Atwasat

حظر عمل القضاة في السياسة

مجدي الشبعاني الأربعاء 03 فبراير 2021, 01:53 مساء
مجدي الشبعاني

ثار جدل قانوني كبير فور إعلان البعثة لقوائم المترشحين لشغل منصب رئيسي المجلس الرئاسي والحكومة، حيث كان من بينهم سيادة المستشار رئيس المحكمة العليا ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، ومناط هذا الجدل أن القضاة ممنوعون من العمل بالسياسة وهذا يؤثر في تحيزهم ويؤثر سلبا على سير العدالة واستقلالية مؤسساتها ومخالف لمبدأ الفصل بين السلطات !!

وبالنظر إلى النصوص ذات العلاقة، نجد المادة (64) من قانون نظام القضاء تنص على أنه:

"يحظر على أعضاء الهيئات القضائية الاشتغال بالأعمال السياسية.." وكذلك تنص المادة (12) من قانون المحكمة العليا "يحظر على المستشار بالمحكمة العليا مزاولة الأعمال التي لا تتفق وكرامة الوظيفة واستقلالها".

فالنص هنا لم يحظر الاشتغال بالسياسة، وإنما حظر الاشتغال بالعمل السياسي والاختلاف واضح بين: فالعمل السياسي هو ما يتعلق بانتماء أو انتساب أو طلب انتماء أو طلب انتساب أو اندراج فى إحدى المؤسسات التى تعمل بالسياسة، مثل المجالس النيابية أو التنظيمات السياسية والحزبية، وهذا يختلف تماما عن ممارسة لعمل ذي شأن سياسى، كإبداء رأي، أو كممارسة حق التصويت فى الانتخابات التشريعية أو الرئاسية .

والكل يعلم أن ممارسة حق التصويت فى انتخابات هذه المجالس هو نوع من إبداء الرأي السياسي فى تشكيل ذي طبيعة سياسية. ولم يقل أحد إن هذا الأمر ممنوع عن القضاة.

إن الاشتغال بالعمل السياسى الممنوع على القضاة، يتعلق بنوع عمل مقصود يجري على سبيل العادة والدأب ويتخذه الشخص ديدنا له وباستمرار، بمعنى الاحتراف واتخاذ العمل السياسي مهنة، أي يكون عملا له قدر معتبر من الاستمرار والتتابع. وهو بهذه الصفة إن كان يتعلق بالسياسة، فيكون من شأنه أن يدخل القاضي في تحيزات وارتباطات مع أطراف وفى خصومات مع أطراف أخرى، حسبما تمليه العملية السياسية مما يجرح لدى القاضي ما يتعين أن يتصف به من حياد وتوازن بين من عسى ان يحتمل أن يمثل أمامه من متخاصمين ذوي توجهات مختلفة.

وهو ما يُفضي بالقاضي في ممارساته الحياتية إلى نوع من الانتماء لجماعة معينة أو تنظيم معين أو مؤسسة غير قضائية ولا تقتصر على القضاة.

القاضي بوصفه مواطنا له أن يمارس حقه في التصويت في الانتخابات والاستفتاءات السياسية، كما أنه فى غير عمله القضائى، له أن يكتب ما يشاء من دراسات تاريخية وفيها نوع من إبداء الرأي فى شئون سياسية، أو دراسات اجتماعية أو غيرها مما قد يكون له وجه تعلق بالشأن السياسى. فهذا العمل لا يدخله فى تحزُّب معين ولا في تشكيل مؤسسي يملي عليه انتماء أو اندراجا فى تكوين سياسي.

أما بشأن النص بمنع القاضي بوصفه ممنوعا من أي عمل يتعارض مع استقلال القضاء وكرامته، فإن المرجع فى تحديد هذه الأعمال بالأعراف السائدة فى المجتمع، وليس منها بطبيعة الحال ما يتعلق بالسياسة لأن السياسة لها نص خاص بها.
ولا يوجد نص يمنع القضاة من الترشح للمناصب بصورتها الحالية، فلا تأثير لهم على مجموعة 75، ولن يقدح ترشحهم لمثل هذه المناصب في استقلالية القضاء ولا يوجد نص واحد يلزمهم بالاستقالة عند الترشح، فإن وفقوا سقطت عنهم مباشرة الصفة. وإن لم يوفقوا عادوا لأداء مهامهم.

ولكن نجد النص صريحا في بعض متقلدي المناصب التشريعية والعسكرية وبعض الوزراء على ضرورة الاستقالة قبل الترشح، فهل استقال كل هؤلاء؟؟.