Atwasat

زقاق ليبيا

أحمد الفيتوري الثلاثاء 08 سبتمبر 2020, 02:47 صباحا
أحمد الفيتوري

أن نُعيد ونكرر نفس الأفكار، لأن المعطيات نفسها تتكرر، ليس لأن الأشخاص أنفسهم، من يتعاطون هذه الأفكار، فليبيا خلال العقد الثاني من الألفية الثالثة، مرّ بمسك خيط زمامها، عدة من الرجال والنساء، كما لم يمر بها في فترات سابقة، فمثلا مسك بالنواجذ زمامها، شخص متسلط لأكثر من عقود أربعة، وقد كان نتاج مرحلته مضغ الماء، الآن وخلال أكثر من عقد، رغم تعدد الشخصيات، على مسرح الأحداث الليبية، ما يحدث مضغ ماء، فهذه الشخصيات، كما ظِل للعهد السابق، الممقوت من الجميع، ولعل مرجعية ذلكم أن المبتغى واحد: السلاح والسلطة والثروة، وأن الغاية تبرر الوسيلة، وبالتالي اتباع نفس الطرق.

وفي حال كهذا فإن ليبيا في زقاق، وما يتم بخصوص المسألة الليبية، على المستوى الدولي والإقليمي، هو الدفع بها نحو هذا المزلق، أي تكون في الزقاق، ما يغص بالملتقيات، المؤتمرات، التصريحات، البيانات، ونفس النتائج، وحينما نكتب أو نحلل وضعية كهذه، فلن نضيف جديدا، بل سنوكد على نفس النتائج لنفس المقدمات، ولعل المتلقي يتذمر، مما يتلقي غير آخذ في الاعتبار، أن المسألة الليبية التي لم تعد ليبية، هي كما عجل يدور بنفس الطاحونة، وأما وقد باتت مسألة غير ليبية بالمرة، فهذا يعنى أنها مسألة، مرهونة بغيرها من المسائل، البعيدة منها والقريبة، فالمعقدة والبسيطة.

لعل زيارة السراج لأردوغان!، واللقاء الأول من مسيرة جديدة، من الحوار الوطني، تعقد في الصخيرات 2 ، يذكر بزيارته لروما، يوم خرج من باريس 2، بعد توقيعه لاتفاق لم يجف حبره، وبهذا المشهد يخرج السراج، الأرنب من قبعة الساحر، ففي الحالين وكد أن المسألة في القبعة وليست على الطاولة، وكان في هذا أكثر وضوحا من غيره، بل أنه كممثل أراد أن يظهر أنها المهمة، مهمة مخرج بالأساس، ولأن الجميع يعترف أنه الممثل الأول، فقد فضح أنهم يمثلون دور المُحلل، في مسرحية زوجين مُطلقين.

المسرحية الليبية، كغيرها من مسرحيات المنطقة، تسخن مشاهدها حد الحرب، وتبرد حتى طاولة المفاوضات، وفي كل أحوالها، مسرحية يتعيش عليها الإعلام، وتعتاش منه، ولم تغادر هذه الدائرة، منذ 20 أغسطس 2011م، حينما أعلن موت، ممثلها الرئيس الأول العقيد معمر القذافي، وحتى الصخيرات حين أعلن عن وريثه فائز السراج، مع مراعاة الفروق في التوقيت. وأحيانا تكون واجهتها الحقيقة، تدور في تونس، وبطلها راشد الغنوشي، وفي مرة أخرى تكون الخشبة لبنان، وبطلها حزب الله نصر الله!، وهذه الأحوال، تغيير حتى لا يمل المشاهد، من في كل حال، لم يذهب بعيدا عن الزقاق.

نذهب بعيدا بالخيال عن الواقع، نتصور حلا ما، وأفكارا ليست مطروحة على الطاولة، حتى إن فعلنا ذلك، أي استطعنا جرح المستحيل، فسنجد الجديد قديما، فالحل على الطاولة منذ البدء، ومهما ذهب بنا الخيال، فما نصنع، أن نخترع العجلة، فإن الممثلين في مسرحية "المصيدة" لإجاثا كريستي، منذ نصف قرن يُؤدون نفس الأدوار، والمسرحية البوليسية حلها واحد ليس إلا، وما نشاهد أحيانا من مستجد، لا يتعدى تفاصيل، مثل تغيير صالة العرض، أو تغيير في وجوه الممثلين، وحكم ذلك أن النص الواحد، مقدماته واحدة ونتائجه واحدة، وأننا نفسر الماء بالماء.

إذا هل الصخيرات 2 سيأتي بجديد؟، أولا وأخيرا هو 2 وليس 1!!، وثانيا وكما يقول المثل الليبي، "في تغيير السروج راحة"، حتى وإن في هذا تناقض ما، فإن الحرب الآن حرب سلام، وليست حرب سلاح، وإن فلح الفالحون في هذا، فكفى المؤمنين شر القتال، ففي هذا خير.