Atwasat

الحل السياسي بليبيا يصل إلى عنق الزجاجة

ناجي جمعة بركات الإثنين 03 ديسمبر 2018, 12:05 مساء
ناجي جمعة بركات

قبل أيام تذكرت مرت الذكري 34 على خروجي من ليبيا وفي 28/ 11/ 1985م، رحلت عن ليبيا هاربا من بطش القذافي وزمرته وشققت طريقي ووصلت إلى أعلي المراتب بتوفيق من الله ودعاء الوالدين وإصراري على تحقيق كل ما أطمح فيه وحققته والحمدوا لله. ولكني أخفقت في شيء واحد وهو أن أرى وطني يوما مثل باقي الأمم المتقدمة. جاءت ثورة فبراير وساهمت فيها بكل ما أستطيع من وقت وجهد ومال وخبرة ونجحت ولكن أخفق الليبيون في التوصل إلى حل سياسي يخرج ليبيا من الجهل المتعمد والعبودية وحكم شخص واحد وأسرته وزمرته لهم. نسي الليبيون 42 سنة من الظلم والقهر والتأخر في كل شيء وتكونت مليشيات ودويلات داخل ليبيا وجماعات ومدن مسلحة وقبائل تتحكم في منطقة تعتبر نصف ليبيا. طرابلس أسيرة المليشيات وهم يعملون ما يريدون تحت مسمع ومرأى حكومة نصبتها الأمم المتحدة قبل ثلاث سنوات. حكومة وفاق عاجزة حتى عن حماية نفسها ورئيسها لا يملك أي قوة أو له شخصية قيادية يمكن أن يلتف حوله التيار الوطني أو الشعب الليبي. قابع في طرابلس فقط ولا يعرف أن ليبيا بها طبرق والبيضاء والكفرة وبنغازي وسرت وسبها وغريان والزاوية ونالوت وغدامس وووو. كل هذه الإخفاقات تذكرني بأمنياتي عندما خرجت من ليبيا وتحقق كل شيء إلا وطن ينعم بالحرية والرفاهية والأمن والتقدم نرجع له.

تحدثت في يوم 28/ 11/ 2018 م إلى طلبة إحدى الجامعات ببريطانيا عن مسيرتي هذه ولم أستطيع أن أقول لهم إن وطني يعتبر في أسفل القائمة في كل شيء.. المواطن مكبل والوطن منهوب وثرواته يسرقها الجميع والقتل فيه بربع قرش والدول تتهم بعضها البعض لكي تستولي على أكبر قدر من هذه الدولة وبمساعدة أعوانهم الليبيين سواء أفرادأ أو مدنا أو جماعات. تنهدت وأخدت نفسا طويلا عندما سألني أحدهم عن مستقبل ليبيا. حاولت أن أقول أن ليبيا قادمة بعون الله لأنها ليبيا وتاريخها معروف ودائما هناك عثرات لكل ثورة ولكل حصان كبوة. لم أستطع أن أقول الكثير ولكن رسمت صورة لي ولهم بالمتفائل بأن ليبيا قادمة بعون الله.

