Atwasat

بدافع الحب: لاجئ غامبي في إيطاليا يتبرع بأعضائه وينقذ حياة آخرين

القاهرة - بوابة الوسط الخميس 01 فبراير 2024, 10:06 مساء
WTV_Frequency

وصل كيبيس سيكا، المعروف لدى أصدقائه باسم كيبا، مع ابن عمه إبريما إلى ميناء بوزالو في صقلية في 25 يونيو 2016 قادماً من غامبيا عبر ليبيا والبحر الأبيض المتوسط.

بمجرد حصوله على  تصريح للإقامة في إيطاليا وعلى بطاقة هويته في مدينة فيتوريا بالقرب من راغوزا، قرر سيكا تسجيل اسمه في قائمة الراغبين في التبرع بأعضائهم ويكون واحدا منهم، وفقا لموقع «مهاجر نيوز».

 جاءت وفاته في وقت أقرب بكثير مما توقعه أي شخص. كان سيكا يبلغ من العمر 23 عامًا فقط عندما توفي نتيجة حادث دراجة نارية في 6 ديسمبر العام الماضي. كان كيبا قد استعار الدراجة من صديق له وعائداً إلى منزله في «كيارامونتي غلفي« عندما صدمته سيارة.

ندوة علمية للتشجيع على التبرع بالأعضاء في زليتن
رغم التطور بعمليات زرع الأعضاء.. لا تزال بعضها مستحيلة
العاملون في قطاع السياحة في غامبيا يطلبون المساعدة

بقي الشاب يصارع الموت قرابة أسبوع في المستشفى في كانيزارو، لكنه توفي في 13 ديسمبر 2023.

عشق كرة القدم ومساعدة الآخرين
كيث عبدالحفيظ، إمام محلي من ميناء كاتانيا الصقلي، جاء إلى المستشفى للصلاة على سيكا. وفقًا للإمام، كان سيكا أول متبرع بالأعضاء من اللاجئين  في إيطاليا. قال الإمام: يقول الله في القرآن «وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً».

قبل وفاته، عمل سيكا كوسيط ثقافي مع جمعية (Fo.co) التعاونية في كيارامونتي غلفي. 
يتذكر ابن عمه إبريما أنه كان يحب كرة القدم ولعب مع فريق فيتوريا. وقال إبريما في نهاية جنازة سيكا: «كان لقبه لامبارد، نسبة إلى لاعب خط الوسط الإنجليزي المعروف فرانك لامبارد».

مساعدة  المهاجرين  الذين اتبعوا طرقًا مشابهة لطريق الهجرة الذي سلكه قبل سنوات، كانت جزء من عمل سيكا. تعلم اللغة الإيطالية وكان محبوبا بين أقرانه. ويبدو أن هذه الرغبة في المساعدة كانت قوية في حياته.

وقال أليساندرو برولو، أحد زملائه، إن سيكا كان مصمماً على أن تساعد أعضاؤه الآخرين حتى بعد وفاته: «خلال الوقت الذي قضيناه معًا، أخبرني عن وصيته، وبدا سعيدًا للغاية بقراره».

عمل بدافع الحب
عندما توفي سيكا، جرى إبلاغ سافينو بوراتشينو رئيس قسم التخدير والعناية المركزة في مستشفى كانيزارو، بقراره. يقول بوراتشينو: «لقد كان عملاً من أعمال الحب».

ساعدت لفتة سيكا الإنسانية في إنقاذ العديد من الأرواح في إيطاليا. جرى التبرع بكبده لامرأة حامل تعاني من مرض كبدي قد يكون مميتًا، وذهبت معدته إلى مريض في شمال إيطاليا، في منطقة بيدمونت الجبلية، بينما ساعد قلبه في إنقاذ شاب في عاصمة صقلية باليرمو. كما ساعدت كليتا سيكا مريضًا في صقلية أيضاً، وذهبت قرنيته إلى مؤسسة بنك العيون الوطني في المنطقة الشمالية الشرقية من فينيتو.

مساعدة عائلته ومواطنيه
|بعد وفاته، قرر زملاء سيكا جمع الأموال للمساعدة في إعادة جثمانه إلى غامبيا. وقالت دوناتا ستراكواديني، رئيسة التعاونية: «كان هدفنا الوصول إلى 5500 يورو، لكن التبرعات من الناس كانت أكبر مما توقعنا». وأضافت: «الناس في راغوزا، وكذلك الناس من جميع أنحاء إيطاليا يعرفون سيكا. سنستخدم باقي المبلغ لدعم عائلته».

