Atwasat

تمزقات جيل السبعينيات

عمر أبو القاسم الككلي الإثنين 06 يونيو 2016, 03:21 مساء
عمر أبو القاسم الككلي

يحتل ما اصطلح على تسميته بـ«جيل السبعينيات» من القرن العشرين في الوطن العربي مكانة متميزة، إن لم تكن متفردة.

فهو جيل يتشكل قوامه من مواليد النصف الأول من عقد الخمسينيات من القرن العشرين. أي أنه ولد قريبا من النكبة التي قادت إلى تنصيب installing دولة إسرائيل، وعاش فترة ما بعد الاستعمار، أي استقلال معظم الدول العربية، وترعرع على خطاب وأناشيد حركة التحرر العربية وشعاراتها المجاهرة باستعادة فلسطين والعداء للاستعمار والنهوض من التخلف إلخ، وتربى على تنامي وانتصارات حركات التحرر العالمية ومد الفكر الاشتراكي والقومي.

تعرض هذا الجيل إلى تمزقات حادة وكابد معاناة عسير. جزء كبير منه مثل مَعينا يتغذى منه نظام معمر القذافي في ممارساته الاستبدادية، وجزء أقل حجما بكثير أودع السجون، أو اختار المنافي.

ربما لم يكن وعيه يسمح له بأن تؤثر في وجدانه هزيمة 67 تأثيرا عميقا، بيد أن طموحه انكسر إلى حد كبير، بسبب ما أسفرت عنه حرب 1973 مع إسرائيل التي مثلت انتصارا مبتورا أو، كما عبر صديق شاعر في إحدى قصائده، انتصارا- هزيمة*. إنه انتصار خانق!:

«حين كنتِ تسيرين معي تحت قوس النصر،
حاصرك اختناق»!*
مثلما يقول نفس الشاعر.

وسط هذا الجيل أيضا بدأ يتنامى مد الإسلام السياسي وأخذت تحركاته وميوله العنفية تأخذ منحىً علنيا، خصوصا في الجامعات، مثلما حدث في تونس ومصر وكانت السلطات في البلدين تغض النظر عن هذه الأفعال لأنها وجدت فيه حليفا موضوعيا ضد خصومها من شيوعيين واشتراكيين وقوميين ولبراليين.

في التجربة الليبية تعرض هذا الجيل إلى تمزقات حادة وكابد معاناة عسير. فجزء كبير منه مثل مَعينا يتغذى منه نظام معمر القذافي في ممارساته الاستبدادية، وجزء أقل حجما بكثير أودع السجون، أو اختار المنافي، أو ظل في الداخل منكمشا على نفسه خائفا من أن تبطش به أجهزة أمن النظام المنفلتة من أي قيد قانوني في أية لحظة وعند كل زاوية وبأية تعلة. لقد كان المبدأ الضمني وراء ممارسات النظام أن من أدخل السجن بتهمة تتعلق بأوهى خيط بالسياسة لا يفرج عنه حتى لو ثبتت براءته! يكفي للتدليل على هذا وجود قسم في السجن السياسي يسميه السجناء: «قسم البراءة والمكملين [الذين أنهوا مدة محكوميتهم!]». أما الجزء الأكبر من هذا الجيل فهو، في ظني، ذلك الجزء الذي ظل صامتا ممارسا حياته اليومية بشكل عادي لاجئا إلى نوع من اللا مبالاة.

__________________
* الشاعر الليبي محمد الفقيه صالح