Atwasat

سؤال وجودى!؟

صالح الحاراتي الثلاثاء 11 يونيو 2019, 12:53 مساء
صالح الحاراتي

كان للسؤال الوجودى الذى ألقيته على نفسي يوم ان كنت "قريبا من تندوف" اهتمام كبير من صديق عزيز مما دفعنى لتحفيز ذاكرتي لأتذكر يومها ما الذي دار في عقلي وماذا حدثت نفسى محاولا الإجابة عن السؤال الكبير "ما الذي أتى بك إلى هذه القفار والصحراء؟"

هل يساورك الخوف من الموت؛ فأتذكر أن إجابتي كانت بنعم، فترد بأن ذلك أمر طبيعي، ولكن لا تترك ذلك الشعور يتمكن منك، لأن خشية الموت تجعلك لا تمارس الحياة بشكلها الحقيقى، وربما تفقد حتى الاهتمام بالآخرين أو تكوين آمال حول المستقبل؛ وأظنك تحتاج إلى أن تنظر للأمر من زاوية مقابلة، لكي لا تبالي بحقيقة الموت من خلال الاقتناع بأنه لا يوجد ما يستحق ذلك التفكير وبأنه "حين لا بدَّ لشيء ما أن يحدث فليحدث"!.. 

هدأت قليلا وأنا أذكرها بقول ابن سينا: "ليس المهم أن نعيش حياة طويلة، بل أن نعيش حياة عريضة".
واستمرت محاولاتي للإجابة عن سؤال
"ما الذي أتى بك لهذه القفار والصحراء"

مستحضرا كافة دفاعاتي النفسية..
يا بني، إذا استفحل شعور الخوف من الموت بداخلنا، فإننا سنخاف الانخراط في مشاريع الحياة المتعددة ومواقفها أيضاً.

تذكر قول "كوستنباوم" في كتابه المُعَنْوَن: "هل هناك جواب عن الموت" حيث تأكيده على فكرة أن وعينا بالموت يمكِّننا من أن نخطط لحياة غنية؛ وان ذلك يجعلنا نرى حياتنا رؤية كلِّية، كما يدفعنا إلى البحث عن الأجوبة الحقيقية والنهائية. إنه يرتبط بقدرتنا على تشكيل الهوية الشخصية المميِّزة لكلٍّ منا: "فمن خلال قبول حقيقة موتنا الشخصي نتمكن من تحديد نمط الحياة التي نريد".

كنت دائما أتوق للعيش حرا. فأنا فقدت الزجر الأبوي مبكرا ولم يعد ينازعني شيء في حريتي إلا ضميري الذي أحسنت والدتي تشكيله بالحب والتواضع والتسامح والتوق الدائم للعيش بكرامة.

كنت أذكر نفسي وأقول، إن معنى حياتنا يتوقف على واقع أننا كائنات فانية، وحياتنا مهما طالت قصيرة، وكان أخي "محمد" النموذج الذي كان دائما ما تستحضره الذاكرة في هكذا مواقف.

وكنت على يقين بأنه علينا أن يكون لنا الاختيار بحيث نبتكر الحياة التي نريد؛ وبأنه باستطاعتنا أن نتخذ قرارات واعية في حياتنا أو أن ندعها تمر كما هي وندع الأحداث تحرِّكنا وتتلاعب بنا.

لعل كل ما سبق وغيره جزء من مناجاة نفسي وهي تسألني ذلك السؤال الوجودي ما الذي أتى بك إلى هذه القفاروالصحراء.

مناجاة كانت تحمل الإجابة المقنعة لي، وهي كافية ومقنعة في تلك اللحظة.. ولكن بتقادم الزمن والأيام لم يغب ذلك السؤال عن عقلي كلما واجهت موقفا يستدعي شيئا من المخاطرة والإقدام، بل صرت أكثر حرصا وهيابا لخوض التجارب وممارسة ما أنا مقتنع ومؤمن به، ولا أجد حيلة أمام ذلك التراجع، إلا أن أعزي نفسي بالعودة لما هو من المأثورات..

"ليت الشباب يعود يوما" .