Atwasat

إخفاء العلاقة بليبيا

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 01 ديسمبر 2019, 11:09 صباحا
عمر أبو القاسم الككلي


لم أستوعب سلوك بعض الأخوة العرب الذين قضوا فترة من حياتهم في ليبيا، أو الذين كاتت لهم صلة ما بليبيا، في إصرارهم على إخفاء هذه العلاقة، وكأن ذكرها يعتبر عارا وشنارا.

الشاعر الفلسطيني معين بسيسو كان في ليبيا، ستينيات القرن العشرين، وألف كتابا عنوانه «عطر الأرض والناس في الشعر الليبي المعاصر» لم  يدرجه في ببليوغرافيا أعماله الكاملة!.

الصحفي الفلسطيني عبد الباري عطوان كان في ليبيا في الستينيات أيضا وبرز اسمه في صحيفة «الحقيقة» الليبية المتميزة. لست أدري إن يذكر هذا أم ينكره. لكن حين عملت، بمعنى ما، مراسلا ثقافيا نهاية التسعينيات لصحيفة «القدس العربي» التي يرأس تحريرهالا كانت عناوين مقالاتي تغير بحيث يتم الانتقاص فيها من الحركة الثقافية الوطنية الليبية. وهذا يدل، بالطبع على عداء مستحكم لليبيا مجهول السبب.

يروى أن المطربة التونسية سلاف، التي اشتهرت في ليبيا وتونس بأغنيتها «نعديك يا سيات ريدي الغالي» أنه عندما قدم لها شاعر الأغنية الليبية المدينية الحديثة في أحد الملتقيات (للأمانة كان ذلك بعد عقود من تأديتها هذه الأغنية) الشاعر أحمد الحريري مؤلف الأغنية التي أشهرتها، أنكرت معرفتها به!.

لا أجد هنا حرجا في ذكر الأسماء، فالحرج ينبغي أن يطال الذين ينكرون علاقتهم بليبيا ويعتبرونها وصمة عار!. فإذا ارتضوا لأنفسهم ارتكاب هذا العار فلا ينبغي لوم الذين يذكرونه. من هؤلاء الشاعر العراقي عذاب الركابي الذي عاش حوالي أربعين سنة في ليبيا، عندما أتيحت له فرصة الحديث في إحدى دورات معارض القاهرة للكتاب تحدث على أنه جاء من العراق مباشرة إلى القاهرة، ماحيا الفترة الميدة من إقامته في ليبيا، وأنه كان يحضر الملتقيات الثقافية الليبية كأي ليبي، أي معفيا من تكاليف الإقامة والإعاشة.

هذا يختلف عن بعض الأخوة الذين يحفظون قدر هذه المعاملة المضيافة الطيبة. عندما نشرت دراستي عن شعر الهايكو في موقع كيكا سنة 2009، كانت من الرسائل التي وصلتني، رسالة من دكتور عراقي كان يدرس في جامعة مصراتة. قال لي مستغربا، كيف لم أعرفك عندما كنت في ليبيا؟!. الواقع أنني كنت في السجن. وقال لي بأن كثيرا من العراقيين الذين اشتغلوا في ليبيا، عندما عادوا إلى العراق، افتتحوا، من مردود إقامتهم في ليبيا، محلات تجارية أسموها باسم المدن الليبية التي اشتغلوا بها، عرفانا بهذا الفضل عليهم.

الشاعر الفلسطيني علي الخليلي كان في ليبيا حتى نهاية سبعينيات القرن الماضي، وكان صديقنا، كان يرسل من ليبيا قصائده إلى مجلة «الآداب» المعروفة وكانت المجلة تُعرفه على أساس أنه شاعر ليبي. لم يكن يصحح لهم المعلومة. كان يقول أعتبر نفسي شاعرا ليبيا لأنني عشت في ليبيا وفيها تكونت شعريا.