Atwasat

فبراير ضد فبراير

محمد عبد العزيز الإثنين 12 فبراير 2018, 01:20 مساء
محمد عبد العزيز

إن خروج فبراير كان نتيجة حتمية لتراكمات وتناقضات داخل سبتمبر. بين سبتمبر وطنية صاحبة مشروع دولة أمة حديثة، وسبتمبر ذاتية أصبحت مشروع توريث سلطة. ومن بين فرثها ودمها، كان خروج فبراير، وبدوره تنازعته فبرايران منذ 2012. فبراير وطنية موضوعية قائمة على جيش، وشرطة وسيادة القانون.

وفبراير ذاتية قائمة على سيادة ما يسمى بالثوار أو المسلحين، والتمييز بين مواطنين درجة أولى وهم الفبرايريون

وفبراير ذاتية قائمة على سيادة ما يسمى بالثوار أو المسلحين، والتمييز بين مواطنين درجة أولى وهم الفبرايريون، ودرجة ثانية وهم السبتمبريون. وتمثلت محطات الاشتباك بين المعسكرين طيلة السبع سنوات في النقاط التالية:

1. إجهاض محاولة أفراد من فبراير الوطنية جمع سلاح المحاربين في سبتمبر 2011 . بل ضخ الأموال إليهم حتى تكاثرت المليشيات وأصبحت الحكومات المتعاقبة رهينة لهم.

2. رغم فوز فصيل من فبراير القانونية في 2012، إلا أنهم هددوا بالسلاح إذا تم تنصيب فلان رئيسا للوزراء، وأجبروا على تكوين حكومة توافق عاجزة خطف رئيس وزرائها في اكتوبر 2013، في سابقة من نوعها.

3. قانون العزل السياسي الذي كان انتصارا لفبراير الذاتية نحو تكوين دولة الابارثايد والتمييز العنصري.

4. ضرب مدن وتهجير أخرى، وبدون صيرورة قانونية وتسعير نعرات قبلية كنا في غنى عنها بين الأخوة والجيران.

إن استمرار الجدل بين الفبراريين بدون تدخل زعامة حازمة سيؤدي قطعا إلى أن تصبح فبراير نكبة على ليبيا، لا قدر الله. خاصة إذا انتصر معسكر فبراير الذاتية والذي سيؤدي قطعا لتقسيم ليبيا. فمعيار نجاح الثورات هو أن تؤدي إلى النماء والوحدة، لا أن ترث بلدا موحدا فتقسمه. والمخرج من هذا كله يتمثل في نقطتين:

1. تسوية واقعية لمسألة القيادة العامة للجيش مع الضمان لأشخاصها وتوحيد المؤسسة العسكرية. ومن جهة أخرى تسوية واقعية لمسلحي المنطقة الغربية إما بجمع السلاح الثقيل على الأقل بضمانات، أو توقيع اتفاق بين الحكومة المركزية وبلديات المسلحين بأن تتحول المليشيات إلى قوة دفاع محلي داخل الحدود الإدارية للبلدية وتحت إمرتها في إطار اللامركزية. ولا تتحرك خارج حدودها الإدارية إلا بأمر من القائد الأعلى كقوة مساندة للجيش، وإلا تعد وحدات متمردة تحت طائلة العقوبة وفق قانون العقوبات العسكري.

2. الشق الثاني من التسوية هو توقيع ميثاق وطني يتحول إلى قانون أساسي فيما بعد، توقع عليه البلديات، المجالس الاجتماعية كممثل طبيعي للقوى الاجتماعية، بالإضافة إلى من حضر من قوى سياسية كشهود. ويقوم الميثاق على ثلاثة بنود رئيسة وهي، التداول السلمي على السلطة، والثوابت المتفق عليها، بالإضافة إلى ركن يتعلق بجبر الأضرار وما ينبغي له.

هذه النقاط وغيرها يجب أن تكون من أولويات الرئيس المنتخب القادم الذي يعتبر الأمل الأخير لنسخ فبراير الذاتية وتأسيس فبراير القانونية الوطنية التي يتآخى في ظلها جميع الليبيين. والتي لافرق فيها بين سبتمبري وفبرايري، فهذه مجرد أشهر جعلت لنعرف بها المواقيت، لا الثوابت، وحسبنا من الثوابت شريعتنا السمحة ثم عرف ديارنا الطيبة..

* دكتور علوم سياسية بجامعة فيينا