انطلقت مبادرة «قمة الأمل» في فرنسا، للاحتفاء بـ«حياة ثانية وُفِّرت لناجين من السرطان». وللمرة الأولى ضمن هذه المبادرة، يحضر فرنسيون إلى المكسيك، بعدما زار أربعة مكسيكيين جبال الألب في يوليو.

ونقلت وكالة «فرانس برس» أن المغامرة تنطلق بليلة تكيّف على ارتفاع 4200 متر، ثم بالمشي ست ساعات على مسارات شديدة الانحدار، تخترقها أحجار بركانية، مع وجود كمية من الثلوج في بعض الأماكن.

وتستعدّ الشابة خيمينا مع نحو خمسة عشر مكسيكياً وفرنسياً، نَجَوا على غرارها من مرض السرطان، لتسلّق بيكو دي أوريزابا (5610 أمتار)، أعلى جبل في المكسيك، مستخدمين عكازات. وتقول خيمينا، في أثناء وجودها على سفح بيكو دي أوريزابا، إنّ الجبال هي بمثابة علاج.

- لقاح الورم الحليمي للفتيان والفتيات للقضاء على «السرطان»
- علماء يكتشفون مفتاح القضاء على الخلايا السرطانية

وتمثل هذه التضاريس التحدّي الأول لخيمينا (22 عاماً)، وإريكا (23 عاماً)، وفرناندو (18 عاماً) الذين سيستخدمون عكازات في تسلّق الجبل، وديفيد (30 عاماً) المزوّد بطرف صناعي تحت ركبته اليسرى.

وتقول خيمينا غوتيريس، التي بُتر أحد أطرافها قبل بلوغها 15 عاماً نتيجة إصابتها بساركوما عظمية (سرطان العظام لدى الشباب): «أفاجئ نفسي بما أستطيع إنجازه».

وتضيف فنانة المكياج التي سبق أن تسلّقت الجبل البركاني في العام الماضي: «تسلق الجبل يجعلني أتجاوز الحدود، وما كنت أتوقّع عن نفسي».

تحدي هواة تسلّق الجبال
وتصل المجموعة إلى المخيّم الرئيسي على علوّ 4900 متر عند سفح الجبل الجليدي الذي يظهر ظله في السماء عند الغسق. وقد نصب أعضاء من مجموعة «شيربا» خياماً على سطح صخري يطلّ على طبقة من السحب.

وتقول الطالبة كارلا بوهيم (19 عاماً) التي أتت من منطقة فرانش كونتيه في شرق فرنسا: «الأمر مشابه لمحاربتنا المرض، إذ نقاتله حتى النهاية، وتتخلل الرحلة مصاعب وانفراجات». وقبل أربعة أيام من سفرها إلى المكسيك، أوضح الأطباء لها أن سرطان البلعوم الأنفي، الذي شُخّصت به عندما كانت في التاسعة، عاودها للمرة الثالثة.

وتضيف الشابة، التي على غرار البعض لن تُكمل حتى القمة، بل ستكتفي بوصولها إلى ارتفاع 4900 متر: «قلت لنفسي لن آبه بما قاله الأطباء، وسأحضر إلى المكسيك على أي حال. سأستفيد من المبادرة على أكمل وجه»، متابعةً: «خلال وجودي هنا، يبحث الأطباء عمّا يمكن أن يقدّموه لي كعلاج مستهدف عندما أعود».

أما الراغبون في تسلّق الجبل حتى القمة، فتنتهي ليلتهم القصيرة الباردة داخل أكياس النوم عند الواحدة صباحاً، حين يتعيّن عليهم تجهيز أنفسهم لتسلّق مزيد من الارتفاعات.

ويمثل تسلّق القمة تحدياً لهواة تسلّق الجبال، إذ يجمع حبل أربعة أشخاص ومرشد، مع اعتمادهم على أحزمة وعصي، فضلاً عن مواجهتهم صعوبات في التنفس على ارتفاع 5300 متر، ومنحدر من 35 درجة.

القوة في الوصول إلى القمة
وسيصل إلى القمة، بعد خمس إلى سبع ساعات من الجهد، نحو عشرة أشخاص، بينهم خيمينا وإريكا وفرناندو برفقة مرشدهم.

وتقول خيمينا مبتسمةً: «أشعر بأنني قوية»، في وقت تتأمل فيه المناظر الطبيعية التي تتخللها جبال بركانية أخرى في الأفق، هي: مالينش (4105 أمتار)، وإزتاشيهواتل (5201 متر)، وبوبوكاتيبيتل (5419 متراً)، وهو الوحيد النشط على ما يتبيّن من خلال عمود دخان يتصاعد منه.

وتؤكد الطالبة في مجال السياحة: «أنا محظوظة، لأنني اختبرت أمورا عجز كثيرون عن تجربتها».

أما المنظّم ماتيو دورنييه فكان يحمل صورة اثنتين من شقيقاته الثلاث، إميلي وفاليري، اللتين توفيتا بسرطان الدم في ثمانينات القرن العشرين وتسعيناته.

قمة الأمل انطلقت قبل 30 سنة في فرنسا
ويقول الرجل الفرنسي الذي يقيم في المكسيك، حيث أطلق ماركة للمنتجات العضوية: «مبادرة قمة الأمل انطلقت قبل 30 سنة في فرنسا».

ويضيف الأربعيني الذي ترافقه أخته الثالثة بولين: «عندما انتكست إحدى أخواتي للمرة الثانية قال لها والدي عندما تتعافين ستتسلقين جبل مون بلان».

وتوفر جمعية «سومون ليسبوار» (لنزرع الأمل) منذ العام 1994 دعماً للشباب الذين يواجهون مرض السرطان حتى يتسلّقوا القمم.

ويواصل ماتيو وبولين، بعد وفاة والدهما العام 2022، مغامرة «القمم» على ضفتي المحيط الأطلسي، لمنح الناجين من السرطان فرصة تجاوز ما عانوه.

وقد افترق أعضاء مجموعة الناجين الفرنسيين والمكسيكيين، الأحد الماضي، حاملين معهم ذكريات ومشاعر مشتركة. وكتب لهم ماتيو في رسالة شكر: « لقد فزنا بمعارك وخسرنا أخرى، وسيستمر النضال».