Atwasat

وردة وكسرة خبز وفرو حقيقي

محمد عقيلة العمامي الثلاثاء 15 مارس 2016, 11:00 صباحا
محمد عقيلة العمامي

صباح هذا اليوم 7 مارس 2016 قرأت لصديق تهنئة يقول فيها: "إلى نساء الأرض جميعهن كل عام ًوأنتن الأقوى والأجمل والأكثر عطاء وتسامحا على هذا الكوكب الذي يستمد سلامه منكن. كل عام وأنتن بخير". وأنا مثله أحب النساء: جدة، زوجة، أما، أختا، ابنة، وحفيدة وبالطبع زميلة وصديقة، وهكذا تكون بالنسبة لي أكثر تنوعا وعددا من الصفات التي أجدها في الذكر!.

كل الصفات التي ذكرتها أجدها بالطبع في الذكر باستثناء الزوجة، وعليه يكون للنساء نقطة تمنحها حق التميز عن الذكور.

وأعترف، لجهلي، أنني لم أسمع بعيد للمرأة من قبل. فبحثتُ لأجد أن الدول الشيوعية: الصين وروسيا وكوبا، كانت أول من جعل هذا اليوم عطلة رسمية، ثم لحقت بها الدول التي كانت تسير في فلك هذا النظام. فصارت النساء العاملات يطفئن الروافع العمالقة، والبلدوزرات والقطارات ولا يعملن في يوم عطلتهن هذه، وأنا لم أر في حياتي سيدات يقدن آلات ثقيلة إلاّ في الاتحاد السوفيتي، الشيء الذي انتقده، فيما أذكر، أحد رؤساء فرنسا، فأجابه الزعيم الروسي بدهاء: "إنه شيء رائع أن يعشن بعرق جبينهن وليس بعرق آخر!".

والاحتفال بهذه المناسبة حدث على أثر عقد أول مؤتمر ديمقراطي نسائي في باريس سنة 1945، وإن كان البعض يعيده إلى أول مظاهرة نسائية حدثت سنة 1856 تطالب بتحسين وضع النساء اللاإنساني فقابلته شرطة نيويورك بعنف لاإنساني أيضا، فأعادت النساء التظاهر مرة أخرى يوم 3/8/ 1908 وهن يحملن وردة وكسرة خبز كشعار لمظاهرتهن. وفي سنة 1977 اعتمدت الأمم المتحدة هذا اليوم رمزا لنضال المرأة.

عاملي زوجك مثلما تعاملين كلبك أطعميه ثلاث مرات في اليوم مسدي شعره بود ومحبة بين الفينة والأخرى دلليه بعض الوقت وأطلقي سراحه بعض الوقت

بمقال عنوانه "الحياة لم تعد سهلة" للكاتبة للدكتورة منى فياض نشر في مجلة الدوحة العدد77 - مارس 2014- تثير سؤالا طرحه عالم النفس سيجموند فرويد على صديقته ماري بونابرت، الأرجح في بداية حقبة سنة 1900 وهو: " ماذا تريد المرأة ؟ " وهو كما نرى سؤل (ذكوري) بامتياز، يحيلنا مثلما تقول الدكتورة منى فياض" إلى عالم الأسرار والألغاز والغموض والارتباك أمام كائن لا نفهمه، ولا ندرك كنهه، ألاّ يجعل من المرأة كأنها قارة معتمة أو كائن من كوكب آخر؟".

ولفرويد رأي عن المرأة أشار إليه في كتابه "الحياة الجنسية" خلاصته أن الدونية الفكرية للكثير من النساء، وهي حقيقة غير قابلة للدحض يرجعها إلى الكبت الفكري، وأيضا، إلى حاجات بيولوجية إنسانية أخرى، تُبرز في عمومها أن هذا الكبت صنعه المجتمع الذكوري منذ البداية، وأخذ في تأكيده والعمل على محاصرته وإقراره، بالوسائل كافة، لدرجة أنه أخذ حيزا واسعا منذ ظهور الديانات القديمة، وإن اتضحت تماما في الديانة اليهودية ثم في المسيحية وخفت قليلا في الإسلام، من دون أن نتجاهل أنها مازالت قائمة، ولعل ما نسمعه، حتى الآن، خلال مراسم عقد القرآن، مثل "يملك عصمتها" والتي تعني بوضوح وصراحة أن زوجته صارت من مقتنياته تشير إلى هذه الدونية ولا أظن أن ديننا الذي جعل الاقتران بالزوجة الصالحة سكنا ورحمة، أقر هذه الملكية التي ترجع بالتأكيد إلى تفنن الذكور في تنفيذ سلطتهم وتأكيدها رسميا.

