تعتبر التنمية الزراعية خطوة مهمة نحو التنمية الأوسع نطاقًا على مستوى اقتصادات البلدان. فهي أداة فعالة للحد من الفقر، خاصة في المجتمعات النامية؛ حيث تسهم في رفع مستوى الدخل للسكان المحليين. وهي أيضًا الأساس في تحقيق الأمن الغذائي. إضافة إلى ذلك فإن التركيز على زيادة كفاءة الإنتاج الزراعي يسهم بشكل فعال في زيادة الدخل القومي والدخل المحلي. كما أن للقطاع الزراعي تأثيرًا غير مباشر على القطاعات الاقتصادية الأخرى، مثل قطاع الصناعات التحويلية وخدمات النقل والتسويق والخدمات المصرفية وقطاع التجارة الخارجية وغير ذلك.

نرى في بعض المناطق، مثلاً في إقليم "الجبل الأخضر" ذو الطابع الريفي الزراعي؛ أن تطوير الزراعة لم يعد شغلاً شاغلاً لأحد هناك ... بعد أن بدأت الديناصورات الصفراء في جرف الأراضي منتزعة منها الصبغة الزراعية تحت مقولة "أرض جدي" محولة إياها إلى كومة من الإسمنت.

على سبيل المثال؛ يوفر قطاع الزراعة المواد الخام (الأولية) لعدد من الصناعات الغذائية وغير الغذائية، ويعتبر أيضًا سوقًا نشطًا للمنتجات الصناعية مثل الآلات والمعدات الزراعية، بالإضافة إلى الأسمدة والمبيدات وغيرها، والتي يتم إنتاجها من قبل قطاع الصناعة أو استيرادها عبر قطاع التجارة الخارجية.

على الرغم من تجلي هذه الأهمية لمعظم الليبيين ولكن نرى في بعض المناطق، مثلاً في إقليم "الجبل الأخضر" ذو الطابع الريفي الزراعي؛ أن تطوير الزراعة لم يعد شغلاً شاغلاً لأحد هناك، بل إن الحفاظ على المستوى الحالي للإنتاج الزراعي يبدو عملاً شاقًا؛ فالإنتاج يشهد تدهورًا غير مسبوق، بعد أن بدأت الديناصورات الصفراء في جرف الأراضي منتزعة منها الصبغة الزراعية تحت مقولة "أرض جدي" محولة إياها إلى كومة من الإسمنت، لكي تشكل سوقًا تجاريًا أو شققًا للإيجار ممارسة أعلى درجات الاستغلال للباحثين عن السكن من فئة اللاجئين الذين يتدفقون من هنا وهناك بسبب الحرب.

أخشى أن تتحول الزراعة إلى نشاط ترفيهي يمارسه البعض في بضع هكتارات محيطة بالقصور الفخمة، والاستراحات المزخرفة، وتصبح الخضر والفاكهة المستوردة حاضرة الصفرة الليبية؛ حيث يستطيع البعض شراءها ويعجز البعض الآخر في ظل ركض جنوني للأسعار نحو الأعلى. فهل من مغيث للشجرة المثمرة، والحقل المخضب بالخضرة والحظيرة الحاضنة للبقرة الحلوب في مواجهة الإسمنت والكاتربيل؟

------------------------
د. مسعودة بوعروشة
عضو هيئة تدريس بكلية الزراعة، جامعة عمر المختار