Atwasat

مياه بحيرة تنجانيقا في بوروندي «تتقيأ» وتهجِّر السكان

القاهرة - بوابة الوسط السبت 23 أبريل 2022, 04:22 مساء
WTV_Frequency

تآلفت أميسا إراكوز مع تقلبات بحيرة تنجانيقا التي غالبا ما كانت فيضاناتها تصل إلى حدود منزلها في غاتومبا (شمال غرب بوروندي)، ثم تتراجع، ولم يخطر ببالها يوما أن المياه يمكن أن تهدد أبناءها العشرة.

ولكن عندما عادت ذات يوم من شهر أبريل 2020 من عملها اليومي في الحقول، وجدت منزلها مغمورا بمياه البحيرة التي يرتفع منسوبها بفعل التغير المناخي، وفق «فرانس برس».

وتروي هذه الأم العزباء أنها صرخت يومها «أولادي، أولادي، أولادي!».

وتضيف «جرفت المياه الأطفال بعيدا، لكن أشخاصا يتقنون السباحة انتشلوهم وأعادوهم إليّ سالمين».

- علماء يكشفون تأثير التغير المناخي على حجم النحل

تروي أميسا قصتها وهي موجودة في مخيم كينينيا 2، الواقع على بعد كيلومترات قليلة وراء غاتومبا، ويضم أكثر من 2300 نازح هجَّرتهم الفيضانات. في هذه الخيام البيضاء التي تحمل علامة المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، يحل البرد القارس مساء مكان أشعة الشمس الحارقة نهارا. وتقول ليا نيابندا التي لجأت إلى المخيم هي الأخرى قبل عامين «كنا نزرع (سابقا)، ونقوم بأعمال تعيننا على الاستمرار، ولكن منذ أن انتقلنا إلى هذا المكان، لم نعد نفعل شيئا».

وتقول المرأة البالغة الأربعين، وهي أيضا أم لعشرة أولاد «الحياة بائسة هنا، وتسبب لي الإقامة وقلة الطعام قلقا»، مبدية أسفها لاضطرارها إلى «النوم في مثل هذا المكان» بعدما كانت تقيم في «منزل جميل وكبير».

حي أشباح
توافق ليا على العودة لتفقد منزلها القديم في غاتومبا، وهي مدينة شهدت في العقود الأخيرة توسعا كبيرا، بفضل حركة التجارة مع جمهورية الكونغو الديمقراطية المجاورة. وطال النمو العمراني حتى المناطق المحاذية لمياه البحيرة، حيث نشأت أحياء جديدة، رغم كونها غير قابلة للبناء.

وبات حي موشاشا الذي كانت ليا تقيم فيه مستنقعا نما فيه العشب الطويل حول أذرع البحيرات. أما المنازل التي نجا بعضها بأعجوبة وبقي سليما، فمهجورة بمعظمها، وأصاب الخراب التام قسما كبيرا منها.

وتتذكر ليا وهي تقف أمام كومة من التراب وقطع الخشب «هذا هو المكان الذي كان بيتي قائما فيه». وتضيف «هنا كانت توجد غرفتا نوم، وهناك غرفة ثالثة، وهنالك أخرى، أما هذا الجزء فهو قاعة الاستقبال».

وتقول «أتجنب المجيء إلى هنا تفاديا للشعور بالتوتر».

وموشاشا اليوم أشبه بحي أشباح، إذ لم يبق فيه سوى عدد قليل من السكان، ولم تقتصر الأضرار على المنازل، بل طاولت جوانب أخرى من حياة الحي.

ويشرح جيفري كيرينغا، مدير مكتب بوروندي التابع لمنظمة إنقاذ الطفولة غير الحكومية التي تساعد العائلات النازحة وأولئك الذين آثروا البقاء، أن «الدمار شمل مدارس وأعمالا تجارية.. وثمة أيضا حقول ومحاصيل غمرتها المياه».

