Atwasat

خواطر اليوم 7 سبتمبر 2018 (اتفاق هش وأمم متحدة تندد... والصراع مستمر)

ناجي جمعة بركات الثلاثاء 11 سبتمبر 2018, 12:29 مساء
ناجي جمعة بركات

تنبأ الجميع بما سيحدث بطرابلس وأغلبية من تقابلوا مع السيد غسان سلامة أو في أي اجتماعات تخص موضوع ليبيا وحتى رجل الشارع كانوا جميعا متفقين بأن مسرح القتال سيكون في طرابلس في المرة القادمة. لكن جميع من يستمعون كانوا ينظرون للمشهد بعين واحدة والعين الأخرى تساند وتطمئن الفاعلين والمسلحين والمجرمين والمدن المارقة خوفا منهم في بعض الأحيان ومرة أخرى لترضيتهم باستعمال الجزرة نصف الكاملة.. ما يقوم به السيد غسان سلامة وبعض الدول بليبيا من حلول هو مثل نصف الزجاجة الفارغة. هذا هو حال الأمم المتحدة ولا نلومها في هذا حيث مازالت لا تعرف ليبيا والليبيين حيث يتلقون النصائح من الناس الخطأ وأغلبيتهم محللون أجانب وليبيون ربما لديهم أطماع شخصية وآخرون تساندهم دول.

ما حدث في طرابلس من يوم 26 أغسطس 2018 كان مخططا له وكانت بدايته باستعراض ترهونة لقوات كبيرة ومدربة وكانت رسالة واضحة بأننا قادمون. ولكن قادة ليبيا العسكريين ومن هم حول السراج لم يستنتجوا شيئا من هذا وكانوا مشغولين بلقاءات غسان سلامة وليلمز ومنصبها الجديد. كذلك الدول التي تدعي أنها حريصة على ليبيا تعرف هذا وتريد شيئا ما يحدث للقضاء على المليشيات، فإن نجحوا تهلل لهم وإن سقطوا تندد بهم. وهذا واضح من بياناتهم الهزيلة وطريقة تعاملهم مع الأحداث عند هجوم اللواء السابع على طرابلس. كذلك اجتماع ترهونة ومصراته والزنتان قبل شهور وبيانهم الذي يبين أن الطريق الوحيدة للقضاء على المليشيات هو جرهم ومحاربتهم خارج طرابلس.. من يتابع الأحداث بليبيا سيعرف أنها قادمة وكانوا يريدونها جميعهم بمن فيهم السراج وحكومته حيث يعيشون إذلالا ما بعده إذلال من تسلط المليشيات عليهم وإرغامهم على دفع أجورهم وأخد الاعتمادات والمناصب لهم ولمن يؤيدهم.

تتأسف عندما تشاهد شبابا كلهم تحت 30 سنة من العمر وهم يحملون بنادقهم ومدافعهم وسياراتهم ويحاربون بعضهم البعض لأغراض شخصية

تتأسف عندما تشاهد شبابا كلهم تحت 30 سنة من العمر وهم يحملون بنادقهم ومدافعهم وسياراتهم ويحاربون بعضهم البعض لأغراض شخصية يريدها قائدهم أو منطقتهم أو زعيمهم وأحيانا قبيلتهم. هذه الحرب الخاسر فيها أولا الليبيون وليبيا حيث الدمار والقتل والإهانة والتهجير سينال الليبيين أم السيد سلامة وغيره من قادة المليشيات وحكومة اللَّا وفاق لن يطالهم شيء من هذا. الكل ضاق بالمليشيات بمن فيهم السراج والأمم المتحدة ولكن لا يستطيعون فعل شيء وخائفون منهم ويقدمون لهم الجزرة وراء الجزرة مما جعل هذه المليشيات تستبد وتستمر في إهانة الناس وقهرهم وأكل قوتهم سواء من اعتمادات وعقود وأموال وحتي مخصصات البلديات لم تسلم منهم.

الاتفاق الذي تم توقيعه بالزاوية قبل عدة أيام بين هذه المليشيات المتناحرة وبحضور غسان سلامة ووليامز، هو اتفاق هش طالما لا تنفذ بنوده بسرعة. كان الصراع داخل طرابلس بين ثلاث مليشيات (الردع وثوار طرابلس والنواصي)، بهذا الاتفاق زاد العدد الى أكثر من 7 بعد اتفاق الزاوية. إذا تم قتل 70 مواطنا من بينهم أطفال ونساء وشيوخ في هذه الحرب فإن هذا العدد سيصل إلى الآلاف. إذا لم يطبق هذا الاتفاق فهو هش ولن يعيروهم اهتماما إذا لم يتحصلوا على ما يريدونه.

ذهب السيد غسان سلامة للأمم المتحدة وألقى خطابا شرح فيه الواقع على الأرض وبدقة هذه المرة حيث هذا الواقع يحدث مند 2014 وقيل له هذا كثيرا ولكنه كان يسير مثل البطة العرجاء تجاه حل سلمي كما يقول ويستعمل جزرته اليابسة تجاه الليبيين وجزرته الخضراء تجاه المليشيات. كلامه بأن لا يكون حل عسكري، جيد. ولكن ما هو الحل. أرسل رسالة للجميع ومن هم يتصدرون المشهد السياسي كالاتي:
1- البرلمان وأعضاؤه فشلوا ويكفيهم ما أخدوه من الأموال وعليهم العمل من أجل ليبيا أو يغربوا، وشدد على الانتخابات.
2- السراج وحكومته لم يقدموا شيئا وفاشلون، ولكن سندعمهم لأنهم يطبقون ما نقوله لهم وآخرها أن السراج عين نفسه وزيرا للدفاع.
3- حفتر وجيشه لا يجب أن يدخلوا طرابلس حيث الحل العسكري غير ممكن ولن يسمحوا به.
4- المليشيات تعيث فسادا في ليبيا وعليهم التوقف والبحث عن طريق آخر. ولكنه لم يعطهم خارطة واضحة لهذا الطريق.
5- الليبيون عليهم الصبر حيث جزرة الأمم المتحدة بدأت في اليبس وسوف يبحثون عن جزرة جديدة لإعطائها لليبيين.

كلام به من اليأس ما يفوق كمية المياه حول العالم وبه من النفاق ما يفوق عدد حبات الرمال

كلام به من اليأس ما يفوق كمية المياه حول العالم وبه من النفاق ما يفوق عدد حبات الرمال بصحراء ليبيا وكلام به من الغموض والخبث السياسي ما يفوق عدد شعرات عقيلة صالح وغسان سلامة. ألا يكفي أيها المجتمع الدولي من إشارات لكم تقول بأن الوضع مأساوي بليبيا وينذر بقتل جماعي لا حدود له وجوع منقطع النظير وتهجير يشبه تهجير الفلسطينيين من ديارهم وإحلال إسرائيل بدلهم. ألا يكفي إهدار الأموال والأرواح من شباب في عمر الزهور.

هناك عدة حلول ولكنَّ الأول والثاني منها يجب العمل بهما وبأسرع وقت:
1- نزع السلاح وفك المليشيات وبأسرع وقت لتجنب حرب ثالثه في طرابلس وستكون مدمرة لأن الصراع ليس صراع سلطة بين المليشيات ولكن صراع من أجل السيطرة على منابع القرار والأموال.
2- إنعاش اقتصادي وذلك بالاستعانة بخبراء دوليين من داخل ليبيا وأجانب لتسير منابع الأموال وبكل شفافية ومهنية حيث الشعب مقهور والفقر طال كل البيوت ولن تستطيع إنشاء دولة والشعب جائع ومقهور وأمواله تسرق أمام عينيه من قبل مجرمين وخونة وعملاء
3- تبني دولة واحدة من الدول دائمة العضوية لهذا واستعمال العصي بدل الجزرة اليابسة التي تلوح بها الأمم المتحدة طوال السبع سنوات الماضية.
4- استبعاد أي حل عسكري داخل طرابلس والبدء في إنشاء جيش ليبي وطني وتفعيل الشرطة في كل مناطق ليبيا.
5- إشراك المليشيات في أي حل سياسي والتعامل معها وجعلهم داخل الصندوق لا خارجه لأنهم يخافون على مستقبلهم ومستقبل من يحاربون معهم ومن أجل حماية أنفسهم.

الصراع مستمر الآن بين المليشيات في غرب ليبيا وبين القبائل في شرقها أم الجنوب فهو مهمش وخارج الصندوق

الصراع مستمر الآن بين المليشيات في غرب ليبيا وبين القبائل في شرقها أم الجنوب فهو مهمش وخارج الصندوق في أي حل سياسي بليبيا. في غرب ليبيا الصراع سيستمر وسيكون عنيف إذا لم يتم اقتناص هذه الفرصة بهذا الاتفاق الهش وبناء اتفاق قوي مفيد للجميع لتجنب الحرب والدمار والجوع والفقر لسكان العاصمة التي سيؤثر على جميع مناطق ليبيا بما فيها شرق ليبيا. أما شرق ليبيا الذي يعتبر خاليا من المليشيات فهو في مكانك سر حيث الحرب توقفت في بنغازي مند سنة ولكن المواطن هناك لا يختلف عن المواطن في غرب ليبيا حيث الفقر والقهر وعدم وضوح الرؤية إلى أين سيأخذهم من قاد هذه الحرب. تسرع حفتر واجتماعه بالقيادات من القبائل والمجتمع هو إشارة بأن القبيلة في شرق ليبيا لها دور وحلت محل المليشيات وهي من ستكبل حفتر ولن تجعله يستمر في خطته.

كذلك رسالة مجلس الأمن بأنه لن يكون هناك حل عسكري بليبيا، فهي رسالة قوية له بأن يبقي حيث هو ولا دخل له بغرب ليبيا وهي رسالة مطمئنة للمليشيات في غرب ليبيا وكذلك للسراج وحكومته الهزيلة. فهل سيقف الصراع؟؟. لن يحدث هذا طالما لن يتم استعمال هذا الاتفاق الهش كنقطة بداية وفرصة ثمينة للعمل من أجل نزع السلاح. ضاعت فرص كبيرة بالسابق ونتمنى أن لا تضيع هذه الفرصة الثمينة.

ليبيا لن تنحني لهؤلاء وحتى وإن كان الشعب جائعا ومنقهرا ومغلوبا على أمره لن يسكت ومن يراهن على الشعب الليبي فهو الرابح.