رجعت إلى نفسي بعد هذا وتذكرت هذا السؤال من هذا الطالب وعن الحل السياسي بليبيا والذي وصل إلى عنق الزجاجة وتزاحمت الأفكار والدول والجماعات والمدن والقبائل على الخروج به من هذه الزجاجة ولكنهم لم ولن يستطيعوا. الأمم المتحدة جعلت عنق الزجاجة مدهونا بالزيت لكي يخرج هذا الحل وينفذ ولكن دون جدوى حيث جميعهم لديهم مضاد ضد الزيت. جاء مؤتمر باليرمو وجعل عنق الزجاجة كبيرا ودعي له أكثر من 200 شخصية ليبية يدعون أنهم لديهم الحل والربط بليبيا ولكنهم لم يستطيعوا الخروج من الزجاجة اللعينة وأحسن مكان لهم بها. رجع الجميع إلى ليبيا وهم جميعهم داخل هذه الزجاجة وتشبثوا بما قاله السيد غسان وإضافة لكي يكون هناك حل سياسي وهو المؤتمر الوطني.
بعد هذا تنفس أعضاء البرلمان الصعداء وعلى رأسهم عقيلة صالح وقاموا بإصدار قرار بزيادة رواتبهم بعد ما عدلوا المادة السادسة باتفاق الصخيرات والذي جلب السراج وحكومته. لا أحد يعرف ما هي فحوى زيادة الرواتب وهم لم يقدموا أي شيء لليبيا وشعبها ولكن امتيازاتهم تزيد كل يوم. كذلك السيد السراج يقوم بإصدار قرارات يمينا وشمالا ويرضي أصدقائه وزمرته في طرابلس ناسيا أن ليبيا وليست طرابلس وزمرته هي وهم ليبيا وشعبها. يذكرني هذا بما فعله القذافي وآخرون الآن.
ما هو الحل السياسي في نظري؟؟
1- أن يتفق على انتخابات تكون قبل منتصف سنة 2019م وتشارك بها الأحزاب والجماعات لانتخاب برلمان ورئيس دولة حتى يتم التخلص من جميع هؤلاء المسببين لمشاكل ليبيا السياسية.
2- أن تجرى انتخابات قبلها للاتفاق على الدستور وإذا لم يتم الاتفاق يعمل بالدستور المنبثق عن المجلس الانتقالي بعد إضافة وتعديل بعض المواد.
3- يعين رئيس الدولة رئيسا للوزراء وتوزع الحقائب الوزارية بعيدا عن المحاصصة التي أنهكت ليبيا.
4- يتم انتخاب عمداء البلديات بعد هذا وتكون لديهم الصلاحيات الكاملة وبشفافية.
5- يجب وضع خارطة طريق لجمع السلاح وحل المليشيات تتزامن مع موعد الانتخابات.
6- تشرف الأمم المتحدة على الانتخابات ويتعهد الجميع بمخرجاتها ويعاقب كل من لا يلتزم.
7- تفعيل المصالحة الوطنية حيث تكون مفعلة مباشرة بعد استلام الحكومة والبرلمان الجديد لمهامهم.
8- أهم شيء وبعد نجاح كل الانتخابات وأول قرار يصدره البرلمان الجديد هو إلغاء جميع الأجسام السابقة وسحب جميع امتيازاتهم ورجوعهم إلى سابق أعمالهم ورواتبهم وعفى الله عما سلف.
9- التعاون مع محكمة الجنايات الدولية لجلب مجرمي الحرب المطلوبين دوليا وإضافة أسماء كل من يعرقل هذا الحل السياسي.
10- على جميع الدول التي تعتبر شريكا لليبيين في إيجاد حل سياسي أن تدعم حلا سياسيا واحدا وتبتعد عن دعم المليشيات والأفراد والمدن والجماعات والتي لا تقبل أي حل سياسي واحترام ليبيا وشعبها واختياراتهم.

هذه الأيام تعيش ليبيا حالة كبيرة من الفوضى وخاصة في طرابلس حيث الجميع يرى أن مكاسبهم الاجتماعية والاقتصادية وتمكنهم من مفاصل الدولة تحت قوة السلاح ربما بدأت في التلاشي أو خطر عليهم خاصة بعد أحداث أغسطس 2018 في طرابلس. كذلك حالة الغليان بالشارع ضد هؤلاء. كل هذا جعل من مليشيات طرابلس خائفة على مراكزها محاولة كسب تأييد الشارع. كذلك تخاذل حكومة الوفاق وهروبها وجبنها أمام هذه المليشيات واضح ولا تستطيع التصدي لها ونسيت بأن لديها سلاحا قويا وهو الشعب. لو أنها تصارح الشعب وتطلب العون، لن تجد هذه المليشيات مكانا لها بطرابلس. هذه الحكومة تفكر مثل تفكير القرود التي تصعد أعلى الأشجار عندما يكون خطر وتقذف أشياء بعضها إيهام للمعتدي بأنها هدايا وبعضها دفاع عن النفس.. السراج وحكومته قاموا بقذف الليبيين بمشروع الإصلاح الاقتصادي لكي ينس الليبيون انبطاحهم للمليشيات وتمحور هذا الحل الاقتصادي في طرابلس دون غيرها. بدليل أن توزيع السيولة والعشرة آلاف دولار والاعتمادات كلها تخرج من طرابلس وإذا لم تكن بطرابلسيا فاعلم أنك لن تتحصل على شيء وربما سيصلك متأخرا.
هذا كله لا يهمنا ونحن نعرف أن حكومتي السراج والثني مثل بعضهما من حيث الانبطاح ومن حيث التنفيذ وكلاهما لا تسطيعان كبح جماح المليشيات في الغرب ولا حفتر في الشرق. ما يهمنا هو إيجاد حل سياسي ينقذ ليبيا من هؤلاء وتتخلص ليبيا من هذه الزمرة التي أصبحت تنهش عظام ليبيا الهشة وتحت مسمع ومرأى الأمم المتحدة والعالم اللذين لا يعيران اهتماما كبيرا طالما المصالح تنفذ ولن تصلهم مشاكل ليبيا ولن تضر شعوبهم. لهذا الانتخابات هي الحل الوحيد لتخليص ليبيا من هؤلاء وكذلك خروجها من عنق الزجاجة. لهذا كما قلت لطلبة إحدى الجامعات ببريطانيا يوم 28/ 11/ 2018م بأن ليبيا قادمة بعون الله وستخرج من عنق الزجاجة ويبقى من يعرقلون ويدعون بأن بأيدهم الحل والربط ونهبوا ليبيا وشعبها وأرهبوه داخل هذه الزجاجة.