ويشكل الأطفال نحو 65% من النازحين من غاتومبا، ولم يعد بإمكان كثر من هؤلاء ارتياد المدارس، وبدأ بعضهم بالعمل للمساهمة في إعالة أسرهم.

ويشير كيرينغا إلى خطورة عمل بعض الأطفال في صيد السمك في مياه البحيرة التي تكثر فيها أفراس النهر والتماسيح، إذ «قد يكونون عرضة لإصابات جسدية» نظرا إلى أن «الحماية غير متوافرة».

ومع بدء موسم الأمطار حاليا في بوروندي، تتوقع منظمة «أنقذوا الأطفال» (Save the Children) تدهور الوضع هذا العام.

بوجمبورا مهددة
وشهدت بوروندي ذات الكثافة السكانية العالية والتي يصنفها البنك الدولي على أنها الأفقر في العالم من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، موجات عدة من الهجرة الجماعية بسبب الصراعات التي مزقتها. أما اليوم، فطبيعة الخطر تغيرت.

وكانت الكوارث الطبيعية سببا لتهجير نحو 85% من بين 113 ألف نازح داخلي، بحسب المنظمة الدولية للهجرة التي تشير إلى أن بوروندي هي واحدة من الدول العشرين الأكثر تأثرا بالتغير المناخي.

ويشير الخبراء إلى أن سجلات الأرصاد الجوية في السنوات الأخيرة تظهر زيادة في كمية الأمطار وحدتها، وخصوصا السيلية منها.

ويوضح وزير البيئة السابق والناشط في الدفاع عن المنظومة البيئية لبحيرة تنجانيقا، ألبير مبونير، أن ارتفاع منسوب المياه يعود إلى تلوث الأنهار التي تصب في تنجانيقا، فضلا عن الارتفاع «الدوري» المعهود تاريخيا في مستويات المياه.

ويهدد هذا التلوث بسد مسار التدفق الوحيد، على الجانب الكونغولي، لثاني أكبر بحيرة في إفريقيا. وفي الواقع، لم تنحسر المياه تقريبا منذ عام 2020.

وإذ يشكو «كل ما يلقى في هذه الأنهار»، ومنها «النفايات الصلبة»، يقول «البحيرة تتقيأ وكأنها تقول (ماذا تريدونني أن أفعل؟)».

وإلى الشرق من غاتومبا، تقع العاصمة الاقتصادية بوجومبورا التي تمتد أحياؤها ومطاعمها وميناؤها ومطارها لتصل إلى محيط البحيرة.

وتغمر المياه بعض الأراضي، وبات نصف الطريق المؤلفة من أربع حارات على طول ضفة البحيرة مقفلا، مما يعكس الخطر الدائم الذي يخيم على أكبر مدينة في بوروندي.

ويقول مبونير إن «أحيانا، عندما نتحدث عن البيئة، يخيل للبعض أننا نروي قصصا خيالية، في حين أن الوقائع باتت ملموسة وقائمة».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
ميكروسوفت ستنشئ بنية تحتية في تايلاند لتعزيز تطوير الذكاء الصناعي
ميكروسوفت ستنشئ بنية تحتية في تايلاند لتعزيز تطوير الذكاء الصناعي
الناطقة الرسمية للشؤون القنصلية في أوكرانيا.. ذكاء صناعي
الناطقة الرسمية للشؤون القنصلية في أوكرانيا.. ذكاء صناعي
فريق علمي بريطاني يعيد تكوين رأس امرأة من عصر البشر البدائيين
فريق علمي بريطاني يعيد تكوين رأس امرأة من عصر البشر البدائيين
الصين تطلق المسبار «تشانغي 6» في إطار برنامجها لاستكشاف القمر
الصين تطلق المسبار «تشانغي 6» في إطار برنامجها لاستكشاف القمر
«كشافة فزان» يتحصل على الترتيب الرابع في البطولة العربية الـ15 للروبوتات
«كشافة فزان» يتحصل على الترتيب الرابع في البطولة العربية الـ15 ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم