Atwasat

حديث السكن والألفة.. جوهر الزواج الناجح

حنان عبدالرحيم الأربعاء 31 يناير 2018, 01:53 مساء
حنان عبدالرحيم


 

   انتبهت المؤلفة الصحفية (Francine Klagsbrun) أن ما يقارب نصف مواطني الولايات المتحدة الأمريكية مطلقون، فقامت ببحث ميداني ناقشت خلاله كثيراً من المطلقين والمتزوجين، ثم نشرت سنة 1985 ما توصلت إليه في كتاب عنوانه: الصامدون في عصر الطلاق (Married People: Staying tighter in the Age of Divorce ) لقد اتجهت المؤلفة إلى الطرف الآخر لمعرفة، الذي نجح زواجه، محاولة أن تقدم للقراء ما قد يفيدهم من تلك النجاحات ما يمكن تعلمه من هؤلاء الأزواج الناجحين. اختارت 87 حالة زواج استمرت أكثر 15 عاماً، كانت تُمضي أوقاتاً طويلة معهم. واستمرت الجلسات المشتركة من أربع إلى خمس ساعات، وكثيراً ما كانت هناك مقابلات إضافية مع كل شريك بمفرده. وقدمت رؤية لمن يفكر في الزواج، ورؤى حول كيفية توجيهه ونقله من حالة عاطفية، ورومانسية إلى الثقة الحميمة، والتعامل مع الخوف والقلق، وأكثر من ذلك، الوصول إلى حالة الاحترام، التي تعد من أساسيات دوام الزواج، ونجاحه.

   الاحترام الذي يبدو كأنه كلمة غريبة لم تنص عليها مواثيق الزواج وتضعها بجانب «امتلاك العصمة» أو ما عقد في الأرض عقد في السماء، هو عناصر الزواج الناجح؛ الاحترام سلوك متبادل. ولا يخفى على أحد ما يحققه الاحترام المتبادل من نتائج باهرة بين الجيران فما بالك عندما يتحقق ما بين الزوجين. الكتاب يؤكد أن الاحترام كان عاملاً في الزيجات الناجحة كلها، ويتحدث عنه الأزواج بدرجة أحست معها المؤلفة أنه أساس نجاحها.

   تقول المؤلفة إن الرومانسية كبداية للزواج مخادعة جداً. قد يكون ما أعجبك في البداية، هو الشكل الخارجي، أو الهدوء في الحديث، وروح الفكاهة وخفة الدم. لكن أياً من هذه المميزات منفردة ليست كفيلة بتحقيق زواج ناجح متكامل؛ لأنه في البداية غالباً ما يبعدنا الإعجاب عن الانتباه إلى عيوب الآخر، خصوصاً تداعيات اختلافات وجهات النظر والإصرار عليها. وقد تتضح هذه الاختلافات لاحقاً، لذا فإن التوافق على حقيقة وجودها والعمل على تجنبها أمر غاية في الأهمية إن كان هناك حب حقيقي بين الطرفين.

   بالتأكيد سيكتشف الطرفان اختلافات في الهوايات ويتعين بالضرورة عدم الاستخفاف بها أو السخرية منها، إن أهم مسببات فقدان الاحترام هو إحساس الشريك بترفع وانتقاد المحبب له من هوايات والسخرية منها؛ وتؤكد الدراسات أنه البداية لفقدان الاحترام.

   وقد يبرر أحد الطرفين أن ما يقوم به هو من أجل مصلحة رفيقه، وحتى إن كان الأمر كذلك لا يجوز مطلقاً تنفيذه بعدائية بأي شكل من الأشكال.

   من مسببات الجفوة بين الزوجين هي عدم الموافقة على مقترح أي منهما، ورفضه بجفوة وعنف. عدم الموافقة على مقترح هو حق للطرفين ولكن ينبغي أن ينفذ بلطف، من بعد حسن استماع وتبرير الرفض بمسببات مقنعة. فذلك من شأنه تقوية حالة الاحترام القائمة بين الزوجين.

   الاحترام هو الذي يجعل التطلع إلى المستقبل بعيون الآخر، من دون أن تلغي عيونك المحبة هي ما تجعل المستقبل أكثر بهجة وأمناً وأماناً وهو ما يعد الأهم عند الزوجة تحديداً. ومن الطبيعي أن نتنبه إلى أن أفضل ما يكرم به المحب حبيبته والحبيبة حبيبها هو حالة الاحترام المتصلة في معيشتهما وعلاقتهما بالآخرين، فاحترام أهل الزوجة يعود على الزوج بالاحترام والحال نفسه ينطبق على الزوجة.

   الاحترام هو غاية ما يسعى المرء لتحقيقه لذاته، وهو أيضاً وسيلة لنيل احترام الآخرين. فمن منا لا يعرف أن من تحترمه يبادلك بالتأكيد الاحترام. فاجعلوا الاحترام وسيلتكم لتحقيق غايتكم.