قبل وفاته، كان سيكا يرسل الأموال بانتظام إلى والدته في بانغول. وأوضح صديقه أليساندرو برولو أنه كان يساعد شقيقيه الصغيرين، وخاصة أخته البالغة من العمر 17 عامًا، والتي تحلم بأن تصبح مهندسة.

في الصيف الماضي، وبعد سنوات من الغياب، تمكن سيكا من العودة إلى بانغول كجزء من عمله مع التعاونية. وقال برولو الذي التقى أيضا بأسرة سيكا في العاصمة الغامبية «لقد كانت لحظة لا تنسى».

عمل سيكا مع المؤسسة التعاونية لإنشاء مشروع اقتصادي يسمى  «الشباب في غامبيا» يهدف إلى المساعدة في خلق المزيد من فرص العمل  في وطنه، وتقديم بديل لأولئك الذين يرغبون في الهجرة بحثًا عن عمل وحياة أفضل.

وقال إبريما، ابن عم سيكا: «لم يكن كيبا ابن عمي فحسب، بل كان أعز أصدقائي وكان هو الشخص الذي أنقذني عندما سافرنا من ليبيا إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، كما أمضينا بعض اللحظات الرهيبة معًا في السجون الليبية».

طقوس الوداع الأخيرة
ساعد إبريما وصديق آخر، الإمام كيث عبدالحفيظ، في غسل جسد الشاب كجزء من الطقوس الإسلامية قبل جنازته، وقال الإمام عبدالحفيظ إنه تأثر بشكل خاص بتصميم سيكا على التبرع بأعضائه: «لقد تأثرت بهذه اللفتة بشكل خاص لأنه كان صغيرًا جدًا عندما اتخذ هذا القرار المهم. ثقافة العطاء مهمة جدًا في الإسلام وهذا شيء مشترك بيننا وبين الكاثوليك. إن التبرع ومساعدة الناس  والأعمال الخيرية هي نقطة ارتكاز لكل دين «إن التبرع بالأعضاء هو عمل إنساني نابع من الحب».

قال عبدالحفيظ إنه والعديد من الأشخاص الآخرين ركزوا في المجتمع الإسلامي على شرح أهمية الاشتراك في برامج مثل التبرع بالأعضاء والدم.

يأمل الإمام أن يوجه رسالة إلى السياسيين الإيطاليين والمجتمع الأوسع أيضًا. وقال عبدالحفيظ: «إن العمل النابع من الحب الذي قام به سيكا هو أيضًا رسالة للسياسيين الإيطاليين الذين قد يرغبون في  استغلال المهاجرين  لتحقيق أهدافهم السياسية الخاصة».

وبينما كان الإمام يصلي على الجنازة، أدى بعض زملاء سيكا الإيطاليين صلواتهم المسيحية. وفي الغرفة ترددت أصوات الصلاة الإسلامية فيما تواجد تمثال صغير للسيدة مريم العذراء.

مع انتهاء صلاة الجنازة ظهر شعاع متلألئ من ضوء الشمس يداعب جثمان سيكا عبر النافذة. من هناك، جرى نقل جثمان سيكا إلى المطار في رحلته الأخيرة للعودة إلى غامبيا.

ومن مطار فونتاناروسا عند سفح جبل إتنا، وليس بعيداً عن المكان الذي عاش وعمل فيه سيكا، جرى نقل الشاب جواً إلى  روما  ثم إلى العاصمة الغامبية بانغول لتحقيق الرغبة الأخيرة له ولعائلته وهي أن يدفن في أرض بلاده.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«انبعاثات الوقود الأحفوري» وراء فيضانات الإمارات وعُمان
«انبعاثات الوقود الأحفوري» وراء فيضانات الإمارات وعُمان
الجثث «المحنطة طبيعيا» بعد عشرات السنوات من الوفاة.. ظاهرة غامضة في بلدة كولومبية
الجثث «المحنطة طبيعيا» بعد عشرات السنوات من الوفاة.. ظاهرة غامضة ...
البيرو أنشأت محمية طبيعية بحرية على الحدود مع الإكوادور
البيرو أنشأت محمية طبيعية بحرية على الحدود مع الإكوادور
تصريح مسؤول بمدينة بالقرب من جبل فوجي
تصريح مسؤول بمدينة بالقرب من جبل فوجي
مكسيكي ينتصر على «كارتييه» ويتسلم أقراطًا بسعر زهيد
مكسيكي ينتصر على «كارتييه» ويتسلم أقراطًا بسعر زهيد
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم