Atwasat

عودةُ تحالف القوى الوطنية

أحمد الفيتوري الأربعاء 16 أغسطس 2017, 11:42 صباحا
أحمد الفيتوري

- "الضعيف، المرء الذي لا يعرف سر قوته"
نجيب محفوظ

1-
كنتُ في تونس خلال يومي 1 و2 أغسطس 2017، حيث حضرتُ ندوة أقامها "تحالف القوى الوطنية" الليبي، الذي تقريبا عقد مؤتمره أيضا عبر عدة اجتماعات نوعية، وأعاد تنظيمه، وأعلن ذلك في ذات اللقاء، وبدعوة من التحالف تمكنتُ من المشاركة في الندوة والمتابعة عن كثب لاجتماعاته ومخرجاتها، وقد نُقل جزء من فعاليات اللقاء عبر المحطة التلفزيونية الليبية النشطة "218" لكن ما نقل "نتفةٌ" مما حصل، وما حصل إما لم يُركز عليه ولم ينل حقه أو لم يُنتبه إليه وأحيانا من أصحاب الشأن أيضا، والدليل الدامغ أكثر أن لا صدى لما حدث وهو باختزال مُخل وتبسيط: "عودة تحالف القوى الوطنية " المنظمة السياسية العربية الديمقراطية التي فازت بانتخابات في الربيع العربي، والمنظمة الليبية التي تأسست عقب ثورة فبراير 2011م وباقية حتى الساعة فاعلة بدرجة ما، وبالتالي حين القول بـ "العودة" فكأنما نستذكر القولة الشهيرة "عودة الإبن الضال" أو مثيلها "عودة الوعى".

حين القول بـ "العودة" فكأنما نستذكر القولة الشهيرة "عودة الإبن الضال" أو مثيلها "عودة الوعى"

لكن نضيف: الحق أن العودة أياً كانت فإنها تفوق التوقع من جهة، وأنها تُشير إلى أن هذا الجنين الليبي ولد بروح العنقاء، وإن لم يدرك ذلكم أو لا يريد الكثيرون، وأعيد القول ومن أصحاب الشأن، ووكد ذلكم بأن لا صدى رغم أن الفعل في مستوى تنظيمي عبر عن قوة ظاهرة لقوى التحالف الوطني المدني، ما ظهر على السطح وما اللغو جعل منه فعل ماض ناقص أيضا.

تَمثلَ ما وكدتهُ من عودة ما تجسد في حضور جم، وظهر في مستوى نوعي وكمي مميز وفاعل، سواء في الندوة التي بينت "تحالف القوى الوطنية" كقوي تفعل، وكقوى جاذبة وجامعة، أو حتى في "لوبي" اللقاء الذي تقريبا استمر لثلاثة أيام يعُجُ بشخصيات ليبية مميزة فيها الكثير من الفئات النوعية والفاعلة ومن أغلب جهات البلاد، ومن الشخصيات العربية والأجنبية، ومن هذا وكد "تحالف القوى الوطنية" مُكنة عودة مميزة على الأرض وبقوة نوعية، كشفت أن المحنة كثيرا ما تصقل، وأن القولة الشهيرة المنسوبة لشيخ الشهداء عمر المختار: ما لا يقتُلك يقويك تبان وتتوكد عند ذا الحال.

زخر اللقاء المؤتمر بشكل مكثف وحيوي وبفاعلية غير ضاجة باجتماعات عدة، ومناقشات محدودة ومكثفة للقضايا الأساس التي تخص التحالف وتخص البلاد، وزخر بجمع نوعي، كما يجيدُ الكلام يجيدُ العمل بصمتٍ وبجرأة ووضوح رؤية، وبيّن اللقاء أن القوى الوطنية الديمقراطية الليبية ممكنة وإن لم تجد بعد التمظهر، وأنها كمثلها في ذا الحال والمكان في مجمل عالمنا الخبرة التي تنقصها لا تنزل سلوى ومنَ من السماء بل تتأتى بالفعل ومن الفعل، وهذا ما تجسد في اللقاء حيث انكشف "تحالف القوى الوطنية" ومحالفوه وداعموه كقوة بالفعل، ومنهُ أن القوى الوطنية الليبية كما كل قوى في الزمان والمكان الممثلان تاريخية، وخلاقة، لأنها تخلقت في لحظة مفصلية وصعبة ومن أتون حروب وطنية ودولية، وفي مرحلة تاريخية لا مثيل لها في التاريخ البشري.

2-
اللقاء تم في تونس حيث النجاح الوحيد الممكن للربيع العربي ما وفر مُكنة مثل هذا اللقاء، ومكمن نجاحه أيضا، بعيدا عن حالة الصراع المتفاقمة حيث ممكن التفكر بروية والفعل المتمهل والجدير بالجدوى، تبقي المحصلة أن اللقاء يقول التالي:

القوى الوطنية الديمقراطية الليبية ممكنة وإن لم تجد بعد التمظهر

أولا: قبل كل شيء وبعده بالإمكان أن يحدث ما حدث من لقاء ومن نجاحه.
ثانيا: أن "تحالف القوي الوطنية" كما هو موجود بالقوة ممكن أن يوجد بالفعل، ما تجسد في اللقاء والندوة معا وما تمخض عن اجتماعات، وما تم مسه من قضايا والتفكر في حلول ما هو مستعص من شأن ليبيا، التي هي كما غيرها من دول المنطقة تعيش عصف ما بعد الربيع العربي.
ثالثا: حدث تجمع نوعي وزخم زاخر في لقاء ليبي ومشاركة عربية ودولية في شأن محدد ظن وبعض الظن اثم أنه حدث ليبي طارئ، وبهذا اللقاء تجسد كما العنقاء: "تحالف القوى الوطنية" الليبية.
رابعا: تجسد زخم الحضور في الداعمين والمؤازرين ومن كل حدب وصوب وهو الطريقة، فالحزب في العرف الديمقراطي بناخبيه ينجح وليس بأعضائه الذين مهمتهم الكبرى استقطاب الناخبين أولا وأخيرا.
خامسا: بعد تفكر لأيام عدة وليال من انعقاد وانتهاء لقاء "تحالف القوى الوطنية" أن عودة التحالف ممكنة بالفعل وليس بالقوة فحسب، وأنها أيضا بالإمكان أن تكون عودة أقوى، كل إلى ذلك بما يستطيع سبيلا، لأن اللقاء المفتاح أو بلغو هذه الأيام "خارطة طريق" ليس إلا.
ولنا عودة.