Atwasat

فرج المذبل.. مِغزَل أوقاتي الحُلوة

أحلام المهدي الخميس 08 أكتوبر 2020, 05:38 مساء
أحلام المهدي
     

ليس تأبينا، لكنه عُمْرٌ من الحنين قُدّر لنا وكُتِب علينا.
لماذا ليس «غازِل» أوقاتي الحلوة أو صانعها؟
لأنه ببساطة عندما كان يفعل كان في خاطري مجرد اسم لا أعرف صاحبه، ارتبطتُ بالاسم دون صاحبه، «فرج المذبل» هذا الاسم «اللوحة» التي كانت ترتسم كخاتمة جميلة لكل شيء جميل كلمة وصورة.
غاب «فعلا» المراوح «كلمةً» بين الحضور والغياب، غاب من قال في همسة لسالمين الزروق:
غيّب علي يا اللي علي ما تغيب

وابعد علي ياللي بعدك علي صعيب
وان جابن حكاوي الحب يوم سريب
داري الحنين وغيره السريب

«داري الحنين» إذا وابتعد عن أي «سريب» تأتي به حكاوي الحب، هذه همسة أنثى عاشقة، يقابلها شوق جارف يحيل الدموع مطرا إذا عصف بخاطر محب:

هز الشوق حنايا الخاطر
حدر غيمك يا عيني ماطر

وبينهما يقف العالمي الجميل أحمد فكرون عاجزا عن احتمال «حنين» آخر للمذبل في أغنيته «الشمس»:

أنا وانتِ مش عارفين
وين جينا ووين ماشيين
لا فرحنا مع بعضنا
ولا قدرنا على الحنين
والحيرة تلعب بينا
تعبانة خطاوينا

و«الحنين» هذه المفردة التي قلّبها المذبل على جمرة إبداعه لم تكن متأججة في كل حالاتها، بل انطفأت في أغنية أخرى لعادل عبدالمجيد:

متغيّرين أحبابنا متغيرين
في عيونهم شفنا الغلا مطفي الحنين
غايب وفا كلمتهم
غايب دفا بسمتهم
ما تقول في رفقتهم
عشنا المحبة سنين

لقد «عشنا المحبة سنين» واختبرنا مع أغنيات الراحل فرج المذبل كل المشاعر الجميلة، عذبٌ كتب عن «عز الغوالي» من شغلوا بال الراحل «سالم بن زابية» و«عز الرفاقة» الربيع الذي لا تذبل أوراقه في مواسم الراحلة «فاطمة أحمد».
الموسيقى، الشعر، الإخراج، كرة القدم، الأهلي، الدراما، كلها تعريفات لعمْرٍ حافل بالعطاء وبالحب لهذه القامة الليبية السامقة.
«لو كان حبك ما سكن وجداني» ما كتبت هذه الكلمات بمداد حب الليبيين لك، «زاهيات معاك أيامي» وستبقى لأن إرثك عصي عن النسيان، نعم «يصعب علينا تبعدوا وتنسونا» لكنها إرادة القدير.
عيني عليك يا وطن جرحك دامي
لا بيت تبرا لا رحمت أيامي
في كل يوم نقول بكرا تحلى
نلقى السراب واكل عقاب أحلامي

رحل فرج المذبل وجرح الوطن ما زال داميا، لم يرحم أيامه ولا أيامنا، أما «عقاب» أحلامه وأحلامنا فهي من ستلتهم السراب قريبا وتزهر بعيدا عنه.