Atwasat

سرقيوة.. والأخوات ميرابال

أبو القاسم قزيط الثلاثاء 08 أكتوبر 2019, 02:14 مساء
أبو القاسم قزيط

لكل أمة رموزها وأيقوناتها، والأخوات ميرابال تحولن إلى أيقونة وطنية في جمهورية الدومينيكان، وأصبح لهن متحف في مدينة «أوخو دي كوا» يخلد ذكرى الفراشات الثلاث.

الأخوات ميرابال هن ثلاث أخوات كن يعارضن ديكتاتور جمهورية الدومينيكان الرهيب، روفائيل تروخيليو «1930 -1961».

اليوم صور الأخوات الثلاث «منيريفا، باتريسيا، تيريزا» تزين ورقة العملة من فئة مئتي بيسوس «البيسوس عملة الدومينيكان».

تخليد الفراشات الثلاث تخطى أرخبيل الدومينيكان، بل أصبحن أيقونة كونية تتجاوز الأعراق والأديان والجغرافيا، فالأمم المتحدة صوتت لاعتبار اليوم الخامس والعشرين من شهر نوفمبر من كل عام، هو ذكرى تخلد الأخوات ميرابال وهو اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة الذي بلغ مداه في اغتيال الأخوات ميرابال في 25/ 11/ 1960.

لم تحمل الأخوات ميرابال السلاح، بل كن يواجهن الطغيان والديكتاتورية بالكلمة والحجة، لكن الديكتاتور تروخيليو ضاق ذرعاً بهن، وأوعز إلى زبانيته باغتيال الفراشات ميرابال، وهن يقدن سيارتهن الجيب في طريق العودة من زيارة أزواجهن المعتلقين في سجون تروخيليو.

رغم حالة الرضوخ العجيب في الدومينيكان، إلا أن الضمير الدومينيكاني احتمل أي شيء إلا استخدام العنف المفرط ضد السيدات، وتحول مقتل الأخوات ميرابال بطريقة مرعبة إلى مهماز يطلق شرارة مقاومة الطغيان، بعد أن كان تروخيليو يعول على أن العنف المفرط هو لجام لأي فعل متمرد كما كان دائماً في الدومينيكان وفي كل مكان.

عندما تتصدى النساء للديكتاتورية فهذا يعني أن «الديكتاتورية» بلغت مداها، وعندما تتجاسر الديكتاتورية على المرأة فهي متوحشة وسادية ولكنها بذات الوقت مرتعشة ومرعوبة.

الروائي البيروفي الحائز جائزة «نوبل» 2010 ماريو فارغاس يوسا، في روايته الشهيرة «حفلة التيس» اختار أن تكون قصة «الدومينيكان وتروخيليو» المثال القبيح للديكتاتورية، رغم أن الروائي المهموم بالسياسة والذي ترشح للانتخابات الرئاسية في بلده، البيرو، قادم من أميركا اللاتينية التي تعتبر منجماً حقيقياً للديكتاتوريات في ثمانينات القرن الماضي وما قبلها.

سهام سرقيوة اتفق معها البعض واختلف معها آخرون، لكن اجتمع الجميع على وصفها بالشجاعة، ومما لاشك فيه أنها دفعت ثمن هذه الفضيلة التي اعتبرت دائماً فضيلة مرتبطة بالرجال دون النساء.

مصائر النساء كثيراً ما ارتبطت بالرجال ونزواتهم، وعندما يكون الرجل ديكتاتوراً تكون النزوات منفلتة من عقالها.

استحقت الأخوات ميرابال التكريم الدومينيكاني، ثم التكريم الإنساني بأن أضحين رمزاً لضحايا العنف السياسي الموجه ضد المرأة، بل العنف في إطاره الأوسع.

كما أن هذا العنف قدح جذوة تحت الرماد، جذوة العزة والكرامة الدومينيكانية التي أسقطت الديكتاتور بعد أقل من عام على واقعة الأخوات ميرابال.

فهل ستعمل القوى النسائية الليبية على إطلاق يوم 17 يوليو يوم تغييب سرقيوة كيوم وطني ضد العنف الموجه ضد المرأة في ليبيا.

وهل هناك جذوة تحت الرماد تقدحها واقعة تغييب سرقيوة، وينتصر لها وتنصف كما فعل الدومينيكان، أم أن الظاهرة الدومينيكانية تبقى عصية التكرار حتى لدى أحفاد «وامعتصماه»؟!

* عضو مجلس الدولة