Atwasat

تريبونة الظل...ملعب البركة (2-2)

عبد السلام الزغيبي الأحد 12 يوليو 2020, 12:31 صباحا
عبد السلام الزغيبي

أثناء ترددي على ملعب 24 ديسمبر وبالتحديد في تريبونة الظل، حيث يجلس جمهور الهيلاهوب (هلال بنغازي) خلال هذه السنوات الجميلة عاصرت العديد من مشجعي الغلالة الزرقاء الذين كانوا حريصين على متابعة الفريق وتشجيعه دون تعصب، وبروح رياضية عالية، لكنهم كانوا يمرضون إذا خسر الهيلاهوب، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر. حسين قرقوم أو (حيطه)، وهو اللقب الذي عرف به في بنغازي، من الشخصيات المشهورة في مدينة بنغازي، ومن المشجعين الهلاليين الأصلين، وصديق الجميع، وكان من عاداته الوقوف، مرتديا الملابس العربية، ممسكا بالسلك الحديدي الذي يفصل التريبونة عن عشب الملعب، قلقا متجهما ولا يهدأ له بال، حتى يسجل الهلال هدفا جميلا بأقدام الشعالية أو ديمس الصغير.. عندها يتنفس حيطه الصعداء وتنفرج أساريره.

من مشاهير مشجعي الهلال ورواد تريبونة الظل كل من: الدني والعوريمة وفتح الله الهري، سعد كلاي، يوسف الطواحني، المهدي الجاهل، محمود "خده رطب"، علي الهوني، علي الحفيان، علي الجهاني "السيقرو"، عبدالله دغيم، محمد علي بوخيط، الحاج حسن بوخيط، امحمد الفيتوري، طالب الرويعي، الهيلاهوب الحاج عبدالسلام ابوزعكوك ، السنوسي قيني ومحد التركي، سي بوسن.. أبوبكر النيهوم.. عمر بورويله.. عمر دومة.. منصور الزغيبي.. مصطفى دومة، نوري بن هلوم، سعد الزغيبي، السنوسي البيجو، السيد هاشم العبار مدير شركة الخطوط الجوية الليبية آنذاك، المعلم عبد الله الشريف.. الحارس محمد دومه.. والصحفي الرياضي مفتاح الدراجي .. اليوناني كاريداكس صاحب محل الكريستال والفضيات بميدان الشجرة، لا تنسَ الهيلاهوب الأصيل "صاحب محل الجزارة" عبداللطيف التومي .. "البسيوني". وهو أول من رقص بالهيلاهوب "طوق من البلاستك المرن يسهل توسيعه و تضيقه" أول مرة في التريبونه، ومن هناك التصق اسم "الهيلاهوب" بمشجعي الهلال.

والهيلاهوب الزعيم، المبروك البسيوني.المرحوم حسين جربوع، عبد القادر دغيم، محمد حمي وعبد الحميد النيهوم. والمطرب الشعبي" حمدي الجديد"، ومن نوادره، أن كان برفقة عمر المخزومي، ومنصور الزغيبي، ومحمود بن هلوم، في رحلة إلى طرابلس لحضور مباراة الهلال مع الاتحاد، وفي الطريق توقفوا عند مقام سي عبد السلام الأسمر، لقراءة الفاتحة، والطلب من سي الشيخ أن يفوز الهلال "بجاهك يا سي عبد السلام يفوز الهلال اليوم، وانروحوا فرحانين، هكذا كانت دعوة مشجع الهلال "حمدي الجديد"، ولعبت المبارة وخسر الهلال، وفي طريق العودة، توقفوا ثانية عند سي عبد السلام، ودخل حمدي مخاطبا سي عبد السلام" باهي باهي يا سي عبد السلام، والله نحرش فيك سي رافع"..

ومن الشخصيات المشهورة في بنغازي بتشجيع فريق الغلالة الزرقاء والبيضاء، الهيلاهوب، الزعيم السنوسي الفزاني، وكان من عادته أن يدخل بسيارته الجيب إلى ملعب 24 ديسمبر، لدعم وتشجيع ناديه الهيلاهوب وهو من رواد محل بقالة حمي بوزعكوك.

