Atwasat

القانون والحقوق

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 17 مايو 2020, 05:54 صباحا
عمر أبو القاسم الككلي

يثير البعض اعتراضا على لوم، أو إدانة، نظام معمر القذافي بشأن اعتقال المزعوم انتماؤهم إلى تنظيمات حزبية والحكم عليهم بمدد تتراوح بين عشر سنوات (وهي أقل مدة عقوبة في قانون تجريم الحزبية تتعلق بالعلم وعدم التبليغ) والسجن المؤبد*.

ومؤدى الحجة التي يدفعون بها بهذا الصدد أن ثمة قانونا ساريا جرى انتهاكه عمدا من قبل البعض، وبالتالي ينبغي أن يتحملوا مسؤولية فعلهم هذا ويتقبلوا العقوبة المنصوص عليها.

سنفترض أن كل التهم والقضايا السياسية أثناء العهد السابق كانت صحيحة، ولم يكن فيها ما هو ملفق. وسنفترض كذلك أن هذه العقوبات متناسبة مع نوع الفعل، ونتعامل مع هذه الحجة من وجهة النظر القانونية، فنقول عنها، بالتعابير القانونية، بأنها مقبولة "شكلا" ومرفوضة "موضوعا". فمن حيث الشكل، صحيح يوجد قانون نافذ، ذو مواد واضحة ومحددة، تجرم العمل الحزبي وتفرض على مخالفيه عقوبات.

أما من حيث الموضوع، فينبغي النظر في "قانونية" هذا القانون.

فهذا القانون يحظر العمل السياسي السلمي ويحجر حرية الرأي. وهو، بصفته هذه، ينتهك حقوقا مصانة في المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان الموقعة عليها ليبيا. وإذن، فالقانون المشار إليه ليس "قانونيا" من وجهة نظر الحقوق المقررة في هذه المواثيق الملزمة التي تعد، بعد التوقيع عليها من قبل دولة ما، بمثابة قانون داخلي. خاصة وأن النظام لم يعلن انسحابه منها.

بظهور هذه المواثيق والتوقيع عليها من قبل الدول الموافقة، زال العهد الذي يمكن أن يُطلق فيه نظام معين عقال التوحش، ويطبق بيديه على أعناق وأفواه مواطنيه، ملغيا ضمائرهم ومقيدا عقولهم. مضى العهد الذي يمكن أن تعامل فيه أنظمة الحكم "رعاياها" باعتبارهم عبيدا يمكن استغلالهم والتحكم فيهم والتصرف في حياتهم. لم يعد "الضمير الإنساني العام" يبيح ذلك، أو يبرره، أو يسكت عنه.

كما ينبغي ألا ننسى أن الأصل في القوانين، مثلما هو الحال في الشرائع الدينية، إدارة مصالح الناس والمجتمع على نحو متوازن وعادل. فمن مصالح الناس، والمجتمع، التعبير عن آرائهم بحرية وبشكل سلمي وآمن. ومن حقهم ممارسة هذا الحق من خلال تجمعات نقابية وتنظيمات وأحزاب سياسية ومختلف منظمات المجتمع المدني.

أريد أن أختم بأنه ينبغي، على هذا الأساس، التمييز بين "القانون" و "الحقوق". فالقوانين يمكن أن تكون منتهكة للحقوق، كما في قانون تجريم الحزبية المشار إليه.

* الواقع أن العقوبة هي الإعدام، ويجوز للقاضي تخفيض الحكم من الإعدام إلى المؤبد باستخدامه مادة من قانون الجنايات.