ينبغي أن نأخذ في الاعتبار عقليات القرن الثامن والتاسع عشر، بل وحتى بداية القرن العشرين، حيث عاش فرويد جزءا من نهاية حياته في بدايته- توفى سنة 1939- هذه العقليات التي لم تعترف تماما بقدرات المرأة إلاّ خلال الفترة الممتدة ما بين الحربين العالميتين، وبالتأكيد من بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، لأن الذكور كانوا منهمكين في الحرب، وتركوا النساء وراءهم فخرجن للعمل في مختلف المجالات واثبتن أنهن قادرات على إدارة الحياة واستمرارها.

ومنها بدأن في دحض" الأفكار الشائعة عن دونية المرأة الفكرية وترجيع أسبابها للكبت الجنسي مثلما قال فرويد، الذي قال أيضا: "يا للتقدم الذي نحرزه الآن!. ففي العصور الوسطى كانوا سيحرقونني، أما الآن فهم راضون بحرق كتبي فقط"، ما كان فرويد يجاهد ليؤكده منذ أكثر من مئة سنة، لم يعد يقبله أحد، ولكن مازال في أوروبا من هو مقتنع به، ومع ذلك فالنساء وصلن إلى منصات إقرار القرارات المصيرية من دون أن يرفع أحد لافتة تشير إلى دونية المرأة، صحيح أن هناك من يؤكد، حتى الآن، دونيتها، ولكن ليس للأسباب التي ذكرها فرويد!.

ولقد بحثت هنا وهناك، محاولا أن أعرف كيف تتعامل المرأة مع مثل هذه المواضيع، بمعني كيف ترى رأي فرويد، حتى أنني اتخذت من السؤال الذي طرحته الدكتورة منى فياض في المقالة المشار إليها منطلقا: ماذا يريد الرجل؟ والذي قد تكون إجابته مثلما قالت: أنه "يريدها جميلة، ناعمه، وملتزمة. ومناضلة"، ولكنني اكتشفت أن للمرأة رأيا مضحكا ولكنه منطقي!.

أنقله إليكم لأنه أضحكني فجعل عيد هذا اليوم أكثر بهجة. إنها نصيحة عجوز لابنتها تقول:
عاملي زوجك مثلما تعاملين كلبك: أطعميه ثلاث مرات في اليوم، مسدي شعره، بود ومحبة، بين الفينة والأخرى. دلليه بعض الوقت. وأطلقي سراحه بعض الوقت، واتركيه ينبح مثلما يشاء، لا تضيقي عليه الخناق. لا تزعجيه أو تغضبيه وهو يتناول طعامه. ذلك إن كنت تريدنيه عبدا لك!.

وقالت لها أيضا:
وأعلمي، يا ابنتي، أن الرجال كانوا في العصر الحجري، يصطادون الحيوانات، ويأكلونها ويتركون لنا جلودها، نسلخ منها ما أبقوه لنا من لحومها، ثم نصنع منها ثيابنا. ولا تتصوري أنه تغير، فما زالوا يخرجون كل يوم يكدون، ويكذبون، ويسرقون ليعودوا لنا بما نأكل، وينطلقون بعد القيلولة ليشتروا لنا جلود حيوانات جاهزة لنتباهى بها.

الفرق أن أجدادنا كانوا يفعلون ذلك ليرتاحوا في كهوفهم، أما الآن ليرتاحوا بعيدا عن كهوفهم!.
وكل سنه وأنتن طيبات.. وهم ( طايبون ).