Atwasat

لا يا صديقي.. إنها حس وخبر

محمد عقيلة العمامي الأربعاء 28 مايو 2014, 10:35 صباحا
محمد عقيلة العمامي

كتب الروائي المثقف محمد المغبوب، في صفحة تواصله الاجتماعي، "قفشة متسائلة" تقول: "النخبة الثقافية لا حس ولا خبر" وكأنه يعني أن المثقفين بعيدون عما يدور في مشهد ليبيا السياسي. كثيرون وافقوه، وقلة منهم عقبت على ما قاله؛ من قال إن المثقفين "بائعو كلام" ومنهم من تساءل: "هو فيه نخبة أصلاً؟"، ومنهم من قال: "إنهم في إجازة! (شن) هو القضاء خير منهم؟". أنا لا أتفق أبدًا مع صديقي محمد لأنه يعرف أنه من بداية ثورة 17 فبراير كان للمثقفين دورًا بارزًا، وهو بالتأكيد شاهد على ذلك، قبل، وبعد سقوط طرابلس.

في اليوم نفسه كتب الأستاذ عمر الكدي مقالة شاملة جامعة، ليس بمقدور أحد أن يضيف إليها ما يزيدها توضيحًا عما يدور حول حراك الكرامة، عنوان المقالة "ليبيا بين التجربتين المصرية والسورية" نشرت ببوابة الوسط يوم 26/6/2014م. في يوم واحد أعاد نشرها 13 قارئًا ومنحها إعجابًا 54 قارئًا آخرًا، وهذا مؤشر جيد بعكس امتنان القراء لما ورد بها لأنها في الحقيقة تعكس واقعًا شاملاً مانعًا، ومن دون مواربة.

وفي اليوم نفسه، بالبوابة ذاتها كتب كل من الأستاذ بشير زعبية، والأستاذ محمد الطاهر الحفيان مواضيع تناولت الشأن الليبي. صحيفة ليبيا المستقبل ممتلئة بكتابات واضحة ومفصلة من نخبة ثقافية، وأكاديمية وكلهم يتناولون الشأن الليبي بثقافة واسعة، ناهيك عن تعليقات القراء. هذا الزخم، مدعوم بما تنشره صحفنا الليبية يوميًا بحرفية ومهنية، ناهيك عن إعلاميين كثيرين، لعل المرحوم مفتاح بوزيد كان آخرهم. كلهم، في الحقيقة، يعكسون دور المثقف الليبي، ويؤكدون أهميته وتواجده. ولا أعتقد أنهم تخلفوا عن هذا الدور قبل وبعد ثورة 17 فبراير.

أريد أن أعرف، من وراء طرحي، من السيد المغبوب ومن صديقي الأديب سالم الهنداوي، لكونهما في الخندق نفسه، ولأنهما اتهما لكونهما من المثقفين بأنهما: "لا حس ولا خبر!" وبالطبع من بقية الأخوة: ما هو المطلوب من المثقف الليبي في وضعنا هذا؟ هل يضع "أر. بي. جي" على كتفه ويكتب به؟ أم يقود مظاهرات؟ أم يفخخ سيارات؟ أم يخطف أحدًا ما ويرغم أهله على تنفيذ إرادة المعتصمين، أم يتخذ موقع المستهدف ليفوز بالشهادة، وتخصص له قنواتنا تغطية خاصة ليوم كامل، ثم يصحوا أطفاله في اليوم التالي من دون أغطية؟ ثم إن المجالات، التي ذكرت، وفيما أعتقد أن 80% من مثقفينا لا يقدرون على القيام بأعبائهما، بسبب السكر "شكل الكلمة كيفما تشاء!" وضغط الدم، والركب، والمفاصل، وتيبس الرقبة... والأرق وأشياء كثيرة أخرى، ناهيك عن قناعات هذه الفئة بالحوار، ولا شيء سواه.


أم ترون أن ينضم إلى أية أيديولوجية مهما كان أساسها؟ أم إلى جماعة إسلامية؟ أو لحركة الكرامة؟ أو رئاسة الوزراء؟ أو المؤتمر؟ هل يشتم؟ هل يرجو؟ هل يداهن؟ يكتب حجابات محبه وقبول؟ ماذا؟ ثم لا تنسوا أن كل الذين ذكرتهم ليبيين، وهم شركائي، وشركائكم في حق المواطنة! فما العمل؟ في تقديري لا شيء... لا شيء سوى الكتابة بالصدق واللين والقول الحق، ومحاولة التوفيق بين الأطراف كافة، تمامًا مثلما يفعل الشيوخ والحكماء. أما "صب القاز على النار" ليس من أخلاق المثقف مهما كانت قناعاته، ألم يقل الله في محكم آياته: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" صدق الله العظيم. وختامًا، صديقي محمد، تأكد أن مجرد انتباهك للخطأ، أو اعترافك به لا يعفيك أبدًا من ذنب عدم محاولة إصلاحه، ولو بكلمة طيبة!