Atwasat

ليبيا شاطئ باليرمو الرابع!

أحمد الفيتوري الأربعاء 31 أكتوبر 2018, 01:49 مساء
أحمد الفيتوري

1-
باليرمو عاصمة صقلية التي هي عاصمة الجنوب الإيطالي تبدو مهددة بانفصال الشمال عنها حسب دعوة حزب مشارك حاليا في حكم إيطاليا، باليرمو هذه المجهولة المستقبل جعلتها إيطاليا اليمين كقاعدة استثنائية للبحث في مستقبل طرابلس الغرب!، وهذا البحث كما حدد مكانه العجائبي حدد زمانه يومي 12 و13 نوفمبر 2018م!، ورغم أن هناك زخما إيطاليا يتحدث عن عدم جدوى هذا اللقاء، فإن هناك أخبارا تصدر أيضا عن إيطاليا تتحدث عن زخم المشاركة الدولية في المؤتمر حول المسألة الليبية.

وهذا التضارب الإيطالي يعبر عن أزمات إيطالية متفاقمة، تذكر بمثلها مع مدخل القرن الماضي حين صدرت إيطاليا أزماتها بالادعاء أن طرابلس الغرب الشاطئ الرابع لروما المبرر للحرب والاحتلال، وكانت أوروبا جملة تعاني نفس الأزمات مفتتح الحرب الكبرى الأولى، هكذا اليمين المتطرف الإيطالي منذ موسوليني يصدر أزماته إلى الخارج.

لكن طرابلس الغرب رغم هذا وذاك فهي حقيقة جغرافية تقع كما تونس قبالة إيطاليا، إنها الجار الجنوبي على البحر المتوسط مما يجعل المسألة الليبية مسألة إيطالية داخلية، خاصة في هذا العصر الرقمي الذي يهدم الحدود ومع عودة الهجرة البشرية وقد بات المتوسط جسرا.

عليه فإن لقاء كهذا عملت إيطاليا لأجله منذ اندلاع الحرب الليبية الليبية غبّ ثورة 17 فبراير 2011م، لكن لم تتوفر المعطيات لأجل ذلكم، حين توفرت كان اليمين المتطرف القوى الفاعلة التي بنيويا تصدر أزماتها إلى الخارج.

الجريدة الإيطالية البارزة «كوريري ديلا سيرا» أكدت أن مؤتمر باليرمو وضع ثلاثة محاور على جدول الأعمال وهي: مناقشة خطة جديدة لبسط الاستقرار والأمن في ليبيا وإجراء انتخابات العام المقبل، وهذه خطة سيتم تقديمها يوم 18 نوفمبر أمام الأمم المتحدة، والمحور الثاني يشمل سبل احتواء الأزمة الأمنية في العاصمة طرابلس، فيما يناقش المحور الثالث كيفية إنعاش الاقتصاد الليبي والدفع به.

تبين هذه النقاط الثلاث التي ذكرتها الجريدة كمحاور للمؤتمر أن لا جديد، فالنقاط عامة من جهة ومن أخرى استعادة لما جاء في خارطة طريق الأمم المتحدة، وأقل تفاصيل مما جاء في مؤتمر باريس الأخير المشابه والذي أقيم من أجل حلّ المشكل الليبي فلم يزد كما خارطة الأمم المتحدة على أنه وكدّ اللا حل.

2-
السؤال البدهي ما الفارق بين هذه المؤتمرات، إذا كان آخرها عقد في باريس هذا العام بحشد مميز ودولة عظمى ما عقدته، والنتيجة أن إيطاليا المساهم الرئيس في إفشال باريس الذي كيف له تجاوز هذا الفشل، أي كيف يمكن لباليرمو أن يجسر فشل باريس لنجاحه، وباليرمو تدرك أن التنافس اللاتيني التاريخي والراهن في ليبيا هو جزء من تنافس إيطالي فرنسي شامل.

لنقل أن إيطاليا اليمنية المتطرفة بحاجة ملحة للنجاح في المسألة الليبية فهي البيدق الوحيد المتوفر لديها في رقعة الشطرنج الدولية، وقبل المحلية ما يراهن على استقرار ليبيا لجني أرباح اقتصادية ونفوذ خارجي يوفر أرضية قوية خاصة لماتيو سالفيني الزعيم الشعبوي الطموح لليمين الإيطالي. لكن الرغبات والطموحات لا تمهد الطرق الصعبة فإذا على ما يعتمد أمثال سالفيني في باليرمو، خاصة والحليف الليبي وإن لم يراهن قائده فائز السراج على الفشل فإنه راهن على عدم النجاح.

عدم النجاح هذا لا يقلق كل الأطراف باستثناء الطرف المغيب أبدا وهو المواطن الليبي، عدم النجاح متفق عليه بلغة المبعوث الأممي بأن الحل اللا حل، فالأطراف الإقليمية وبالذات دول الجوار لم تعد تقلقها المسألة الليبية بعد دحر الإرهاب أو كما ترى، والآن هذه القوى تباينت مواقفها حتى مع حليفها الليبي، أما الأطراف الدولية فغير الدولتين المتنافستين إيطاليا وفرنسا ليس هناك دول لها موقف محدد وواضح ونهائي فأمريكا كما روسيا، بل إن بريطانيا في خلفية المشهد ترغب في اللا حل علها تتمكن في هذا الحال من سرقة المال الليبي المجمد بقرار دولي.

المستجد الحماس الألماني للمشاركة في باليرمو حسب المزاعم الإيطالية، فإذا كان كذلك فعله يعني أن ألمانيا تريد أن تحصل على الحجر المهمل باعتباره حجر الأساس كما يقول المثل اليوناني. لسان حال الليبيين المواطنين أن تجيء متأخرا خير من أن لا تجيء، لأن هذا الطرف الوحيد الذي يدفع فعلا فاتورة الحل اللا حل بعد أن سكتت المدافع، وبات لا أحد يتابع المسلسل الليبي ما قاطعته المحطات الصديقة كمصر وغير الصديقة كالبي بي سي والجزيرة التي وجدت المفيد ما يلهيها عن ليبيا وشعابها.

لا أحد يرغب صادقا في نجاح باليرمو غير الليبي من ليس في حسبان أحد حتى من أهله، الليبي الذي يحتفل هذه الأيام بمرور قرن على نفي أبنائه إلى باليرمو بتهمة المقاومة للمحتل، واحتفل في 7 أكتوبر بذكرى الاحتلال الإيطالي لبلاده، وفي 16 سبتمبر ذكرى إعدام شيخ الشهداء عمر المختار، المواطن الليبي هذا وأنا معه يأمل بنجاح باليرمو أن يفتك من قفص الحل اللا حل وحارسه غسان سلامة ومن معه.