Atwasat

قمة التدخل الأجنبي!

أحمد الفيتوري الثلاثاء 02 أبريل 2019, 01:56 مساء
أحمد الفيتوري

1-
ما بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، بات من لزوم ما يلزم الإقرار بموت (الإمبريالية)، ما بعد الربيع العربي الحديث عن الدور الخارجي يعني الوقوع تحت طائلة (نظرية المؤامرة)، وكأنه من الضرورة أن نتبع ما بعد الحداثة التي أعلنت موت المؤلف، وغير ذلك خروج عن النص المرقوم في الزبور المحفوظ.

العامل الخارجي عند مناطقة (نهاية التاريخ) إعادة إنتاج لميت غير مأسوف عليه، رغم أن هؤلاء المناطقة من ناحية أخري يروجون لـ (صراع الحضارات)!، وكل هذا جاء باقتضاب وفي صيغة بسيطة حد البلاهة، تكشف إلى أي حد يتوهم الواهمون التدخل الخارجي، المتمثل خاصة في الدور الإمبريالي في عالم القطب الأحادي ما بمكنته قطع الكهرباء! فقطع الأرزاق، في عصر الإرهاب القائم بقطع الأعناق.

وقد سلطت على الخارج عن النص (نظرية المؤامرة)، ما تعني الكفر بدين العقل، وخروج عن ناموس العلم والعياذ بالله.

وعليه فمنطقة الشرق الأوسط تغوص في عبثها، لأن الكثير من ساكنيها من العرب العاربة ومن ليس منهم من ملتهم الدينية الإسلامية، حتى وجدنا في هذا الخضم إعادة إنتاج النظرية العرقية الإمبريالية التي تقسم البشر إلى جين التخلف وجين التقدم منذ بدء الخليقة، ومنه كان التقسيم النازي الذي يفرق بين دولة دينية يهودية قوميتها أوربية وأخرى سامية معادية للسامية!، ومن هذا الاختزال اختزل ترامب في تغريده المسألة: القدس عاصمة دولة التوراة الأزلية، والجولان حق مكتسب بالقوة.

وفي هذا وما قبله وما بعده التطرق للدور الإمبريالي في المنطقة الوقوع تحت طائلة نظرية المؤامرة، فما بالك لو رددت ما ردد ترامب -المتهم بالعمالة لروسيا- من اتهامات لغريمته بأن (داعش صناعة كلينتون) وإدارة أوباما ...وهلم جرا...  

2-
مؤتمر القمة العربية الذي عقد بتونس الأحد 31 مارس 2019م خرج عن السياق، سياق مؤتمرات القمة العربية المعتادة، ما جعله تحت طائلة نظرية المؤامرة، فمن رأس ذا المؤتمر الرئيس التونسي قائد السبسي جاء شجب للتدخل الخارجي في شئون دول الجامعة العربية، وبأن هذا العامل الخارجي ما فاقم أوضاع المنطقة ودهور حالها وساهم في ازدهار الخراب والإرهاب.

وتجرأ آخرون على ذلك فوكدوه وبينوا مسألة التدخل الأجنبي في دول عربية كليبيا، وأن التدخل الأجنبي حتى الساعة عامل حاسم في عدم القدرة على الاتجاه لحلّ المسألة الليبية، وهذا تم للمرة الأولى منذ زمن بعيد، فمسألة التدخل الأجنبي في شئون دول الجامعة تم إسقاطها مع إسقاط مرحلة (نار نار يا استعمار) العروبية الناصرية، التي كانت تلغي دور الداخلي بأن تجعل للتدخل الأجنبي الدور الرئيس، فأمريكا في ذلك (الزمان الجميل!) كما الله تُحيي وتميت، حتى أن الرئيس المؤمن محمد أنور السادات أقر بأن 99% في يد أمريكا، باستثناء نجاحه في الانتخابات بـ 99% من الأصوات فهذا في يد الشعب المصري!.

قمة تونس دخلت مغامرة تسمية الأشياء بأسمائها، فالطائرات التي تطير في سماء عربية وتدك أرضا عربية ليست طائرات مجهولة، وداعش أم المعارك الإرهابية لا تزودها بالمال والعتاد الصحون الطائرة، ولقد جعل ذلكم قمة تونس كما قمة التدخل الأجنبي، التدخل الأجنبي الذي يساهم في تزويد الإرهاب بالوقود، ومن هذا يحمي وطيس الحروب الأهلية، وينحاز لطرف يحقق له أهداف تدخله ونفوذه.

لقد زرعت داعش، فحصدت إسرائيل، الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي لم تمسها رديفها دولة الخلافة الإسلامية، ذا الزرع وذا الحصاد ما حتّـم على قمة تونس الخروج عن السكة، فالحقيقة الدامغة جاءت في تغريده: أن داعش العامل الداخلي استدعى التدخل الأجنبي فحصدت إسرائيل ما لم تزرع.

أما دول الجامعة العربية فتدهور أحوالها مبرر للتدخل الأجنبي، لا للمساهمة في الخروج من الحروب الأهلية بل لصب الزيت على النار، فالعراك اللاتيني اللاتيني أي الفرنسي الإيطالي على ليبيا يصرخ ها أنذا فامسكوني، وكذا الأوربي الأمريكي حول العراق وإيران، والأمريكي الروسي في سوريا ما استخدم جميع أنواع الأسلحة المستحدثة خاصة المطورة والمستخدمة إليكترونيا. 

قمة تونس إن رفعت إصبعها مشيرة للملك العاري فليست بحاجة لإصبع أي طفل فعريها تحصيل حاصل، لكن أصبع هذه القمة يوكد ما هو موكد، أن التدخل الخارجي حاليا في المنطقة قد حولها إلى: ساحة صراع أجنبي، ساحة حرب بالوكالة، ساحة تجريب لتطوير السلاح خاصة الإكتروني منه، هذه هي صفقة القرن وإسرائيل شاهد ملك.