Atwasat

العلاقات الإثيوبية المصرية (3) الإستراتيجية المصرية المقبلة والصراع على مياه النيل

محمود محمد خلف السبت 11 يوليو 2020, 05:45 مساء
محمود محمد خلف

لم يعد خافياً بعد خطاب سيادة الرئيس المصري أن التطور في العلاقات بين مصر وإثيوبيا سوف يأخذ منحى أو منعرجاً على غير ما هو متوقع في عقل مخططي السياسة الخارجية المصرية.

هناك أولا بعض الملاحظات الجديرة بالاهتمام حول خطاب يوم 7يوليو ودلالاته السياسية:
* الخطاب يقع في إطار السياسة المصرية التقليدية التى درج عليها النظام المصري والتي امتدت في عصرها الذهبي خلال الستينات والسبعينات ومطلع الثمانينات،
وبدأت تتقلص العوامل الموضوعية لنجاحها بوضوح أكثر مع بداية الألفية الثالثة.
*لغة الخطاب اعتمدت على حسن النوايا وعلاقات الجوار والصداقة والروابط التاريخية والحضارية والدينية بين أثوبيا ومصر؛ وهي لغة الخطاب المصري التى ظلت سائدة حتى آخر تقرير شامل أعدته الخارجية المصرية مؤخراً (متوفر على موقع وزارة الخارجية المصرية).
*جزء كبير من الخطاب موجه إلى الرأي العام الأثيوبي والمصري. وهما يشكلان العنصر الأقل أهمية في الصراع الشديد الدائر حالياً؛ والذي تسيطر عليه عقلية إثيوبية متجبرة لن تأبه بكلمات الصداقة والمحبة "والإخلاص".
إنً اللغز المحيّر الذي يواجهني في تحليل فكر أو رؤية مصر لمجريات الصراع الحالي هو : هل يمكن أن تقف مصر سلبياً من هذا الصلف والتكبر الأثيوبي إلى حد يجرح كبرياء مصر والعرب؟

الاستراتيجية المصرية المقبلة واحتمالات المواجهة:
أولا: ضرورة استيعاب الدور الإسرائيلي في التطور السياسي الذي يجري في المنطقة. وكما أوضح أستاذنا العلامة حامد ربيع رحمه الله، فإن استراتيجية إسرائيل المناوئة لمصر تقوم على ثلاثة أسس:
1 - تخريب مصر من الداخل؛
2- عزل مصر عن الدول العربية؛
3 - تقليص دور مصر الإقليمي في أفريقيا.

وبالرغم من أن المجال لا يسع للتفصيل حيث يمكن العودة إلى الكتاب*، فإن هذا الكلام يشير بوضوح إلى تحالف إثيوبي اسرائيلي أمريكي ضد مصر، من أجل إضعافها وفرض الجوع عليها ومن ثم الركوع للإرادة الإسرائيلية.
وكان د. حامد ربيع يقول أنه عندما تتحدث إسرائيل عن السلام فهي عملياً تعد العدة لحرب قادمة. ومن الممكن الآن أن نفهم أن إسرائيل لم تعد في حاجة إلى أن تخوض بنفسها هذه الحرب، وإنما تشعلها وتحرك دولا أخرى نيابة عنها.
وهذا يعني أن أثيوبيا تلقى تأييداً ودعماً مباشراً من إسرائيل وأمريكا لتقوم بملء سدّ النهضة ضد الإرادة المصرية.
وهذا يمكن أن يجعلنا نشعر بمرارة الضغوط الأمريكية ربما على مصر الاستمرار في السياسة الناعمة، وتجنب المواجهة.

ثانياً: الاستراتيجية المصرية المقبلة:
لم يعد أمام مصر المزيد من الوقت لتغيير سياستها الخارجية وتبني استراتيجية الدفاع عن الذات من أجل البقاء. إن تعرض الأمن القومي المصري للتهديد أضحى واضحاً من خلال صفاقة وقلة حياء رئيس الوزراء الأثيوبي، الذي صار يتحدث منفرج القدمين واسع الابتسامة وكأنه يمتلك النيل امتلاكاً. على المُنظّر المصري للسياسة الخارجية والأمنية أن يسعى إلى تأكيد عناصر فكر الأمن القومي واحتياجاته وإدخالها ضمن استراتبجيته القادمة لتحرير مياه النيل.
وللحديث بقية.