أثناء مجريات اللعب، كانت صيحات وهتافات الجماهير الهلالية في التريبونة، لمؤازرة اللاعبين وتحفيزهم على العطاء والفوز، وتزداد الحماسة، مع كل ستوب عالصدر من المحجوب بوكر، ملك النص، أو تمريرة ماكرة من ديمس الكبير، انطلاقة من الفهد الأسمر ديمس الصغير، مراوغة من الدولي علي الشعالية، ضربة رأس من البوقرماوي، صد كرة من الكليلي، ومنع هجمة لهدف محقق من قلب الدفاع، عبد السلام الورفلي طيلة سنوات حضوري المبارايات في ملعب البركة حتى عام 70 وافتتاح المدينة الرياضية، لم أتذكر يوما، سبابا أو شتيمة، أو مشاجرة أو عراكا، فقط، تسمع عبارات مثل "تيمبو يا حكم، اسكامبيا، أجري يا فيل" وعندما لا يكون فريقي "الهلال" طرفا في المباراة، كنت أتنقل للجلوس في تريبونة الشمس الأهلاولية، أو المدرجات الحديدية، وأتذكر جيدا مشجعا كان يجلس دوما ولا يغير مكانه أبدا في تريبونة الحديد خلف حارس المرمى من جهة دخول اللاعبين وخلف التريبونة سانية السوسي.. كان يلبس في كبوط ويدخن بشراهة ويحمل معاه راديو ترانزيت ترانزيتر.. مغطى بقماش جلد، يشاهد المبارايات، ويستمع في نفس الوقت للمباراة التي تجري في طرابلس.. ويتابع المذيع الشهير حسن الشغيوي وهو يردد عبارات طالما اشتهر بها "السلام عليكم من جديد، من الملعب البلدي في طرابلس لنتابع الشوط الثاني من مباراة الاتحاد والأهلي..".

وعشاق الكورة في ملعب 24 ديسمبر، يتذكرون ويعرفون حق المعرفة سي حسين الفيل، وهو يجلس على الدكة، يلبس البالطو الأبيض وبيده شنطة الإسعافات الأولية، جاهز لكل طارئ ليسعف أي رياضي مصاب في الملعب.. بدقة ومهارة.

ولا يغيب عن المشهد، أغنيوه الفاخري، ومناداة الجمهور له "صور يا أغنيوه" وكلنا يتذكر تلك الشخصية الظريفة التي كانت تدخل الملعب حاملة كاميرتها معلقة في وسط صدرها أو ممسكة بها في يدها، وبمجرد دخول اللاعبين والحكام يبدأ في التقاط الصور، وسط صيحات المشجعين (فاضية يا اغنيوة) وهم يقصدون أن الكاميرا اليي يحملها خالية من الأفلام.

وعندما نحكي عن ملعب البركة، لا نستطيع أن نغفل شخصية هيلالية أصلية، وهو الهيلاهوب المرحوم "حمي بوزعكوك" صاحب محل البقاله أمام ملعب البركة، 24 ديسمبر ونادي النصر لاحقا، وكان محله ملتقى لكبار الشخصيات البنغازيه، وقد اشتهر سي حمي، بأنه أحد ظرفاء بنغازي وصاحب النوادر والمقالب والطرفة، وعنما كان يفوز الهلال كان يقوم بتوزيع الحلويات، فرحا وابتهاجا بفوز فريقه.

ومن وجوه ملعب البركة التي لا يمكن إغفالها.. الرجل الطيب..عاشق الهلال خميس التاورغي الشهير باسم "بلال" من سكان الكيش.

في هذا الملعب شاهدت، حصول فريق نادي التحدي ، على دوري ليبيا عام 67، ومبارايات دولية مثل مباراة ليبيا وأثيوبيا الشهيرة، وهدف ديمس الصغير الذي يعتبر أول هدف ليبي في التصفيات الأفريقية لكأس العالم العام 69 في شباك منتخب إثيوبيا بملعب البركة ببنغازي.