وسط صخب «السوشيال ميديا» المدوي ومعاركها التي لا تنتهي، لفت انتباهي مؤخراً، طبيب شاب نجح في التسلل بهدوء إلى قلوب وعقول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر والعالم العربي، عبر فيديوهات طبية واجتماعية وسياحية وإنسانية تتميز بالرشاقة والمتعة وسرعة الإيقاع.

وفي وقت وجيز استطاع الطبيب المصري الشاب كريم علي المقيم في إيطاليا لفت الأنظار، بعد أن حصدت نصائحه المصورة ملايين المشاهدات، وتحول إلى ظاهرة لافتة في عالم «السوشيال ميديا»، هذا الطبيب الشاب، واجه صعوبات عديدة مثل باقي أبناء الأسر المصرية المتوسطة، وتفاقمت معاناته مع اكتشاف إصابته بمرض السكر في فترة مبكرة من طفولته، قبل أن يتجاوزها ويتخرج في طب الأزهر، إلى هنا وكان يمكن للحياة أن تمضي بهذا الطبيب بشكل تقليدي، لكنه عاود رحلة تحدي الواقع مرة أخرى من قلب أوروبا ليحصل على درجة الدكتوراه في الطب الغذائي، كما أتقن الإيطالية والألمانية والإنجليزية.

لا يمر يوم دون أن تصلني -كما غيري- من رواد مواقع التواصل رسائله المصورة التي تغطي جوانب طبية وغذائية لا غنى عنها، بداية من أفضل الطرق لتجنب السقوط في بئر إدمان زيارة الأطباء وتعاطي الأدوية الكيماوية، إلى الدعوة لتناول الأطعمة الصحية واتباع نظم غذائية سليمة، وصولاً إلى نصائح الشابات والشباب المقبل على الزواج وتكوين أسرة جديدة.

لا يبخل الدكتور الطبيب الشاب على متابعيه بالنصائح المخلصة التي يوجهها مباشرة للمرضى الذين يعانون من تلاعب واستغلال بعض الأطباء، خاصة مرضى القلب والسكر والضغط والفشل الكلوي وغيرها من الأمراض الخطيرة المنتشرة بين كثير من المصريين، حيث تستهدف نصائحه هذه القطاعات الضعيفة من المجتمع وتقدم لها وصفات غذائية ودوائية سهلة وسريعة وغير مكلفة، إلى جانب دعوة بعض المرضى لتجنب نوعيات معينة من المأكولات والأطعمة التي تفاقم من أزماتهم الصحية.

أما الجديد واللافت فعلاً هو اختياره الذكي مواقع تصوير رسائله، فمثلاً يكون أمام برج إيفيل في باريس ويتحدث عن أهمية الرشاقة وممارسة الرياضة وتأثيرها الفعَّال لتجنب العديد من الأمراض، كما يختار ساحل الريفيرا الساحر عند الحديث عن تأثير البيئة على الجوانب النفسية وزيادة الإنتاج للإنسان، ثم أخيراً يصور من ألمانيا نصائح لشباب الثانوية العامة لدعم اختياراتهم لمستقبلهم التعليمي والعلمي.

وتحت عنوان «سحر الخطوات الصغيرة»، قدم للشباب خلاصة خبراته في العلم والتعليم في أوروبا، تناول خلالها، أهمية أن يبني كل شاب مستقبله على طريقة لعبة البازل خطوة تتلوها خطوة مكملة لسابقتها، إلى أن يصل إلى هدفه في نهاية المطاف، ولم ينس أن يذكّر الشباب بأهمية أن يكون لديهم حلم وهدف أساسي تجاه المستقبل ليعملوا من أجل تحقيقه.

«فكر تاني».. هو العنوان الذي اختاره الدكتور كريم لقناته على يوتيوب التي يحرص على تصويرها «سيلفي» بتليفونه المحمول، ففي الوقت الذي نجد فيه الملايين من مستخدمي التكنولوجيا في بلادنا العربية يضيعون وقتهم ووقتنا في فيديوهات لا قيمة لها، ضررها أكثر من نفعها، نجد هذا الطبيب الشاب يخترق أجهزتنا الذكية بنصائحه المفيدة ورؤيته المعتدلة وروحه الصادقة.

أتوقع أن يتضاعف عدد متابعي هذا الطبيب يوماً بعد يوم، إذا استمر في تقديم وصفاته الساحرة التي تجمع بين علمه الأكاديمي وخبراته الحياتية، لينتشل بها ملايين الناس من خطر العادات الغذائية الضارة وسماسرة الطب الجدد، خاصة بعد أن أعلن على حسابه في فيسبوك استعداده لتقديم نصائحه المجانية «أون لاين» لعامة الناس من كل مكان، فهل تنجح رسائله الافتراضية تخفيف معاناة آلاف المرضى غير القادرين على أرض الواقع؟