وحددت هويته.

الأمر هنا لا يتعلق بالمفاضلة بين سياسة توفير السلع بأسعار مدعومة وسياسة الدعم النقدي المباشر، بل يتعلق بتساؤل جوهري حول هل يحق لحكومة الوحدة الوطنية وينبغي لها اتخاذ مثل هذا القرار أم أنه ليس ضمن نطاق تفويضها؟ إن هذا القرار لا يمثل أولوية عاجلة للمرحلة الانتقالية، بل يلغي سياسات راسخة منذ عقود (بغض النظر عن وجاهتها) يتطلب تغييرها وجود توافق مجتمعي حول هذا التغيير، ويلزم وضعها من قبل مؤسسات تشريعية وتنفيذية مخولة، من خلال تفويض انتخابي شعبي، بالقيام بذلك. والواضح أن ما أثاره هذا القرار من خلافات وجدالات قد يؤثر على أداء المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية لمهامهما، وعلى إنجاز أولوياتهما، وهما في غنى عن كل ذلك.

 إن إجراء تغييرات جوهرية في هيكلية مؤسسات الدولة قد لا يكون وجيها، وقد يثير خلافات وصراعات واعتراضات داخل هذه المؤسسات وخارجها، بما قد يعرقل إنجاز استحقاقات المرحلة الانتقالية، لذلك يجب الاقتصار على التغييرات التي تعتبر ضرورية لإنجاز الاستحقاقات والأولويات.
 بالنظر لما تعانيه مؤسسات الدولة من تضخم في أجهزتها الإدارية، فإنه ينبغي عدم التوسع في التعيين في تلك المؤسسات إلا بالقدر الذي يلزم لإنجاز استحقاقات المرحلة وأولوياتها.

• يجدر الإشادة هنا بقرار حكومة الوحدة الوطنية بإلغاء أي قرارات أو تعيينات صدرت من السلطات التنفيذية السابقة (المجلس الرئاسي والحكومة الموقتة) منذ تاريخ منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية من قبل مجلس النواب، وذلك باعتبار أن هذه التعيينات جاءت في معظمها لترضية وزراء ومسؤولين سابقين على حساب المصلحة العامة. وقد يكون من الأفضل أن يبدأ سريان هذا الإلغاء منذ تاريخ اختيار المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية من قبل ملتقى الحوار السياسي الليبي، فكما أنه ليس من حق حكومة الوحدة الوطنية اتخاذ قرارات ووضع سياسات ليست من صميم أولويات المرحلة الانتقالية وقد تقيد عمل السلطات المنتخبة القادمة، فإنه من حقها ألا تُثقَلَ بقرارات من السلطات السابقة لها.

* ملاحظة: هذه نسخة منقحة ومطورة من ورقة أُرسلت للسيد رئيس المجلس الرئاسي ارتأيتُ نشرها للاطلاع العام.